هكذا إذن؟ أرادوها فكانت هكذا، وضعوا شفرة حادة فى أفواهنا فلا نحن نستطيع ابتلاعها ولا نحن نستطيع لفظها. بين مصر الروح والعشق وجرحها النافذ إلى أعماقنا وبين ما نالنا كعرب من شظايا غضب على الرغم مما تعتمل به مشاعرنا من استنكار وتنديد لما فعله قطيع رعاع من المرتزقة ينطلق من حظيرة التخلف والعنصرية التى لا تمت إلى العروبة بصلة.. هكذا قدرنا، فكلما نشبت مشكلة بين طرفين من الأصدقاء أو الأشقاء أصبحنا نموج بعضنا ببعض فى ساحات التشرذم والمعايرة ونضرب بالحب والأواصر والمصالح العامة والدم والنسب والمصير بركلة قدم.. ترى! هل هى ركلة قدم؟؟ أو ركلات مصيرية مدروسة خطط لها مدربون ذوو خبرة فى ملاعب الفرقة والتعتيم على ما يدور فى استاد السياسة والموائد المستديرة.. بالفوضى والصخب؟ متى نهدأ؟ ومتى يفرغ الإعلام ما فى جعبته من استفزاز يملأ به فراغات قنواته وصفحاته بالمجان؟ ومتى يتوقف الضاربون على الدفوف؟ فقد تعب الراقصون وأنهكنا الدوران حول علامات الاستفهام المحيطة بالأحداث فمن (مطاوى) لقطع شرايين العروبة.. إلى إعصار اتهامات هبّ لاقتلاع جذور وتمزيق أواصر.. من أجل من تلك التظاهرة الهمجية والأسلحة الصدئة؟ ومن أجل من بعض تلك الحملات العبثية وذلك الهياج الخارج عن المنطق والعقل؟ من أجل من تقتل عروبتى ويستنكف منها البعض علنا وتؤخذ صكوك التبرؤ منها من محاكم البغضاء؟ من أجل من ترفع أصابع الإدانة فى وجهى دون ذنب؟ متى ننأى عن التطرف ونفيق من غفوتنا ونرفع النظارات السوداء لنرى ما جرى وما يجرى وما سيجرى؟ فهذه إسرائيل تسعى لتهويد القدس.. والعراق يمضى به الاحتلال وعبيده إلى التجزئة.. والسودان على شفا حفرة من الدمار.. واليمن تستعر بها الطائفية.. وهذا اقتصادنا يهرول بالفقراء منّا إلى هاوية الجوع والحاجة، أما مصالحنا التجارية والفنية والاقتصادية والاجتماعية فتكاد تصيبها بمقتل تلك التصريحات والشتائم غير المسؤولة.. الطوفان قادم.. ولا يوقفه إلا جدار ثابت مبنى على ولائنا العربى أو لنقل الإنسانى.. أما ملفّ الاعتداءات فمن المنطق أن يحوّل إلى أصحاب الشأن من جامعة عربية أو وزارة خارجية وفيفا.. ولكن يبدو أن الأمور تجاوزت حدود الرياضة إلى السياسة أو مطالبة البعض باستنفار حربى يحتاج إلى عقد مؤتمر قمة عاجل.. وسؤال: ماذا لو اعتذر المسؤولون الجزائريون عما حدث أسوة بالمثقفين والنخبة؟ وماذا لو تريثنا قليلا وتوقف حاملو ألوية الشيفونية عن مخاطبة الأشقاء ب(أنتم) وهم يعلمون جيدا أننا نتشرف بعروبتنا وولائنا لهذه الأرض الطاهرة كأغلب شعب مصر.. بعيدا عن الأجندات السياسية والأنظمة ودهاليز المؤامرة والمصالح الشخصية.. فلا نحن ولا أنتم نرضى بتلك المهزلة الانتقامية من جمهور أعزل.. ولا نحن نرضى ولا أنتم أن يحملنا الأعلام والأقلام فوق ما نحتمل من هجوم واتهام بلغ الذروة.. وصل إلى سلخنا عن مصر وبنوتنا لها وكأنها ليست القدوة التى تحدو نهضتنا وتقدمنا. والتى نفخر بحضارتها وإبداع أبنائها. يا جماعة الخير.. نحن فى أيام مباركة يجتمع بها عباد الله فى بيته، تاركين الأوطان والأهل وهوى النفس، تجمعهم كلمة التوحيد و(لبيك اللهم لبيك).. ليتنا نهدأ ونتفرغ لذكره، ومشاركتهم فى الاستغفار والتكبير والدعاء.. وكل عام وأنتم وأوطاننا والعالم بخير.. إليك.. أليك ألجأ حين الأرض تظلمنى / يا بيت أحبابى ويا بيتى ويا سكنى / يا خير بقعة أرض تحتوى بدنى / إليك ألجأ من دوامة الزمن / وهبت كل شبابى دونما ثمنِ / كتبت شعرا وقلت الناس تفهمنى / ألا يا أنت يا وطنى / إن أنت لم تنتصف لى من سينصفنى؟