كشف الدكتور محمد سعد الكتاتنى، رئيس مجلس الشعب السابق، المرشح الحالى لرئاسة حزب الحرية والعدالة، عن الكواليس والأسباب وراء الصدام الذى وقع بين جماعة الإخوان المسلمين والمجلس العسكرى، الذى قام الرئيس محمد مرسى بتغيير قياداته، موضحاً أن فشل «وثيقة السلمى» كان بداية الأزمة. وقال «الكتاتنى»، فى حواره مع «المصرى اليوم» بحضور رئيس تحريرها: «غياب الحنكة السياسية تماماً عن المجلس العسكرى جعل حسم الأمور صعباً، كما أن مسألة تسليم السلطة كانت غير واضحة، مما زاد الأمور تعقيداً، خاصة أن وثيقة السلمى تضمنت بقاء المؤسسة العسكرية فى الحكم لفترة طويلة». ووصف «الكتاتنى» أداء المجلس العسكرى خلال المرحلة الانتقالية بأنه افتقد الحنكة السياسية والخبرة. وقال إن الإعلان الدستورى المكمل وصمة عار على جبين «العسكرى». وأوضح أن الفريق عنان صمت على تهديد الدكتور الجنزورى له فى مقر وزارة الدفاع بإمكانية حل البرلمان. وقال «الكتاتنى» : «أنا لست سعيداً بمشكلة النائب العام، وكنت أتمنى أن تكون هناك دقة فى المعلومات ومواءمة سياسية أثناء اتخاذ القرارات». ■ فى البداية ما هى الأسباب التى دفعتك للترشح لمنصب رئيس الحزب؟ - بكل صراحة، تاريخ الحزب ليس كبيراً، رغم أن قياداته والكثير من أعضائه يعملون فى العمل العام منذ سنوات طويلة، إلا أننى باعتبارى وكيل المؤسسين أحببت أن أكمل المشوار الذى بدأناه منذ ما يقرب من عام ونصف العام، ونعيد ترتيب أولوياتنا، وتنظيم صفوفنا، من جديد، ولدى طموحات أسعى لتحقيقها، أبرزها وضع قواعد متينة وسليمة للحزب ليكون انطلاقه صحيحاً ومبنياً على أسس قوية، للمساهمة فى بناء مصر الجديدة، كما أن لدى خططاً -إن وفقنى الخالق- سأحاول جاهدا تنفيذها، وهى تدور فى فلك تطوير الحزب بشكل مستمر، بحيث يظل مواكباً للأحداث وداعماً للأفراد والبلاد، وأنا على يقين بأن الأحزاب والقوى السياسية القوية التى تعمل بجد واجتهاد، دون تواكل، هى المحرك الحقيقى لجميع الأمور فى الوطن، ونحمد الله أن الحزب بدأ وسيستمر قوياً بمشيئة الله وبإخلاص أبنائه. ■ كيف ترى المنافسة مع الدكتور عصام العريان خاصة أنه يتمتع بقبول كبير بين أعضاء الحزب؟ - الدكتور عصام قيمة وقامة، وإنسان له تاريخ مشرف، وصاحب جهد وفير، ومعروف بإخلاصه، ونحن نرسى قواعد الديمقراطية بالحزب عن طريق المنافسة الشريفة، فهذا أمر جيد ومحمود، وأرى أن المنافسة مع عصام ليست سهلة وأعمل هذه الأيام بقوة، ولدى حملة انتخابية جيدة، ونتمنى أن نفوز برئاسة الحزب. ■ يرى بعض المحللين السياسيين أنها انتخابات شكلية وأن النتيجة محسومة مسبقاً لصالحك، فما تعليقك؟ - هذا كلام غير منطقى، ويناقض الواقع تماماً، فمنذ بداية الانتخابات ظهر جليا مدى الجدية فى المنافسة لاسيما أن هناك مؤيدين فى كل طرف يعملون جاهدين للفوز فى الانتخابات، ومن يتابع عن قرب مسار الانتخابات والتربيطات والجولات سيتيقن أن الأمر ليس سهلاً، وأنها قائمة على ديمقراطية حقيقية ومنافسة شريفة واحترام وأدب بين المتنافسين دون تجريح أو سباب، وليس ضرورياً أن نتبادل السب والقذف حتى يقول الآخرون عنا إننا جادون، فلماذا لا نتنافس فى جو من الاحترام، ويفعل كل طرف ما يحلو له دون المساس بالآخر؟ أليست هذه طريقة وأسلوباً أفضل من الدخول فى مناطق تؤدى إلى تعطيل العمل والانحراف عن المسار السليم، ما سيؤدى إلى ما لا يحمد عقباه. ■ قال لى قيادى بالحزب فى يونيو الماضى إنك سترشح نفسك لرئاسة الحزب، وإن فزت لن تكون رئيساً لمجلس الشعب المقبل، ما ردكم؟ - الترشح لرئاسة مجلس الشعب قرار خاص بالحزب، وليس أمراً شخصياً، بمعنى أننى لا أملك أن أكون رئيساً للمجلس دون إرادة الحزب، فهو الذى يحدد الرئيس والأمين العام، وأيضا باقى الترتيبات الخاصة بالهيئة البرلمانية، لذا لا أستطيع أن أتنبأ بما سيكون فى المستقبل، وعموماً فإنه لا يوجد ما يمنع من الجمع بين رئاسة الحزب والمجلس معاً، والآن أنا أمارس حقى كغيرى فى الترشح لانتخابات رئاسة الحزب، أما رئاسة المجلس فهى فى علم الله. ■ وهل يمكن أن نراك رئيساً لمصر فى حال فوزك برئاسة الحزب مثل الدكتور محمد مرسى؟ - لا أحب الافتراضات مطلقاً وأعمل دون النظر لأى مواقع ونحن تعلمنا أن العمل العام عطاء فقط، دون انتظار مقابل، ولم يشغل بالى أبداً أن أشغل أى موقع أياً كان. ■ متى نرى النساء والشباب فى مقاعد القيادة بالحزب؟ - أنا شخصياً غير راض عن تمثيل المرأة والشباب فى الحزب والبرلمان، وإن كانوا ممثلين بالفعل فى قيادة الحزب والبرلمان، إلا أنه ليس بالقدر المأمول، وتفسيرى أن السبب فى ذلك يرجع إلى أن عمر الحزب صغير، ومشاركة السيدات والشباب فى هذا العمل أقل كثيراً ممن هم أكبر سناً وأكثر خبرة، ولديهم دراية وعلم، والناس تعرفهم جيداً، وهذا السبب فى أن لهم تمثيلاً أكبر. وعموماً فإن تمثيل النساء والشباب فى الحزب أفضل مما هو عليه فى البرلمان، وبرنامجى الانتخابى يهتم جداً بهذا الأمر وسأسعى لتحقيق مشاركة فعالة لهم. ■ يرى المتخصصون فى الإسلام السياسى أن الجماعة تدير الحزب وترسم طريقة عمله وأداءه السياسى؟ - أؤكد لكم أن الحزب منذ إنشائه يعمل باستقلال تام إدارياً ومالياً عن الجماعة، ولا تتدخل فى قراراته نهائياً، نعم الجماعة أنشأته لكنها أقرت منذ اللحظة الأولى انفصاله عنها، بحيث يعمل منفرداً ويعتمد على نفسه، وبالفعل نجحنا فى ذلك، والآن لدينا آليات مختلفة عن الجماعة، خاصة أنه أُسس لكى يكون لكل المصريين، وروعى هذا الأمر فى لوائحه وأسلوب أدائه. ■ وما رأيك فيما يتردد حول وجود اتصالات وثيقة بين الحزب ومؤسسة الرئاسة؟ - كلام غير صحيح، فالرئاسة تتعامل معنا كمختلف القوى السياسية والأحزاب دون زيادة أو نقصان، فمثلاً نحن لا نعلم بقرارات الرئيس إلا من خلال وسائل الإعلام، والبيانات التى يلقيها المتحدث الرسمى للرئاسة، حرصا على مبدأ «الرئيس لكل المصريين»، كما أن الرئيس لن يسمح لنا بأى تدخلات فى عمله، والمنطق يقول إن الدكتور مرسى لديه مؤسسة رئاسية وبها عدد من المتخصصين للمشورة وهذا يؤكد استقلاليته فى اتخاذ القرار. ■ بمناسبة المشورة ما تعليقك على الأزمة التى وقعت مؤخراً بين القضاء ومؤسسة الرئاسة، وانتهت بتراجع الرئيس عن قراره بإبعاد المستشار عبدالمجيد محمود، النائب العام، عن منصبه وتعيينه سفيراً فى الفاتيكان، وقبلها إلغاء قراره بعودة مجلس الشعب للانعقاد رغم حله بحكم من المحكمة الدستورية؟ - أولاً، بخصوص حل مجلس الشعب فإن الرئيس لم يتعرض لحكم «الدستورية» وإنما كان القرار بمثابة سحب قرار المشير حسين طنطاوى بتنفيذ الحكم وعودة المجلس للانعقاد على أن تجرى الانتخابات فى غضون شهرين، وهو قرار من أعمال السيادة، فضلاً عن أن القانونيين يعلمون جيداً أن الدستورية العليا تختص بالنظر فى دستورية القوانين فقط، وما حدث بحلها المجلس كاملاً تعد على اختصاصاتها التى أنشئت من أجلها، أضف إلى ذلك أن دعوى الحل كانت فقط على ثلث المجلس، لكن المجلس العسكرى أجهز على المجلس بإصداره قراراً بالحل بالكامل، وهو ما يدعو للدهشة، والأغرب أنه عندما استخدم الرئيس حقه وجهت إليه انتقادات وأصدرت الجمعية العمومية للدستورية بياناً تعلن فيه رفضها قرار الرئيس، وفى اليوم التالى يصدر حكم من الدستورية بإلغاء قرار الرئيس. والسؤال: هل يجوز فى عرف المحاكم هذا الأمر؟ أما فيما يتعلق بقرار تعيين النائب العام سفيراً فى الفاتيكان فلنعد إلى بادئ الأمر، فمنذ فترة طويلة مضت هناك رأى عام ضد النائب العام، واجتمعت عليه معظم القوى السياسية والأحزاب والشارع أيضاً، لأنهم يرون أن القضايا التى تصل إلى المحكمة منقوصة الأدلة أو ضعيفة، وهناك سوابق كثيرة تؤكد هذا القول، آخرها قضية موقعة الجمل، وهذا حرام، لأن دم الشهداء دين فى رقبة كل منا، وكنت أود عندما يرى المستشار عبدالمجيد محمود حالة الاحتقان ضده، واتجاهاً عاماً لا يرغب فيه، أن يبدأ بنفسه ويختفى عن المشهد تماماً، ويترك الموقع لغيره لأن البلاد ليست فى حاجة إلى تظاهرات جديدة، وللعلم الانسحاب لم يكن يقلل منه، وجاء قرار الرئيس، تعبيراً عن الاحتقان الشعبى من البراءات الكثيرة فى قضايا قتل شهداء الثورة، وشخصياً أرى أن إخراج هذا القرار لم يكن جيداً، وكان يحتاج إلى مراجعة مع المساعدين والمستشارين كما أرى أن بعضاً ممن يحيطون بالرئيس تنقصهم الخبرة السياسية، لأنه من الضرورى أن يؤخذ فى الاعتبار عند إصدار القرارات الوضع السياسى، وأنا غير سعيد لما حدث، وواضح أن هناك حالة تردد فى المعلومات أدت إلى حدوث بلبلة فى الرأى العام، ويحسب للدكتور مرسى قبوله التماس المجلس الأعلى للقضاء بعودة النائب العام لمكانه، وقد جاء ذلك استجابة لشيوخ القضاة، خاصة أن الجميع يعلم أنه فى الماضى كان هناك ما يعرف ب«مذبحة القضاة». ■ كيف تفسر الاشتباكات التى وقعت الجمعة الماضى، والتى اتهمت فيها جماعة الإخوان المسلمين بأنها التى بدأت بالاعتداء على متظاهرى القوى السياسية ضد الرئيس؟ - التغطية الإعلامية كانت غير منصفة وغير محايدة فقد وجهت الاتهامات جميعها لشباب الإخوان، رغم أننا ننزل فى أى مليونية فى ميدان التحرير فى الساعة الرابعة عصراً، وهذا ما اتفق عليه، ولكن بكل صدق وأمانة إذا كان هناك شباب من الإخوان تواجدوا وبدأوا بالاعتداء فسوف تتم محاسبتهم، والآن يتم البحث والتحرى حول الأمر، للوقوف على الحقيقة، وعلمت منذ قليل أن هناك ما يزيد على 70 مصاباً من الجماعة ونحن نتحدث بكل صراحة، إذا ثبت خطأ ضد أبناء الإخوان فسوف يعالج ويتم تقديمه، لأننا لا نرغب فى تكرار المشاهد المأساوية مجدداً، والدليل هو التنبيه يوم الجمعة على كل الإخوان بعدم الاتجاه إلى التحرير، والتواجد أمام دار القضاء العالى، ما يؤكد حسن النية، وفى المقابل أيضاً نحن نجمع الأدلة، فيما يخص حرق أتوبيسات الحزب وسوف نعلن الحقيقة كاملة أمام الجميع فور التأكد منها، ونقول دائماً من يعبر عن رأيه ويرغب فى الاعتراض على الرئيس والجمعية التأسيسية للدستور، ومن لديه احتقان على دماء الشهداء، فلهم جميعاً الحق فى التظاهر والتعبير عن رأيهم دونما تعد من أى طرف على الآخر. ■ ألا ترى أن كل هذه الأحداث نالت من شعبية الجماعة فى الشارع؟ - هذا الكلام يذكره كثير من النخبة والمثقفين، لكن الواقع الفعلى يؤكد أن شعبية الإخوان على الأرض بين الناس تزايدت بعد الثورة بشكل واضح، والشعب يعرف تماماً وقادر على التمييز بين الغث والسمين، بين القول والفعل، فمثلاً الحرية والعدالة يعمل فى كل بقاع الجمهورية، ويهدف إلى خدمة المجتمع كما أن الإخوان موجودون لأنهم فصيل مصرى، ومواقفهم مع الرجل البسيط والمجتمع بأكمله معروفة، لذلك فإن الالتفاف حولهم يزداد يوماً بعد يوم، وهذا طبيعى جداً لأن الشعب لن يقف كثيراً أمام المزايدات التى ينتهجها البعض بهدف تشويهنا. ■ وهل تعتقد أن الجماعة يمكن أن تحصل على نفس عدد المقاعد فى مجلس الشعب المقبل؟ - أتوقع أن نحصد نسبة أكبر من المقاعد عن الانتخابات السابقة ويمكن أن نصل إلى الأغلبية فى حدود ال50٪. ■ الفترة الانتقالية شهدت تفاهمات فى بدايتها بين المجلس العسكرى والإخوان ثم انقلبت إلى خلافات وصراع فما السبب؟ - المجلس العسكرى لم تكن له الخبرة الكافية لإدارة شؤون البلاد، وهذا ليس عيباً، ولذا لجأ إلى التشاور مع كل الأطراف، وهذا الأمر كان جيداً فى بداياته بهدف استطلاع آراء جميع الأطياف السياسية، وبعدها حاول «العسكرى» إرضاء كل الأطراف، وتسبب اختلاف الرؤى فى وضعه فى مأزق وظهر متعثراً فى قراراته، لذلك حاول إيجاد تكتيك آخر، تمثل فى محاولته إيجاد تفاهمات مع الفصائل كل منها على حدة، لكنه بذلك أوقع نفسه فى خطأ، لأنه ما كان عليه أن يستطلع رأى القوى السياسية على انفراد، وكان يجب أن يكون الحوار جماعياً، فبدا المشهد معقداً، إلى أن جاء الاستفتاء وبرزت على الساحة مواجهة بين التيارات الدينية، تطورت إلى اضطراب فى الرؤى. ■ لماذا لم تعلنوا صراحة عن رأيكم فى المجلس العسكرى، مادمتم معترضين على أدائه؟ - غياب الحنكة السياسية تماماً عن المجلس العسكرى، جعل حسم الأمور صعباً، ونحن كثيراً ما تحدثنا وأوضحنا وجهات نظرنا فى كل شىء، إلا أن «العسكرى» لم يستمع لنا، وكان من المفترض أن يتخذ قراره دون النظر لمن يغضب ومن لا يغضب، لكنه لم يفعل، فمثلاً أعلن عن قانون الانتخابات، ثم تراجع عنه لإرضاء أطراف بعينها، وقالوا وقتها إن العسكرى تراجع لإرضاء الإخوان، وخرجنا نؤكد أنه لا مشكلة لدينا فى القانون وما زاد الأمر تعقيداً مسألة تسليم السلطة التى كانت غير واضحة، لاسيما أن ما عرف ب«وثيقة السلمى» تضمنت بقاء المؤسسة العسكرية فى الحكم لفترة طويلة، واستشعرت حينها أن تسليم السلطة سيكون شكلياً، وأن المجلس سيظل لمدة طويلة، على غرار النظام التركى، وهو ما كان ينذر بخطورة لأنها نقطة خلاف جوهرية بين المجلس، وكل القوى المدنية، فجاءت المليونية التى قضت على الوثيقة بما فيها. ■ هذا عن رؤيتكم للفترة التى سبقت وثيقة السلمى.. حدثنا كيف صارت العلاقة بين الجماعة والمجلس العسكرى بعد الانتخابات البرلمانية؟ - بعد نجاح التيار الإسلامى، وحصوله على الأغلبية فى البرلمان، شعرنا أن المجلس العسكرى يضمر فى نفسه شيئاً بسبب فشل «وثيقة السلمى» وفى الأيام الأولى للبرلمان أرسل المشير طنطاوى رسالة إلى المجلس بتسليم التشريع وسعدنا بذلك، وبعدها وعند مراقبتنا للحكومة وجدنا أن أداءها يتراجع بشكل ملحوظ، وظهرت أزمات مفتعلة، ما أثر على الاحتياطى النقدى، ومارسنا حقنا كحزب الأغلبية، وطلبنا من العسكرى أن يسمح للأحزاب بتشكيل حكومة إنقاذ وطنى، وفوجئنا برد غير مقنع، وأنا شخصياً طلبت ذلك من المشير والفريق سامى عنان، ولكنهما حاولا حل المشكلة على أنها أزمة بين مجلس الشعب والحكومة، وبدت التوترات بيننا للجميع، لكن للحقيقة فإن عجز وفشل الحكومة هما السبب فى ذلك. ■ ولكن أنتم رحبتم بحكومة الدكتور كمال الجنزورى؟ - نعم هذه حقيقة فقد أكدت وقتها والدكتور محمد مرسى للعسكرى أننا سوف نتعاون مع الحكومة، وكان سعيداً بذلك لكن ليس معنى هذا أن نتعاون معها فى الخطأ، ولذا عندما وجدنا أداءها ضعيفاً وأنها غير قادرة على تحمل المسؤولية مع تزايد الأزمات ومن الطبيعى أن تتأثر شعبيتنا لضعف الحكومة، وعدم قدرتها على حل المشاكل فكان لازماً أن نقف وقفة حاسمة، ونقول إن هذا عبث بالاستقرار، وجاء الرد باتهام الطرف الثالث، بالتسبب فى الأزمات وكلام من هذا القبيل. ■ من هو الطرف الثالث كما تفسرون؟ - لا أعرف. ■ ولكن العسكرى استجاب لكم، بعد أن علقتم جلسات مجلس الشعب، وأجرى تغييرا وزارياً قيل وقتها إنه لإرضائكم؟ - التغيير جاء لحقائب وزارية ليس لها شأن بالأزمات الكثيرة التى شهدها الشارع المصرى، مثل القوى العاملة والثقافة والبحث العلمى، وكانت هناك اتصالات مع اللواء ممدوح شاهين والفريق عنان، وقالا لنا: المشكلة هنحلها ورجعوا الجلسات لأن تعليقها محرج للمجلس العسكرى. ووعدانا بتغيير الوزراء المثيرين للجدل لكن ذلك لم يحدث، وارتضينا بالأمر الواقع، بعدها التقيت الدكتور الجنزورى والفريق عنان فى مقر الأمانة العامة لوزارة الدفاع بدعوة وجهت إلى شخصياً، ولم يأت المشير لظروف خاصة به، وقال لى الجنزورى: إنكم لا تملكون حل الحكومة، وقرار حل مجلس الشعب موجود فى الأدراج، وبالطبع فهمنا إنه تهديد لحل المجلس وعلمنا أن هناك إمكانية لتنفيذ التهديد، واستبعادنا من المشاركة فى الحكومة، ولذلك قررنا ترشحنا لرئاسة الجمهورية. ■ قلت إن الفريق عنان كان حاضراً الجلسة فما كان رد فعله على تهديد الجنزورى؟ - الصمت. ■ وماذا كان ردك؟ - قلت إننا مصممون على حل الأزمة. ■ من كان صاحب فكرة الترشح للرئاسة؟ - لست متذكراً شخصاً بعينه لأننى كنت وقتها فى أوغندا، وعموماً تم عرض الأمر على الهيئة العليا للحزب، والجماعة عرضته على مجلس شورى الجماعة واتفقت الآراء على خوض الانتخابات. ■ قيل إن دفع الجماعة بمرشح لها للرئاسة كان تكتيكياً؟ - بالعكس كان اضطرارياً، نتيجة لتصرفات المجلس العسكرى، ولو كان أظهر مرونة ما كنا ترشحنا للانتخابات الرئاسية. ■ هل حدث نقاش مع العسكرى حول ترشح الجماعة للرئاسة؟ - لم يحدث أى نقاش فى هذا الأمر. ■ وبم تفسرون هذا الموقف؟ - المجلس العسكرى تعامل مع الموقف على اعتبار أن فرص نجاحنا ضئيلة، خاصة مع طرح اسم المهندس خيرت الشاطر، وازداد تفاؤلهم باستبعاده وترشح الدكتور مرسى بدلاً منه. ■ بعد ذلك وقبل إعلان نتيجة الانتخابات الرئاسية شهدت المرحلة الانتقالية حدثاً مهماً وهو حل مجلس الشعب كيف استقبلتم الخبر؟ - شهدت هذه الفترة تحديداً تواصلاً بين القوى السياسية من أجل التوافق على معايير الجمعية التأسيسية لصياغة الدستور، واتفقنا بالفعل على المعايير، وكان هناك اجتماع مع المجلس الأعلى للقوات المسلحة فى 14 يونيو الماضى، وتزامن ذلك مع رفع جلسات مجلس الشعب، وفوجئت باتصال من الفريق عنان والدكتور السيد البدوى ليخبرانى بطلب المشير عقد الجلسات، وتساءلت عن المبرر فأكدا رغبة المشير فى ذلك قبل لقائه بالقوى السياسية المقرر يوم الخميس، وأخبرتهما بعدم مقدرتى على دعوة المجلس فى غير موعده، وأمام إصرارهما وآخرين، تم دعوة المجلس يوم الثلاثاء على أن نجتمع الأربعاء لانتخاب الجمعية التأسيسية، وكانت المفاجأة بعدها حل المجلس بالكامل. ويتضح من هذا السيناريو أن هناك نية مبيتة وتكتيكاً خاصاً، والشواهد كثيرة، وكما قلت مراراً فإن الدستورية العليا تعدت اختصاصاتها فى هذا الشأن، فالدعوى كانت على الثلث، وهى موجودة لبحث مدى دستورية القوانين وإذا كان حكم الدستورية ملزماً للجميع ولا يحتاج صيغة تنفيذية فمجلس الشعب هو المخول بالتنفيذ، وفى يوم الجمعة «العطلة» صدر قرار من المشير بتنفيذ حكم حل المجلس ونشره فى الجريدة الرسمية فوراً، الأحداث كانت متسارعة بشكل لافت للنظر، جعل الجميع «إخوان» وغيرها من القوى السياسية يتأكدون أنها مؤامرة على مجلس الشعب وضحت معالمها بعد ذلك تماماً. ■ ماذا تقصد بذلك؟ - أفسر أن إلغاء وثيقة السلمى وبوادر نجاح مرسى قبل إعلان النتيجة كان الهدف منه التخلص من مجلس الشعب والاستحواذ على سلطة التشريع والتأسيسية وصدور الإعلان الدستورى المكمل، الذى أقل ما يوصف به أنه وصمة عار فى جبين المجلس العسكرى. ■ أيضاً الرئيس مرسى أصدر إعلاناً دستورياً؟ - هناك فارق كبير بين الإعلان الدستورى المكمل الصادر من المجلس العسكرى بعد تنفيذ حل مجلس الشعب والأحداث الغريبة التى ذكرتها لكم، إضافة إلى أن إعلان العسكرى تضمن حق «الفيتو» على مواد مشروع الدستور، وهو الاعتراض على أى شىء، ولا ننسى أن الدكتور مرسى انتخب بإرادة شعبية وجاء عبر انتخابات نزية ولم يقم بحل مجلس الشعب ولم تكن هناك سلطة تشريعية، ولم يعط لنفسه حق الفيتو كما فعل العسكرى، وأيضاً وعد بأنه لن يستخدم سلطة التشريع إلا فى أضيق الحدود، أضف إلى ذلك توقيت إصدار الإعلان الدستورى تجد أنه جاء بعد يومين من حل المجلس، مما يؤكد أنه كان جاهزاً ومعداً منذ فترة، لكننا أردنا التصرف بشكل قانونى ولم أنتقد شخصياً القضاء وأحترم أحكامه حتى لو لم أكن راضياً عنها. ■ جلست مع العسكرى قبل الإعلان الدستورى المكمل.. هل ذكر لك شيئاً عنه؟ - سألت عن إمكانية إصدار إعلان دستورى فقالوا «مش بالضبط» وبعد خروجى وقبل أن أصل للمكتب صدر الإعلان. ■ هل تحدثت مع الرئيس حول إمكانية تغيير القيادة العسكرية؟ - لم أتناقش معه، وعلمت بخبر إقالة المشير من خلال الزملاء أثناء اجتماع المكتب التنفيذى للحرية والعدالة، وتأكدنا من التليفزيون أن الخبر صحيح، وكانت مفاجأة لنا. ■ صف لنا شعورك فور علمك بنبأ إقالة طنطاوى وعنان؟ - بكل صدق جلست أسأل نفسى هل هذه الخطوة جاءت بعد حسابات دقيقة ومتأنية، لأنها خطوة كبيرة تحتاج إلى حسابات مدروسة جيداً، وتمنيت حينها أن يكون الرئيس قد درس الأمر بعناية فائقة. ■ هل توقعت هذه الإقالات؟ - توقعتها، ولكن بصراحة ليس فى هذا التوقيت. ■ وهل جلست مع الرئيس بعدها؟ - التقيت الرئيس بعدها تقريباً ب10 أيام، وكان ذلك قبل عيد الفطر مباشرة، وفهمت أنه لم يكن راضياً عن دقة المعلومات التى وصلت إليه فى أحداث رفح، وأيضاً عن عملية تأمين جنازة الشهداء، مما دعاه إلى اتخاذ هذا القرار وتحمل مسؤوليته ولكن لم أعرف تفاصيل الإقالة، لكن بالتأكيد فإن القيادات التى تم تعيينها لم تفاجأ بالأمر. ■ بخصوص الجمعية التأسيسية.. ما رد فعلكم حال صدور قرار بحلها؟ - نحترم أى حكم وبالطبع الرئيس سوف يصدر قراراً بتشكيل الجمعية من جديد، ونتمنى أن يتم إقرار ما تم الاتفاق عليه حتى لا ننتظر طويلاً دون دستور، لأن الدستور وأيضاً مجلس الشعب لابد أن نعمل على إخراجهما فى أقرب وقت حتى تكتمل مؤسسات الدولة ونكون قادرين بالفعل على بناء مصر الجديدة. ■ وإن ظلت الجمعية التأسيسية الحالية فى عملها متى يكون الدستور موجوداً بالفعل؟ - بعد شهرين تقريباً، لأن هناك حواراً مجتمعياً ثم إعادة الصياغة، وذلك بعد سماع رأى الشعب فى المسودة، وسيكون ذلك مع نهاية العام الحالى تقريباً أو بداية العام الجديد على أقصى تقدير، وبعد الموافقة على الدستور بشهرين يتم إجراء انتخابات مجلس الشعب. ■ بخصوص انتخابات مجلس الشعب هل سنرى تحالفاً بين الحرية والعدالة وأحزاب وقوى سياسية أخرى وما رأيك فى التحالفات الحالية؟ - ربما يكون هناك تحالفات مع بعض الأحزاب إلا أنه حديث سابق لأوانه، إلا أنه ليس عيباً، ربما تكون هناك أحزاب وقوى ليس لها المقدرة على خوض الانتخابات منفردة، لذلك تلجأ لعمل تحالفات. ■ الإخوان متهمون بالرغبة فى الاستحواذ والسيطرة على مناحى الحياة السياسية، ما ردكم؟ - أين هذا الاستحواذ دائماً أقول لمن يطلق هذا الاتهام انظر إلى الحكومة، الإخوان لهم خمسة مقاعد وزارية فقط من إجمالى 35 وزيراً، بالرغم من أننا حزب الأغلبية فى البرلمان، ويرددون دائماً كلمة «أخونة»، أطالبهم بإحصائية أو أدلة على صدق ما يدعون، ولكن إذا وجد شخص إخوانى كفء فهل ذلك عيب، أتمنى أن ينظر الجميع إلى الأمر بحيادية. ■ الجماعة متى يمكن أن تقنن أوضاعها؟ - أعلم أن الإخوان تستعد جدياً لتوفيق أوضاعها قانونياً، وإن كان ذلك تأخر كثيراً بسبب النظام السابق أو القوانين التى كانت تهدف فى الأساس إلى خدمة أغراض خاصة، لذلك كان يقوم «الترزية» بتفسيرها وفق مزاج صاحبها، ولكن الآن هناك قانون يخص الجمعيات الأهلية منظور بالفعل أمام البرلمان، وقد شاركت فيه لجان متخصصة، وأؤكد أن إعلاء الشرعية والقانون شىء مهم جداً. ■ لماذا كنت تغيب دائماً عن الاحتفالات التى كان ينظمها المجلس العسكرى؟ - لأنهم ببساطة شديدة لم يدعونى لأى احتفال، وبالنسبة لى لا مشكلة فى ذلك.