ياللعار!

قرأت فى «أخبار الأدب» الأسبوعية، أمس الأول، أن رئيس الهيئة العامة لقصور الثقافة قرر استبعاد الكاتب علاء الديب من مهمة المستشار الأدبى لجريدة «القاهرة» الأسبوعية، وذلك توفيراً للأجر الذى يحصل عليه، وقدره ألفان وخمسمائة جنيه فى الشهر، وقال رئيس الهيئة إن هناك أدباء من موظفى الهيئة يستطيعون القيام بهذا العمل، وبالتالى فما يحصل عليه علاء الديب «إهدار للمال العام»!
وكانت مسؤولية إصدار جريدة «القاهرة» قد انتقلت منذ أسابيع من مكتب وزير الثقافة إلى الهيئة العامة لقصور الثقافة. ومن المعروف أن علاء الديب من كبار الأدباء ونقاد الأدب فى مصر، ومن أعلام الثقافة المصرية القلائل الذين أسهموا فى بناء هذه الثقافة فى عصرنا، ولا تكفى صفحة كاملة من الجريدة لذكر مآثره وأفضاله روائياً مبدعاً ومترجماً نموذجياً وناقداً بصيراً، يكشف أغوار الكتب بإيجاز وعمق وصفاء مطلق.
«عصير الكتب»، وهو عنوان المقال الأسبوعى لكاتبنا، من أهم أبواب الصحافة الأدبية العربية منذ عقود. وقد بدأه علاء الديب فى مجلة «صباح الخير» ثم انتقل إلى جريدة «القاهرة» منذ عددها الأول. وفى كل أسبوع يقدم قراءة لكتاب جديد. وتعتبر مقالات هذا الباب «موسوعة» كاملة لا مثيل لها عن الأدب العربى، أو بالأحرى عن جواهره الأصيلة الباقية.
والعار المقصود فى عنوان هذا المقال ليس استبعاد علاء الديب من جريدة «القاهرة» فى عهدها الجديد، وإنما هذا المبلغ الذى يحصل عليه، سواء عن مقاله الأسبوعى أو عن عمله كمستشار أدبى للجريدة، فقد كنت أتصور أنه يحصل عليه مقابل كل مقال، وليس كل شهر، لأن الجريدة تصدر عن وزارة «الثقافة» والكلمة بين قوسين عن عمد. والمقابل المالى يظل رمزياً مهما كان لأن هناك كتابات لا تقدر بمال، ومنها كتابات علاء الديب.
والمؤكد أن مشكلة علاء الديب أنه يعيش للكتابة، ومثل أى كاتب حقيقى يتنفس بالقراءة، ولا يعلق على الأحداث الجارية، ولا يتحدث فى التليفزيون، ولا يفوز بجوائز الدولة، أو ما يصفه البعض ب«الراهب فى محراب الأدب». ولكن هذا الوصف غير حقيقى، فالراهب يعزل نفسه عن الحياة، ولكن علاء الديب يعرف الحياة فى مصر ويتفاعل معها ويؤمن بضرورة التغيير والسعى نحو حياة أفضل للمصريين، مستخدماً فى ذلك السلاح الذى يجيده أكثر من غيره، وهو الكلمة، وفى البدء كانت الكلمة، وفى البدء كانت «اقرأ».
samirmfarid@hotmail.com