قانون مطعون عليه

نشرت خواطرى بعنوان «المدعى الاشتراكى الجديد». نتيجة لتلك الخواطر نشرت مشورة قانونية فى خواطر تالية بعنوان «جهاز يتبع وزير العدل». كلتاهما كانت عن جهاز «الكسب غير المشروع». كنتيجة لهذه وتلك وصلتنى رسالة جديدة.. يبدو أن صاحبها قانونى بدوره. كتب فيها عن قانون الكسب غير المشروع وجهاز التحقيق بموجبه. قال صاحب الرسالة: «إن قانون الكسب غير المشروع مطعون عليه بعدم الدستورية حالياً أمام المحكمة الدستورية، وإن لم ينظر الطعن بعد، ووجه الطعن على القانون ما يقرره من نفى أصل البراءة، وإثقال كاهل المتهم بعبء إثبات براءته مما يوجه إليه من اتهام بلا دليل إدانة، مما يرجح معه فى شأن القانون فى ضوء مبادئ المشروعية والمشروعية الجنائية الدستورية، صدور حكم الدستورية العليا بعدم دستورية القانون».
تقول الرسالة كذلك: «محكمة النقض سبق لها فى حكمها فى الطعن بالنقض الخاص بالمرحوم الدكتور عبدالحميد حسن أن انتهت إلى نقض الحكم الجنائى المطعون فيه، وامتنعت محكمة النقض عن تطبيق قانون الكسب غير المشروع لمخالفته الدستور، وبذلك استبعدت الاتهام المسند إلى أحكام ذلك القانون لمخالفته الدستور بحسبانه افترض أن المتهم مذنب، ابتداء، إلى أن يثبت براءته من اتهام لم يقم عليه دليل وهو أمر مستحيل»!
تضيف: «إن أحكام الإدانة الجنائية الصادرة إنفاذا لأحكام هذا القانون، لا اعتبار لها، ولا حجية لها فى حكم مبادئ العدالة والمشروعية الجنائية الدستورية أمام محكمة النقض المصرية وكذلك أمام المحاكم الوطنية الأجنبية والقضاء الدولى، فضلا عن القانون المقارن والقانون الدولى، ولا اعتداد بها أمام أحكام اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد. وأيا ما كانت الجهود المبذولة من قبل جهاز الكسب غير المشروع وغيره من الجهات التنفيذية فى متابعة الأموال المنهوبة والمهربة للخارج، استنادا إلى أحكام جنائية، فهى عديمة الحجية لصدورها مستندة إلى قانون الكسب غير المشروع ضد من نهبوا هذه الأموال وهربوها إلى الخارج، نقول إن هذا من قبيل الإشباع الخادع لأغراض الاستهلاك المحلى منذ البداية، إذ إنه معلوم أنها غير منتجة فى النهاية».
تقول الرسالة أيضا: لقد تمت دعوة الجهات العليا فى البلد منذ مارس 2011، وتم تناول الموضوع علناً فى الصحافة توضيحاً وشرحاً، لتحفيز الإرادة السياسية فى تتبع الأموال المنهوبة ومحاكمة مرتكبى اغتصاب الأموال العامة وتهريبها، لذلك فإن على رئاسة الدولة - وهى التى تحمل المهمة المؤقتة فى التشريع - أن تبادر فوراً إلى تعديل الأحكام والنصوص المنظمة لمسائل الكسب غير المشروع، بحيث تكون إجراءاتها والأحكام الصادرة بناء عليها ذات حجية ومنتجة جنائياً محلياً نافذة فى مصر، ومن ثم فى الدول العربية والأجنبية المهرب إليها تلك الأموال.
انتهت هذه الرسالة الجديدة. هنا نحن أمام أمرين أحدهما جديد على النقاش. الأقدم هو أن المتهمين يحاكمون بموجب قانون مطعون عليه دستوريا. الثانى أنه إذا كان هدف هذه المحاكمات استعادة الأموال، فإن الأحكام يجب أن تستند إلى قانون غير مطعون عليه، لكى تتمكن الدولة من أن تستعيد الأموال المهربة والمنهوبة. إذا كانت هناك جدية ورغبة فى إعمال قانون وإرادة لمكافحة فساد فإن المطلب الحقيقى واضح لاشك.
إننى أعتقد أن الفرصة متاحة لهذا التعديل. متاحة لأن وزير العدل هو المستشار أحمد مكى. نتوقع منه أن يستند إلى تاريخه الممتد فى النضال من أجل استقلال القضاء بأن يبعد عن هذا القانون مطاعنه. مطاعن من ناحية تبعية جهاز الكسب غير المشروع وعدم استقلاله. ومن ناحية عدم دستورية القانون.
newton_almasry@yahoo.com