في فيلمه السابع «عطور الجزائر» والذي عُرض عالميًا للمرة الأولى الاربعاء ضمن المسابقة الرسمية لمهرجان أبوظبي السينمائي، يستعرض المخرج الجزائري القدير رشيد بن حاج على مدار ساعة ونصف الساعة، فكرة قانون «الوئام المدني»، أو ما يعرف ب«قانون الرحمة» الذي اختاره ليكون محركًا لأحداث فيلمه. وقدم «رشيد» صورة قاتمة عن الفكر الإسلامي الأصولي المتعصب، من خلال توثيق جملة من المجازر التي نفذتها الجماعات الإرهابية إبان العشرية السوداء، مؤكدًا على أن الفكر الإسلامي المتعصب يرتكز على العنف ورفض الرأي الآخر، وينظر إلى المرأة على أنها عدو وليست نصفه الآخر. وقال المخرج أثناء لقائه بالجماهير بعد عرض الفيلم مباشرة، إن الفيلم يدين العنف بكل صوره، كما أنه يركز على فترة عصيبة عاشتها الجزائر، وأكد أن القسوة التي ظهرت في الفيلم خلال أحداثه ليست إلا جزءًا بسيطًا من الواقع الذي حاول فيه الاسلاميين فرض سطوتهم، مشيرًا إلى أنه بدأ تصوير الفيلم عام 2010، لافتًا إلى أن الفيلم يعكس حالة العنف التي يقوم بها بعض الاسلاميين في عدد من الدول العربية حاليًا. ويحاول «بن حاج» في فيلمه التركيز على خلفيات تلك الفترة العصيبة من تاريخ الجزائر الحديثة من خلال مأساة عائلة جزائرية ميسورة تجتمع في أفرادها تناقضات المجتمع وخلافاته، وما بين أب متسلط، وأم ناكرة، يقف الأبناء على ضفتين متباينتين، وبينما كانت «كريمة» عنيدة ومتمردة ومتفتحة، يتحول مراد من شاب متحرر إلى رئيس جماعة مسلحة. ويتغلغل «بن حاج» عبر عدسة الكاميرا إلى خفايا هذه الأسرة من خلال بوابة المرأة بشكل عام، حيث نجد في الفيلم حضورًا مميزًا لها بكل صورها القوية أو المغلوب على أمرها، إلا أنها تحتل الشاشة بوجودها، لاسيما من خلال «كريمة» التي تؤدي دورها الإيطالية مونيكا جريتور. ويُظهرالفيلم المعاناة النفسية ل«كريمة» التي تهرب من تسلط الأب «سيد احمد أڤومي» وفظاعة الفضيحة التي اكتشفتها داخل الأسرة، لكنها ورغم إصرارها على نسيان الماضي، إلا أنها لم تنجح وبقيت سجينة ذلك الماضي، إذ بمجرد عودتها عام 1998 إلى الجزائر تجد نفسها معنية بكل ما يحدث لأسرتها ومن حولها. ومع تطور الأحداث تكشف الكاميرا المستور والرموز في حركة المد والجزر بين صور الماضي والحاضر. شارك في الأدوار الرئيسة لفيلم «عطور الجزائر» كل من شافية بوذراع، أحمد بن عيسى، عديلة بن ديمراد، عادل جعفري، إلى جانب محمد بن ڤطاف.