قضية مقتل سوزان تميم شخّصت حالة مصر، ما بين أوضاع الحكومة والقضاء ورجال الأعمال وحتى الشعب.. ورغم قرار المستشار المحمدى قنصوة بحظر النشر، فإن هذه القضية تناثرت حولها شائعات كثيرة طالت رموزاً كبيرة وصغيرة داخل النظام، بل إن البعض استغلها للتشهير بالحكومة والحزب الحاكم، للدرجة التى توقع الكثيرون براءة هشام طلعت مصطفى عبر ضغوط حكومية، وعندما لم يحدث وتمت إحالة أوراقه للمفتى، فمازال الحديث مستمراً إما عن ضغوط حكومية لتبرئته فى النقض، أو عن تفسيرات مختلفة عن قيام الحكومة برفع يدها عنه. الشائعات فى قضية هشام طلعت مصطفى وصلت إلى حد اختلاق علاقة قرابة عائلية بينه وبين جمال مبارك، أمين السياسات بالحزب الوطنى، والتأكيد على أن هشام رجل أمانة السياسات القوى، رغم أنه مجرد عضو بها لم يشارك فى معظم اجتماعاتها، وهذا ليس معناه عدم امتلاكه نفوذاً سياسياً لكن هذا النفوذ حققه هشام من خلال علاقات غير تنظيمية مع مسؤولين كبار فى الحكومة المصرية.. كما ثارت شائعات أخرى عن دور غامض لأحمد عز، أمين تنظيم الحزب الوطنى، فى القضية، وتم نسج هذه الشائعة على اعتبار أن عز يصنع الحديد وهشام يعمل فى المقاولات، بينما لم يرد اسم عز فى تحقيقات المحكمة نهائياً، بل إن هشام اتهم شركة «داماك» خلال تحقيقات النيابة.. هذا بالإضافة إلى شائعات أخرى حول التنسيق المصرى الإماراتى الحكومى فى هذه القضية. المهم أن أحداً ممن أطلقوا هذه الشائعات اعتذر عنها بعد إعلان قرار المحكمة، أو أن أحداً تراجع عن نظريات المؤامرة التى أصبحت تسيطر على كل الأحداث.. وبالطبع فهم معذورون لأن الحكومة تعمل على التعتيم وترفض الشفافية، لدرجة أن عقد هشام طلعت مصطفى مع وزارة الإسكان حول مشروع «مدينتى» لم ينشر إلا بعد القضية حيث طلبته المحكمة.. كما أن هشام ظهر فى أكبر برنامجين بالتليفزيون المصرى، «صباح الخير يا مصر» و«البيت بيتك»، فور عودته من فرنسا بعد انتشار خبر تورطه فى قضية مقتل المطربة سوزان تميم، ولم يقف الأمر عند ذلك، بل إن وزيراً اتصل بمسؤولين فى برنامج يومى على قناة فضائية خاصة أثناء تناوله قضية هشام طلعت مصطفى، مطالباً بإيقاف هذا الموضوع، بحجة أنه يمس الاقتصاد المصرى ويؤثر على البورصة.. حتى بعد أن صدر قرار القاضى المحمدى قنصوة - الذى لولا أنى أؤمن بأن القاضى لا يمدح ولا يذم لكتبت كلاماً كثيراً يستحقه - بإحالة أوراق هشام والسكرى إلى فضيلة المفتى، استضاف برنامج البيت بيتك فريد الديب، محامى هشام طلعت مصطفى، دون بقية أطراف القضية فى حوار طويل أعاد خلاله محاكمة رجل الأعمال الشهير من طرف واحد أمام الرأى العام، فى سابقة تحدث لأول مرة بالتليفزيون المصرى. ** أخيراً.. نحن أمام سيناريوهين، الأول: أن الحكومة تتدخل فى هذه القضية عبر بعض مسؤوليها، وتصمم على براءة هشام طلعت مصطفى وهذه مصيبة، والثانى: أن الحكومة، ونظامها السياسى، ترفض التدخل فى القضية، وتترك تحديد مصير هشام طلعت مصطفى للقضاء، لكن بعض المسؤولين ممن لهم مصالح خاصة يعبثون ويستغلون نفوذهم، وهذه مصيبة أكبر، لأنها تعنى أننا أمام عدة حكومات أو أنها لا تدرى على أساس أن كل مسؤول يبحث عن مصالحه، أو أن الحكومة مضحوك عليها!!