بقلم: رامي حسن شحاته تطاردني الأفكار كل يوم وكأنها جنيات شريرة تريد أن تقتحم عقلي و تنهش لحمي وتمتص دمي وتشبعني صراخا و عويلا ولا تريد أن تبتعد عني و تصر إصرارا غريبا على أن تلتحم مع بعضها لتكون لوحة سوداء عقيمة ترسمها يد الظلم منذ بدء البشر في حكم البشر فتقوى في إلتحامها وأشعر أنا بالقشعريرة تتراقص هذه الأفكار الملعونة أمامي وكل منها تحمل رمحا لونه مشتق من لعنتها فأبتعد هربا فتلاحقني طعنا وضربا أصرخ: لماذا لا تتركيني و شأني ؟! فترد علي متهكمه: نحن شأنك...! أنت منا ونحن منك فلما تريد الهرب و تخوننا يا مدعي البصيرة (متحدثا لنفسي) : أخونها كيف أخونها ؟! فتجيب علي وكأنها تقرأ ما يدور في عقلي : إذا التزمت الصمت فأنت خائن لنا فإذا أردت النجاة منا فعليك توصيل الأمانة و إلا قتلناك جزاء الخيانة أصرخ بلا صوت وأشعر أن السماء قد انطبقت على الأرض : ماذا سوف أفعل ؟ فأنا محاصر بين خيارين كلاهما في مر العلقم الأفكار الملعونة تطاردني و الزبانية عند الفجر تطلبني يا أيتها الأفكار اللعينة : أما علمت بأن الصمت عندنا صار فضيلة بأن الكلام المباح لدينا هو كلام السكارى أو ماسحي جوخ القبيلة أو كلام العاهرات خلف أبواب الحانات القديمة وصار الكل يسمع فقط .. الكل تحول إلى أذن كبيرة لقد خرست الألسن أو أخرست فانقرضت لأنها لم تستخدم لفترات طويلة وظلوا يمارسون الصمت أمام كل قهر حتى سقطت ألسنهم في حفرة عميقة تلك هي قوانين الطبيعة فأصبح الكلام جناية أصبح الكلام نخاسة أصبح الكلام رذيلة فمات الرجال كمدا وجئنا مكانهم بذوي الآذان الطويلة لأننا وجدنا لها فوائد عديدة إحداها أنها تتجسس على الأفكار اللعينة والأخرى تخبر عن نوعنا المعروف منذ بدء الخليقة فكيف تطلبن توصيل الأمانة ؟! ولمن أعطيها ؟! فالقوم مشغولون في ارتكاب الخطيئة يبدوا لهم من بغيهم أنهم أطهر مخلوقات على وجه البسيطة أنهم أعدل من جاء وحكم القبيلة أنهم أرق قلبا وقالبا وأننا سبب المصيبة وأنا كلما فتحت فمي ألقمني الجلاد حجرا لأعود داخل الحظيرة ثم لمن سوف تصل الامانة؟! والكل قد راح في النوم من تعب وكد بعد سلخ الذبيحة عذرا أفكاري اللعينة حان وقت الانصراف فالجلاد يناديني من أجل وصلة تعذيب جديدة