النفط والضرائب والسوق السوداء.. ثلاثية الحوثيين لإدارة اقتصاد الظل    الأهلي يخوض وديتين مع فرق الدوري الممتاز بعد العودة من تونس    وصول الطفل ياسين مع والدته إلى محكمة جنايات دمنهور مرتديا قناع سبايدر مان    ملتقى التفسير بالجامع الأزهر: حديث القرآن الكريم عن الليل والنهار شامل ودقيق لإظهار التعبير والمعنى المراد    ما الضوابط الشرعية لكفالة طفل من دار الأيتام؟.. الإفتاء توضح    المفتي يوضح حكم كيِّ الماشية بالنار لتمييزها    وزير العمل: التأمين الطبي لعمال «الدليفري» من ضمن أشكال السلامة المهنية    تمهيدا لرفع الكفاءة.. متابعة علمية لمحطة بحوث الموارد المائية بطور سيناء    ضبط مصنعين غير مرخصين لإنتاج الشوكولاتة والحلويات بعلامات تجارية وهمية في الباجور    الرئيس السيسي يتابع الموقف التنفيذي لمشروعات الهيئة العربية للتصنيع    "الزراعة" تطلق منافذ متنقلة لبيع منتجاتها بأسعار مخفضة في الجيزة    رئيس الوزراء يتابع موقف تقنين الأراضي المضافة لعدد من المدن الجديدة    عضو ب"الشيوخ": مصر قادرة على مواجهة الإرهاب    وزير الخارجية يتوجه إلى نيجيريا في مستهل جولة بغرب أفريقيا    بدون احتلال بل تقطيع الأوصال.. خطة جيش الاحتلال في حال فشلت المفاوضات    بدء اللقاء بين الرئيس اللبناني والموفد الأمريكي لبحث الرد على ورقة نزع سلاح حزب الله    جامعة القاهرة تحتل المركز 487 بتصنيف ويبومتريكس الأسبانى يوليو 2025    الهلال السعودي يستقر على مكان المعسكر الأوروبي    "لازم نسيب شغل المكايدة".. تصريحات مفاجئة من شوبير عن الزمالك    أيمن منصور: الحكم على صفقات الزمالك سابق لأوانه.. وفتوح أخطأ لكنه سيعود    الأهلي يدرس ضم محترف مصري في أوروبا لتعويض رحيل وسام (تفاصيل)    "شارك وخليك إيجابي".. حملة للتوعية بأهمية المشاركة في انتخابات مجلس الشيوخ 2025    رسميًا الانتهاء من تصحيح الثانوية العامة 2025.. مسؤول في التربية والتعليم يوضح (تصريحات خاصة)    فيديو.. الأرصاد تحذر من موجة شديدة الحرارة تضرب البلاد اعتبارا من اليوم    سوداني يوجه رسالة شكر للمصريين على متن «قطار العودة»: «لن ننسى وقفتكم معنا» (فيديو)    السيطرة على حريق في مصنع زجاج بشبرا الخيمة    أكتوبر يشهد أولى جلسات محاكمة عنصر إخواني بتهم تمس أمن الدولة    بعد جدل إصابتها بالسرطان.. أنغام تنشر أحدث جلسة تصوير والجمهور يعلق (صور)    نادية رشاد تكشف كواليس انفصالها عن محمود الحديني: حالتي الصحية لا تسمح    فات الميعاد.. أحمد مجدي: شخصية مسعد تعبتني.. وبحاول أتخلص منه لحد دلوقتي    أحلام تتألق على مسرح مهرجان جرش في ليلة طربية خليجية 25 يوليو    مكتبة الإسكندرية توثق التراث المصري بسلسلة أفلام قصيرة موجهة للشباب    الجامعة الألمانية تفتتح نموذجاً مصغراً للمتحف المصري الكبير في برلين    وزير الداخلية يهنئ الرئيس السيسي والقوات المسلحة بذكرى ثور يوليو    لأول مرة.. 3 دبلومات بآداب قناة السويس للعام الجامعي 2025–2026    انخفاض الأسمنت.. أسعار مواد البناء اليوم بالأسواق (موقع رسمي)    أسامة الجندي يوضح حكم الأفراح في الشرع الشريف    كسر مفتوح ومفتت.. نجاح عملية دقيقة لتثبيت ركبة بتقنية "إليزاروف" بالمنيا- صور    رئيس هيئة الرعاية الصحية يستقبل نائب رئيس الوزراء وزير الصحة والسكان ومحافظ الإسماعيلية خلال جولة ميدانية موسعة    استمتع بمذاق الصيف.. طريقة عمل آيس كريم المانجو في المنزل بمكونات بسيطة    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاثنين 21-7-2025 في محافظة قنا    الداخلية تكشف ملابسات فيديو يتضمن ممارسة أعمال بلطجة باستخدام كلب بالإسماعيلية    رئيس الجزيرة الإماراتي: صفقة إبراهيم عادل اكتملت.. وهذا موعد انضمامه    أسامة الأتربي مساعدا لأمين عام "حماة الوطن" بالقاهرة    الفلبين تعلق الفصول الدراسية بسبب الأمطار الغزيرة    ألونسو.. الأمل في استعادة فينيسيوس لتألقه مع ريال مدريد    السبكي: نسعى لترسيخ نموذج متكامل للرعاية الصحية يقوم على الجودة والاعتماد والحوكمة الرقمية    أحمد غنيم: المتحف المصري الكبير هدية مصر للعالم    سعر الدولار الأمريكي أمام الجنيه المصري اليوم 21 يوليو 2025    "صعبة".. وكيل مصطفى شلبي يكشف تفاصيل انتقاله للبنك الأهلي    وزير الثقافة يناقش حصاد لجان الأعلى للثقافة ويطالب بتطوير وتيرة العمل    اليوم.. «الداخلية» تعلن تفاصيل قبول دفعة جديدة بكلية الشرطة في مؤتمر صحفي    كييف: أكثر من 100 اشتباك مع القوات الروسية في شرقي أوكرانيا    مسيرة في تونس دعما للشعب الفلسطيني    لكل ربة منزل.. إليك أفضل الطرق لتحضير مكرونة الميزولاند    جريمة داخل عش الزوجية.. حبس المتهمة بقتل زوجها بالقليوبية    واشنطن بوست: قراصنة يشنون هجوما عالميا على وكالات حكومية وجامعات أمريكية    أنغام فؤاد ومنيب تتألق في صيف الأوبرا 2025 بحضور جماهيري كبير    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



التنشئة السياسية للطرق الصوفية

على مدى أكثر من عقدين، ظل الدكتور عمار على حسن يرفد المكتبة العربية بإسهامات تتميز بالتفرد والعمق، لكنه فى كتابه «التنشئة السياسية للطرق الصوفية فى مصر» يخطو خطوة واسعة نحو صياغة «كتاب عمدة» فى تخصصه، تتوافر له جميع مقومات المرجع الأساس، وينطلق من دراسة نظرية محيطة ومبهرة، كما يستند إلى جهد ميدانى غاية فى الإحكام.
استفاد مؤلف الكتاب من تكوينه الأساسى كباحث فى علم الاجتماع السياسى، كما ساعدته خبراته الممتدة فى مجال البحوث السياسية، ووجدانه الفنى كأديب وقاص معتبر، ومقاربته الطازجة للشأن العام والحدث الجارى ككاتب منتظم فى أكثر من صحيفة عربية مهمة، فى مقاربة موضوع شائك ومعقد، تختلط فيه الأسطورة بالحقيقة، والروحى بالزمنى، والعابر الطارئ بالعتيق الضارب فى البقاء والرسوخ.
أنجز عمار على حسن أطروحته عن «التنشئة السياسية للطرق الصوفية فى مصر» على مدى نحو 16 عاماً، ليضع خلاصة تحليلية مركزة لظاهرة عُرفت كثيراً ضمن الأدبيات على أنها من تجليات «الدين الشعبى» أو «دين الحرافيش». وامتلك من الجرأة قدراً كافياً، فكشف اعتواراتها ومصادر الخلل بها، كما تسلح بكثير من الحياد والمنطقية العلمية، فلم يتورط فى معالجات متربصة أو ينطلق من مواقف غير منصفة، وفى جميع صفحات الكتاب ال682، ظل قابضاً على الجاذبية ممتلكاً الإيقاع، وكأنه يبحر ببراعة فى سياق نص أدبى بديع.
سيكون من الصعب جداً إجمال نقاط البحث الرئيسة لهذا المصنف البديع فى تلك المساحة المحدودة، خصوصاً أن الكتاب احتوى تأصيلاً للمفاهيم الأساسية للصوفية والتنشئة السياسية، وشرحاً وافياً للقيم السياسية موضع الدراسة، مثل الحرية والعدالة والمساواة والانتماء والتسامح، كما حلّل ما سماه «التحولات الخمسة للدين»، مفصلاً كيف تحول التدين إلى أيديولوجيا، ثم فلكلور، ثم أسطورة، ثم تجارة، قبل أن يوضح كيف تحول إلى خطاب ثقافى سائد.
يرصد الكتاب تأثيرات الصوفية فى السلوك السياسى للفرد، كما يعرض للعلاقة بين المتصوفة والحكام على مدى العصور المصرية الفائتة، فضلاً عن دراسته لموقع الدين فى الحياة السياسية المصرية.
يقول عمار على حسن فى هذا الصدد: «لقد مرت العلاقة بين الحاكم والمحكوم فى هذا البلد بمحطات ثلاث، بدأت بالتأليه، وانتهت بالتكفير، ومرت بالتبجيل، من دون أن تفارق فى كل مرحلة تنتقل إليها بعض خصائص المرحلة التى تسبقها، فى تواصل واستمرارية ميزت جوانب عديدة من تاريخ المجتمع المصرى».
يفصل المؤلف سمات الملك فى مصر القديمة فى نظر رعاياه، فيقول إنه كان «شخصية إلهية مقدسة، ولذا لا يصح أن يخاطبه أحد مباشرة، ويتمتع بعلم إلهى، يجعله عالماً بكل خافية، ومن ثم لا يمكن لأحد أن يفكر فى التآمر عليه، أو تشكيل تنظيم معارض له، وأن كل ما يتفوه به واجب النفاذ، ولابد أن يتحقق فوراً، لأن مشيئته هى القانون، ولها ما للعقيدة الدينية من قوة. وفى وجود الملك لم تكن هناك حاجة إلى مؤسسات سياسية، فما ينطقه يغنى عن القواعد القانونية المفصلة، وما يراه يختزل الكثير من أدوار الهيئات السياسية والاجتماعية، ومن الخطيئة سن ما قد يقيد من سلطة الملك وجبروته».
تشعر حين تبحر فى قراءة هذا الكتاب، الصادر عن دار العين للنشر هذا العام، أنه أجاب عن أسئلة كثيرة تتعلق بدور الظاهرة الدينية فى السياسة المصرية عموماً، كما أنه يقدم خريطة طريق واضحة للمجتمع والدولة والطرق الصوفية فى آن، لمفاداة الآثار الضارة لبعض التجليات الدينية وتكريس أدوارها فى خدمة الحداثة وتطوير الخطاب الدينى وصولاً إلى إصلاح دينى رآه المؤلف ضرورة لأى إصلاح سياسى مستقبلى.
يخلص المؤلف فى ختام هذا الكتاب إلى أن الطريقة تعد أحد العناصر التى أسهمت فى تكريس ظاهرة «الاستبداد المصرى»، على اعتبار أن الطرق الصوفية ارتبطت فى الغالب الأعم بالسلطان، ولاقت تشجيعه ومباركته لتثبيت شرعيته أو مواجهة حركات إسلامية أخرى.
كما يؤكد أن الإصلاح السياسى فى مصر يتطلب ضرورة الالتفات إلى الإصلاح الدينى، فطالما استمرت الجماعات والتنظيمات التى تربط الدين بالسلطة السياسية فى الاستقواء بالدين والبحث فيه عن سلطة تشبه «الكهنوت»، فإن فرص إيجاد ثقافة سياسية ديمقراطية ستصبح غاية فى الضعف.
لقد تزامن صدور تلك الطبعة من ذلك الكتاب المهم مع معركة شرسة تدور على رئاسة المجلس الأعلى للطرق الصوفية، والواقع أن ذلك ليس من حسن حظ المؤلف كما يظن البعض، لكنه دليل إضافى على أن البحث العلمى العميق، والمستند إلى أساس نظرى سليم ودراسة ميدانية قوية، يمكن أن يكشف تفاعلات الظواهر، ويتنبأ بمساراتها المستقبلية، وهو الأمر الذى بدا واضحاً فيما خلص إليه الكتاب من أن «الممارسة الحياتية تسير فى اتجاه يرفع من شأن القيم السلبية على حساب القيم الإيجابية فى الممارسة والفكر الصوفيين».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.