لا أدرى سر هذا التخاصم والتشاحن بين المبدعين والإسلاميين وكأنهما على طرفى نقيض، وكأن الإسلام يقتل الإبداع، أو أن المبدع يكره الإسلام، حتى إننا نشأنا وترعرعنا على رحى المعارك بين جاهين والغزالى، بين إدريس والشعراوى، بين كثير من المبدعين وحركة الإخوان المسلمين، بين عمرو خالد ومفيد فوزى.. إلخ..إلخ.. والقائمة لا تنتهى!! والسؤال لمصلحة من هذا التناحر والتجافى والتخاصم.. هل لمصلحة الوطن؟ فمن أتهمه أنا المعجب المفتون بكل من ذكرتهم! من أتهمه بخيانة الوطن؟!.. من منهم يكره الوطن؟.. الإخوان يكرهون مصر وهم من ضحوا بدمائهم وأموالهم فى القناة؟! أم صلاح جاهين كاتب أحلى الأغانى فى حب مصر!!.. الغزالى يكره مصر وهو من وقف عارى الصدر يواجه الإرهاب؟! أم يوسف إدريس (تشيكوف مصر) كما يعرف؟! إنه التيه العظيم الذى يلقينا هذا الصراع على أبوابه فنكتوى وننصهر فى أتونه، والنتيجة أننا نعيش الواقع المر فى هذا السواد الحالك الذى يكفن كل معنى جميل كل تقدم كل خطوة على طريق النور.. خطاب الإسلاميين عنيف تجاه المبدعين، والمبدعون فى المقابل لا يريدون لشططهم سقفا، وبين هذا وذاك دارت رحى المعارك ودقت طبول الحرب.. بعد أن تستثنى من المعادلة غلاة المتطرفين من المكفرين لكل من يخالفهم الرأى، وأيضا غلاة العلمانيين الذين يرون فى الإسلام دينا للمتخلفين، وأن الدنيا قد تجاوزته بأزمان، بعيدا عن هذا وذاك نستطيع أن نصل إلى كلمة سواء.. فهذا التخاصم والتناحر بين الفريقين هو البيئة المناسبة لترعرع الديكتاتورية والسلطوية، فنزاهة الانتخابات تعنى الإسلاميين، والإسلاميون تعنى انغلاقاً وقتلاً للإبداع، فلتشحن كل ماكينات الإبداع ضد الخطر القابع خلف اللحى، والمعلق فى حبال المسابح، ويبدأ السجال، وتستمر ماكينة التزوير تعمل وتعمل، ولا عزاء للشعب المجيد المغلوب على أمره، المهزوم من أبنائه قبل أعدائه! هناك من المبدعين من حافظ على المسافة الرائعة بين الإبداع والشطط، على سبيل المثال لا الحصر (فاروق جويدة، أحمد بهجت، الراحل مجدى مهنا والشاعر عبدالرحمن القرضاوى إلخ..). كما أن هناك من الإسلاميين من يبدى الاحترام التام للإبداع (فضيلة شيخ الأزهر، وفضيلة مفتى الديار المصرية، والدكتور عبدالمنعم أبوالفتوح فى زيارته الشهيرة لأديب نوبل إلخ.) لابد من عودة الحوار الهادئ البناء بين الطرفين لمصلحة هذا البلد. زمالة أمراض باطنة[email protected]