لم تكن الاحتفالات التي عمت مدن الضفة الغربية وقطاع غزة ب«عيد» التصويت على قبول فلسطين دولة مراقب في الأممالمتحدة، لتقنع الكثير من الفلسطينيين بأهمية الخطوة أو عظمتها، فعلى العكس تماما، بدى الرفض و القهر السمة الطاغية على تعليقات الكثيرين ممن فضلوا المكوث في منازلهم. يرتكز معارضو هذه الخطوة على أن هذه «الدولة» لا تمثل سوى 22 % فقط من أراضي فلسطين وتسيطر السلطة فعليا على أقل من 7 % منها. كما يرون أن هذه الخطوة تمثل «اعترافا عريضا بدويلة مسخ» في ظل إحكام قبضة الاحتلال على مدنها وقراها، وفي مقدمتها القدسالمحتلة، التي كانت الغائب الأكبر في هذه الاحتفالات. وعلى صفحات «فيسبوك»، تحتوي تعليقات النشطاء على الكثير من السخرية والمرارة، ويقول الكاتب والباحث الفلسطيني سعيد الحاج إن قبول فلسطين كعضو مراقب في الأممالمتحدة، «لا يضيف شيئًا لأن منظمة التحرير بالأصل لها صفة مراقب». الخطوة تلغي منظمة التحرير كعضو مراقب.. وتحول الملف لقضية حدود متنازع عليها أما الأخطر من وجهة نظره فهو أن قبول «فلسطين» سيلغي كون «المنظمة» عضوا مراقبا، وهي التي تمثل كل الشعب الفلسطيني، بينما الدولة المقبولة دوليا سقفها الأعلى هو حدود 1967، وبالتالي سيسقط تمثيل اللاجئين، وتتحول القضية الفلسطينية إلى قضية حدود متنازع عليها بين دولتين جارتين. وفي حديث ل«المصري اليوم» مع الناشط الشبابي والكاتب عباد يحيى، قال «هذه الخطوة لن تغير الكثير، فالمستوطنات باقية وجيش الاحتلال في مواقعه، وستواصل السلطة احتفالاتها داخل المدن التي تشكل ما لا يزيد عن 7% من ال 22% من فلسطين التاريخية». وتابع يحيى: «هدف السلطة عبر هذا المسار هو تبرير بقائها وادعاء تحقيق إنجاز للشعب الفلسطيني. السلطة تريد الإبقاء على نفسها كفاعل وصاحب خطوات ومبادرات وكطرف لديه أوراق قوة ولو وهمية». واعتبر البعض أن هذه الخطوة ما هي إلا تكريسا لدولة «معازل» و«كانتونات» كما أرادتها إسرائيل. ويقول المحاضر في قسم الجغرافيا سائد أبو حجلة: «مبروك دولة البانتوستانت المحتلة.. مبروك دولة المعازل.. مبروك علينا جدار الفصل العنصري و200 مستوطنة و550,000 مستوطن في الضفة الغربيةوالقدسالشرقية، بعد 19 سنة من اتفاق أوسلو ومفاوضاته الهزلية». وتابع في تعليق كتبه على حسابه في صفحة «فيسبوك»: «مبروك علينا الدولة السجن والاعتراف بشرعية وجود الكيان الصهيوني على 78٪ من أرض فلسطين». العمري: السلطة شوهت وعي الجماهير وروجت لانتصار وهمي! وطال تلك الانتقادات حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، الغريمة الرئيسية لحركة التحرير الفلسطيني (فتح)، والتي رغم ذلك باركت هذه الخطوة ودعمتها، رغم أن الطلب الذي تقدمت به السلطة يقوم على أساس المفاوضات و«الرباعية الدولية»، وهو ما يناقض نهج ومواقف «حماس». وتقول الناشطة الشبابية مروة العمري في حديث ل«المصري اليوم»: «الطلب يتضمن حرفيا ما يلي: تؤكد عزمها على المساهمة في إحقاق حقوق الشعب الفلسطيني غير القابلة للتصرف والتوصل إلى تسوية سلمية في الشرق الأوسط تنهي الاحتلال الذي بدأ في عام 1967 و تحقق رؤية الدولتين». وأضافت «ذلك يعني قبول حركة حماس ضمنيا التخلي عن فلسطين التاريخية المحتلة عام 1948». واعتبرت العمري أن السلطة تحاول «تشويه وعي» الشارع الفلسطيني و«خديعته» بما وصفته «انتصار وهمي» لن يكون له تأثير على أرض الواقع سوى مزيدا من التنازلات لتحسين شروط التفاوض مع الاحتلال، على حد قولها.