فى العدد الماضى من «طعم البيوت» كتبت عن طريقة مبتكرة لتجديد الحياة الزوجية وإنقاذها من الفتور وتلقيت العديد من الرسائل عبر بريدى الإلكترونى، وتبين لى أن الموضوع لمس وترا فى نفس العديد من الأزواج وخاصة النساء، فالشكوى أبدية من عدم استماع الزوج لما يضايقها وأنانيته وعدم مساعدتها فى أمور المنزل والأولاد، وشكوى الزوج من ثرثرة زوجته وتنكيدها عليه، واتهام كل منهما للآخر بأنه يهمله ولايحبه......إلخ، وسط هذا الركام من التفاصيل اليومية الرتيبة والمجهدة يذبل الحب والود وتتصاعد حدة الخلاف وقد تصل للطلاق. والطلاق زلزال يهدم أركان الأسرة فى غمضة عين فهو إعصار يجرف معه ذكريات العشرة والعيش والملح. الدراسات تقول إن 34.5% من حالات الطلاق تتم فى السنة الأولى و12.5% فى السنة الثانية، و40% فى سن الثلاثين، فى حين يقل اللجوء للطلاق عندما تبلغ المرأة الأربعين، وتعد أعلى حالات طلاق لزوجين فى الفترة العمرية من 20 إلى 30 عاما. وعن أسباب الطلاق، ظهر أن 42% منها بسبب ضيق ذات يد الرجل، و25% بسبب تدخل الأهل، و12% للسلوك السيئ لأحد الزوجين، بينما 6.5% من حالات الطلاق جاء بسبب تحريض أهل الزوج و5.3% لتحريض أهل الزوجة. ورغم ما تذكره الأرقام فالحقيقة ربما تكون شيئاً مختلفاً فأسباب الطلاق قد تسبق الزواج. الزواج علاقة قائمة على ثلاث قواعد أساسية: التوافق الفكرى والوجدانى والجسدى وهذه الجوانب مرتبط بعضها ببعض ولا يمكن فصل أحدها عن الآخر، والعلاقة الزوجية كأى علاقة أخرى لابد وأن تمر بفترات ازدهار وفترات أخرى من المصاعب والمشاكل، والفتور قد يحدث فى أى فترة من فترات العمر فهو غير مرتبط بكم مر على الزواج وإنما مرتبط بمدى ارتباط هذه الجوانب الثلاثة ببعضها. الاضطراب فى العلاقة الزوجية لا يأتى فى وقت معين أو لأسباب جديدة طرأت وإنما يكون موجودا منذ البداية، منذ التعارف والاختيار فزواج قائم على أسس غير سليمة لا تتوافر فيه المحبة ولا المودة ولا الرحمة ولم يرتق إلى الانسجام الفكرى والوجدانى لا يستطيع مقاومة الأعاصير. الاختيار الموفق لشريك حياتك من البداية يقيك من الطلاق، لكن فى حالة الاختيار السيئ والذى يقع فيه عدد كبير من شباب اليوم والمبنى على انجذاب مظهرى دون التفكير كثيرا فى التوافق الفكرى والوجدانى والأشياء المشتركة بينهما، رغم أن هذا التوافق هو الذى يبقى على متانة العلاقة بين الزوجين. ويبقى السؤال: فى حالة زواج غير متوافق ماذا يحدث؟ ربما أشارك الفنان مصطفى حسين نصيحته بعدم التسرع ودراسة شريك حياتك جيدا قبل قرار الطلاق ولكن أحيانا يكون «أبغض الحلال» هو «أفضل الحلول» وفى كل الأحوال يجب أن يراعى الزوجان حق العيش والملح ويحتكما للآية الكريمة «إمساك بمعروف أو تسريح بإحسان».