يبدو أن أزمات النقابات المهنية المختلفة تتلخص فى جود نقيب «شرفى»، ومجلس منقسم على نفسه. علاوة على الخلط بين ما هو «مهنى» وما هو «سياسى»، وتغليب ثقافة «الخدمات» على حساب «المهنة»!!. نقابة الصحفيين محكومة بهذا المناخ: (التصاعد المنظم للإخوان، بالتوازى مع حرب أهلية بين المعارضة والحزب الوطنى.. ومقايضة «الحرية» بمنحة نقدية «تافهة».. وشقة قد يسكنها العضو على مشارف سن المعاش)!!. النقابة مأزومة بقلة المواد، فالنقيب لا ينال حقا ولا باطلا مع مؤسسات تأبى دفع 5% من قيمة الإعلانات (تبلغ مليارات فى بعض المؤسسات)، ولا هو قادر على فتح باب العضوية لكل من هب ودب.. حفاظا على «السلطة المعنوية» للنقابة!. وبالتالى يمكن قبول إنجازات النقيب الكاتب «مكرم محمد أحمد»، على أساس أنه ليس بالإمكان أبدع مما كان (!!). يكفى أنه أحد الشرفاء «القلائل» فى هذا البلد، وأنه نجح فى معركة قضائية- سياسية أفلت على أثرها الكاتب «إبراهيم عيسى» من الحبس. وكان رأس الحربة فى إنهاء قضية حبس رؤساء التحرير الأربعة، بعد أن سقطت كل الوسائل فى المواجهة مع السلطة (ومنها احتجاب الصحف). لكن النقيب كان مؤرقا بهاجس حبس الصحفيين وترك سيف «الغرامة» مسلطا على رقاب الصحف المستقلة، وأولاها جريدة «الفجر»(!!). الأستاذ «مكرم» وهو أستاذى فى المهنة، والذى ترأس مجلس إدارة «دار الهلال» التى مازلت أعمل بها يعرف جيدا معنى تعبير: (مؤسسات الشمال) أى المؤسسات الفقيرة، وهو الكاتب الذى يفخر بأنه بعد أن أفنى خمسين سنة من عمره فى المهنة (لم يأخذ منها إلا بدلته)، وبالتالى هو منتبه لخطورة تدنى رواتب الصحفيين، سواء على أخلاقيات المهنة نفسها، أو على ضياع الصحفى وتشتته بين العمل فى أكثر من مكان. ومع ذلك ليس مقبولا أن يتم طرح المشروع السكنى فى مدينة 6 أكتوبر بأسبقية الحجز، لأنه ببساطة جعلها لمن يملك المقدم، وكان لابد من وضع معايير وضوابط أكثر إنصافاً. لقد مرت على نقابة الصحفيين خلال الفترة المنتهية للنقيب الحالى عدة أزمات كان أبرزها تصدى التيار «المتطرف» لانعقاد مؤتمر «مصريون ضد التمييز» داخل النقابة، وأزمة المطبعين من الأعضاء.. والملاحظ أن النقيب كان يحتكم دائما لصوت «العقل والحكمة». لقد نجح فى تحرير سلالم النقابة من مختلف التيارات التى سخرتها لأجندتها الخاصة، لكن القضاء على التيار الذى اختطف النقابة، وجعلها منبرا للجامعة المحظورة يحتاج لتضافر جهود الجمعية العمومية كاملة، وكذلك مواجهة المطبعين وأذنابهم. هذا المشهد تحديدا يؤكد أن الجمعية العمومية تترك النقيب يخوض معاركها نيابة عنها، وأن الجمعية العمومية لا تجتمع إلا يوم الانتخابات.. وهو موقف غريب من قادة الرأى فى المجتمع!. الأستاذ «مكرم» لم يتردد فى شطب الدكتور «رفعت السعيد» من جداول النقابة، دفاعا عن حق الزميل محمد منير» واحتراما لحق النقابة، رغم أنه يعتبر إسقاط العضوية نوعاً من الاعدام الأدبى، لكنها قضية «واضحة». بينما قضايا ملتبسة مثل: (التطبيع، وعضوية المدونيين، والصحافة التليفزيونية، وتطبيق ميثاق الشرف.. وغيرها) كلها قضايا تحتاج لوقفة من الأغلبية. بأمانة لا أحد منا يتذكر نقابته إلا إذا مر بمحنة قضائية، أو قرر أن يشرب «قهوة» فى وسط البلد!. بعضنا يجلس فى مكتبه ويضع نظريات: (على النقيب أن يفعل.. وألا يفعل) (!!). من يطلب «التغيير» عليه أن يشارك.. حتى يأتى النقيب معبرا عن طموحات الصحفيين، وليس بأصوات «النكاية»!!.