حبست نفسى عن الكلام فى هذا الموضوع 25 عاماً ولا أستطيع الاستمرار أطول من ذلك لأنه معروف لكل من درس القانون مثلى أن 25 سنة هى أقصى عقوبة ولا ينافسها إلا عقوبة الإعدام.. هتسألونى طبعاً إيه الموضوع يا جلال؟؟ الحكاية أن البطل المصرى الأوليمبى محمد رشوان يتم تكريمه بمناسبة مرور 25 سنة على عدم استغلاله إصابة منافسه على الميدالية الذهبية البطل اليابانى ياماشيتا فى دورة الألعاب الأوليمبية لوس أنجلوس سنة 1984 وتم إطلاق لقب أسطورة الأخلاق الرياضية عليه فى مصر وحدها بمعرفة إحدى الجهات غير الحكومية. وبداية أؤكد تأييدى وتشجيعى لكل بطل يحقق لبلده نصراً أوليمبياً أو عالمياً فى لعبته، كما أوافق على مقابلة المهندس حسن صقر للأبطال القدامى لتكريمهم وهذا تقليد متبع فى بطولة ويمبلدون للتنس قبل كل بطولة. لكن بصفتى بطلاً محترفاً زاملت عمالقة الرياضة فى العالم على مدى سنوات طويلة أجد أنه من واجبى أن أوضح للأجيال وللشباب حقيقة الأمر وذلك من باب ألا نستمر فى تقديم التاريخ المزيف وكفاية أنه تم تلقيننا التاريخ السياسى المزيف لفترة ما قبل سنة 1952 وفساد ملك مصر والسودان وشراؤه الأسلحة الفاسدة وعدم وطنيته وأنه يلعب القمار وأنه زير نساء وخلافه، واتضح أننا تجرعنا هذا التاريخ المزيف فى طفولتنا وشبابنا وما يحدث لكثير منا الآن هو ذنب من صدقوا هذه الروايات الباطلة. إن ما فعله رشوان فى المباراة النهائية ليس له أى صلة بالأخلاق أو الروح الرياضية أو المبادئ الرياضية لأن اللاعب يفترض أنه عندما ينزل المنافسة فهو فى كامل لياقته البدنية والذهنية ليحقق حلمه وحلم بلده، وإذا أصيب فهو يعتذر وينسحب من البطولة أما إذا دخل المنافسة وهو مصاب مثلما فعل ياماشيتا فهذا تحقير من شأن منافسه رشوان يستحق عليه أن يلقى الهزيمة فوراً، وكان الأولى أن ينسحب اليابانى ياماشيتا لأنه مصاب وليس العكس أن يترك رشوان له المباراة لأنه تفادى احتكاكه بقدمه المصابة من باب الأخلاق، يا سلام.. هذا غير موجود فى قاموس الرياضة ولا يقبل أى محترف رياضى فى العالم سماع هذا التلوث الرياضى لأنه من المفترض فى المنافسة التركيز وإذا نظرت إلى ظروف خصمى الصحية مثل كسر قدمه أو الاجتماعية مثل وفاة أمه أو خالته ليلة المباراة يضيع التركيز وأخسر المباراة، والأولى أن أكسب المباراة ويتحمل خصمى ظروفه الصحية. إن إقحام الأخلاق الرياضية فى هذه الواقعة هو نوع من تزييف التاريخ لأبنائنا وشبابنا الذى ولد بعد سنة 1984 وسيتم توارث الحكاية على أنها أسطورة أخلاقية بجد ويتم عمل مولد لها بمرور 50 سنة و100 سنة وبعد عمر طويل يتم عمل ضريح لرشوان نذهب إليه للتبارك على الأخلاق، وفى رأيى الذى حبسته 25 سنة كان يجب مساءلة رشوان عن إضاعته فرصة الميدالية الذهبية ورفع علم بلاده بدلاً من بحثه عن مجد شخصى تحت مسمى وهمى لا يحظى بأى اهتمام إلا من اليابان، بدليل أن هذه الواقعة لم ترصدها اللجنة الأوليمبية الدولية ولم تلتفت إليها لأنها ضد ميثاق الشرف الرياضى أن البقاء للأقوى وليس للمصاب ما دام الرياضى يتبع الأخلاق الرياضية فى قواعد وأصول اللعبة وهذه هى الأخلاق المطلوبة والتى لا تحتاج إلى تكريم وخلاف ذلك أسميه السذاجة الرياضية وكفاية ارحموا شبابنا من الأساطير الوهمية.