لا تدفنوا رؤوسكم فى الرمال.. وأنتم تعرفون جيداً أن رئيس الحكومة لا يملك صلاحية اختيار الوزراء.. أو تسمية الوزارات.. فأمانة السياسات التى يرأسها السيد جمال مبارك، هى التى تختار رئيس الحكومة.. وتختار له معاونيه من الوزراء.. كما أنها هى التى تقوم بإلغاء وزارات وتدمجها فى وزارات.. أو تقوم بإنشاء وزارات تحمل مسميات ليست فى قاموس الحكومات.. فمثلاً دمج وزارة التموين مع وزارة الشؤون الاجتماعية فى وزارة جديدة تحت مسمى «التضامن الاجتماعى» كان من صنع أمانة السياسات.. حتى أصبح وزير التضامن القادم لها من هيئة البريد كالتائة الذى يبحث عن العنوان.. ورغم أنه إحدى الكفاءات التى تركت بصمة على البريد، فإنه لم يجد نفسه بعد أن حمل حقيبة وزارتين فى وزارة واحدة فأصبح مسؤولاً عن رغيف العيش ومعاش الغلابة.. ولأن الحزب يتبنى قضية الفقر فى مصر، فقد وضع فى حضنه مسؤولية توسعة شبكة الضمان الاجتماعى بحيث تغطى القرى الأكثر فقرا وزيادة عدد المستفيدين منه ولا ينكر جاحد أن عددهم زاد على المليون.. وزاد عدد المستفيدين من البطاقة التموينية إلى 11 مليون أسرة يمثلون 63 مليون شخص. ومع ذلك لم يتحقق الهدف من دمج التموين مع الشؤون الاجتماعية تحت مظلة وزارة التضامن.. بعد أن قلصت أمانة السياسات دور التموين وسلخت منها السجل التجارى وهيئة السلع الغذائية واستيراد القمح.. ولا أعرف لماذا تجاهلت الغرض الذى أنشئت من أجله وزارة التموين.. فهذه الوزارة أنشئت منذ الحرب العالمية، للتغلب على الأزمات التموينية والوقود لمساعدة الطبقة غير القادرة، وللحق أن هذه الوزارة تبدل حالها بعد غياب الوزير أحمد جويلى عنها.. إلى إن شهدت حالة من الانهيار فى عصر الوزير خضر الذى أغلق أبوابها بالضبة والمفتاح. فذلكة أمانة السياسات فى تحويل هذه الوزارة من وزارة خدمات إلى وزارة لجمع التبرعات من دول الغرب تحت مظلة الضمان الاجتماعى كان سبباً فى تضارب الاختصاصات وانهيار الخدمات.. ولا أعرف هل من المنطق تفتيت الوزارات.. صحيح أن التجارة فازت بنصيب الأسد يكفى أنها أصبحت المسؤولة عن استيراد القمح واللحوم والسكر، فشدت المافيا إليها وأصبحوا يسيطرون على هيئة التنمية والصادرات.. أما الاستثمار فقد ألقوا فى «عبها» مصلحة الشركات والسجل التجارى. أنا شخصيا لست ضد أن تقوم أمانة السياسات باختيار رئيس الحكومة واختيار معاونيه من الوزراء.. مادامت هى المسؤولة عن وضع استراتيجية السياسة التنفيذية للحزب الحاكم على اعتبار أن الحكومة تابعة للحزب.. وليس الحزب هو التابع لها.. فسواء رضينا أو لم نرض على أن تتولى أمانة السياسات أمور هذا البلد.. فالقرار قرارهم حتى ولو جاءوا بالحاج «عتريس» رئيساً للحكومة.. مادام رئيس الحكومة الحالى يعتبر نفسه خادماً للحزب.. وليس خادماً للشعب.. صحيح أن صفة رجال الأعمال انطبعت على حكومة الحزب، فأصبحت أغلبية وزارات الخدمات من رجال الأعمال.. ولا نعرف ماذا فى جعبة الأمانة من أفكار فى التشكيل أو التعديل القادم.. هل تنوى الاحتفاظ بمسميات هذه الوزارات؟.. أم فى نيتها العودة إلى الوزارات التى ألغيناها؟.. ثم لماذا لا نعترف بأن وزارة مثل وزارة النقل من الظلم أن يتحمل وزيرها عبء النقل البحرى إلى جانب كوارث النقل البرى أو بالتحديد السكة الحديد؟.. لماذا لا نعود إلى وزارة النقل البحرى لتحمل حقيبة القطاع البحرى على اعتبار أن النقل البحرى يتحمل 90 فى المائة من حجم التجارة الخارجية؟ فى رأيى أن فصل النقل البحرى عن وزارة النقل سيكون خطوة بناءة فى دعم السكة الحديد على الأقل سوف يتفرغ وزير النقل لمشاكلها بعد أن يرفع عن كاهله عبء الموانئ والشحن والتفريغ وحركة الملاحة.. فنحن فى حاجة فعلاً إلى وزارة للنقل البحرى تدير جميع موانئ مصر، حيث يشمل هذا القطاع هيئة موانئ الإسكندرية وبورسعيد والعريش ودمياط والبحر الأحمر وسفاجا ونويبع وشرم الشيخ وشمال السخنة والهيئة المصرية لسلامة الملاحة البحرية.. على الأقل تدخل فى مسؤوليتها إدارة أسطولنا التجارى البرى، الذى أصبح على حافة الانهيار بعد أن عرضنا معظم مراكبنا للبيع.. صحيح أن الوزير السابق المهندس محمد منصور أكرمه الله على بصماته التى تركها على صدر تطوير الموانئ البحرية.. فالرجل قبل أن يترك موقعه رفع من قيمة موانئنا وأصبحت لدينا أرصفة بحرية عالمية يصل طول الرصيف فيها إلى أكثر من 30 كيلو.. وأصبحت هذه الموانىء فى عصر منصور جاذبة للاستثمارات ومواكبة للتقدم التكنولوجى باستخدام الإدارة التكنولوجية ومع ذلك اتهمناه بالتقصير فى السكة الحديد، وقد كان من المفروض أن نمنحه وسامًا على إنجازاته فى قطاع النقل البحرى الذى كان بين اختصاصاته كوزير للنقل ثم أسقطناه من حساباتنا ونحن نحاسبه على السكة الحديد. أمانة السياسات تعرف جيدًا إنجازات محمد منصور بالنسبة للموانئ السياحية والموانىء البترولية وموانئ التعدين إلى جانب بصماته على عبارات الركاب، التى ظهرت أنشطتها فى مواسم الحج والعمرة، فالرجل رغم عوائق السكة الحديد كان مسؤولاً عن إعادة ترتيب البيت البحرى بعد حادث العبارة السلام الذى راح ضحيته أكثر من 1000 قتيل فى رقبة الحكومة.. ثم ذبحناه على مصرع 28 قتيلاً فى حادث تصادم قطارى العياط فى حين أن الرجل لاذنب له.. فالأعباء التى كانت على عاتقه تغفر له. لذلك أقول.. أعيدوا ترتيب محتويات الحقائب الوزارية.. ولا يمنع من تفرغ وزير النقل للسكة الحديد على اعتبار أنها مرفق حيوى مرتبط بحياة الناس.. ثم ما الذى يمنع من ضم السياحة إلى أحمد شفيق، ليصبح وزيرًا للسياحة والطيران.. فالسياحة هى توأم الطيران.. وإنجازات شفيق وثيقة مشرفة فى وجه النظام.. فمتى يكافئه النظام ويعطيه السياحة بجانب الطيران؟ ثم متى نفكر باستراتيجية «صح» تضمن سلامة الحقائب الوزارية من التشويهات العشوائية؟ [email protected]