قال مرعى عرار، المتحدث الرسمى باسم الجماعة السلفية الدعوية فى مدينة رفح، إن أهالى سيناء تربوا على حب الوطن، بينما كان يتم اعتقال بعضهم لسنوات، وتؤخذ زوجاتهم وأمهاتهم رهائن أمام أعينهم. وأضاف، فى حواره ل«المصرى اليوم»، أنه كان فى إمكانهم الدفاع عن أنفسهم بالسلاح لكنهم حكموا عقولهم، لافتاً إلى حالة الاحتقان التى تعيشها سيناء الآن، وعدم سماحهم بتوطين الفلسطينيين بها. وأضاف أن التعامل الأمنى لم يختلف كثيراً عن نظام «مبارك»، الرئيس السابق، كما أكد عدم وجود إرهابى واحد فى جبل الحلال، وإلى نص الحوار: ■ كيف تقيم التناول الإعلامى لما أثير مؤخرا بشأن تهجير نحو 9 أسر قبطية فى مدينة رفح؟ - لا أستطيع أن أستوعب مثل هذا الأمر، فى ظل الظروف التى تمر بها البلاد، والتى تسمح لأى أحد بأن يتكلم فى أى شىء أو ينفذ أجندات خاصة، فالواقع الذى نعيشه فى رفح يختلف تماما عما أثير فى وسائل الإعلام، خاصة أن هذه الأسر القبطية تعيش بيننا منذ عقود ولم يحدث أى خلاف معها يوما ما، ولم تهجر أسرة واحدة، أو اقترب منها أحد، وكل المعلومات تشير إلى أن مشاجرات عادية حدثت بين أسرة قبطية مع أخرين، وأصحاب المصالح والأجندات التى تعبث بسيناء التقطت الأمر وصورته فى وسائل الإعلام، خاصة العالمية على أنه اضطهاد. ■ أنت تشير إلى مؤامرات وأياد خارجية تعبث فى سيناء؟ - «سيناء» ملف شائك ولدينا مؤامرات خارجية وداخلية، سواء بقصد أو دون قصد، واستقرارها هو استقرار لمصر، وهناك أحداث لا أحد يعرف الفاعل الحقيقى لها، مثل أحداث بورسعيد ومحمد محمود وغيرها، وفى النهاية إذا أردنا أن نوجه اتهاماً فى الداخل أو فى الخارج لا يوجد لدينا دليل، أو أحد نتهمه، ولكن ما نؤكد عليه هو أن سيناء مستهدفة فى الآونة الأخيرة، وتهدد الأمن القومى لاعتبارات كثيرة منها قدرها الاستراتيجى وجوارها لأخطر منطقتين فى العالم هما قطاع غزة والكيان الصهيونى. ■ لكن «سيناء» تعيش تهديدات أخرى بسبب ممارسات بعض الجماعات الدينية المتطرفة؟ - الملف الدينى فى سيناء تعاطى معه الإعلام بصورة مضللة، وصور سيناء وكأنها «تورا بورا» وأفغانستان، وهذا أمر لا أساس له من الصحة، وما أريد قوله ألا نحمل أهل سيناء المسؤولية كاملة، وإن كان العبء الأكبر يقع على عاتق نظيره الذى لم يختلف كثيرا عن النظام الحالى السابق فى معالجته لقضية سيناء، وهنا أتساءل: أليس منكم رجل رشيد يعلم أن الحكم بإعدام 14 من الجماعات الدينية قد يثير غضب البعض فى هذا التوقيت الحساس التى تمر به سيناء، ولماذا لم يؤجل هذا الحكم 6 أشهر؟، ولا يجب أن يفهم من كلامى أنى أطالب بالبراءة لهؤلاء، ولكن أخشى أن يكون لهذا الحكم رد فعل عنيف من قبل البعض. وفى المقابل نجد من يقتل من أبناء سيناء ولا أحد يتتبع القاتل، وهل يعرف من قتل ابراهيم عويضة، وفى النهاية تخرج علينا إسرائيل تطالب بتسليم الجاسوس عودة الترابين، أليست هذه ازدواجية فى التعامل مع أبناء سيناء. وهذا ما يجعلنى أتساءل أيضا، لماذا لم تتم محاكمة الضباط الذين قتلوا سيناويين وألقوا بهم فى أكوام الزبالة، ألا تترك مثل هذه الممارسات آثارا سلبية من القهر والظلم يجعل البعض يفكر فى العنف. ■ وهل بعض الممارسات الأمنية الخاطئة لا تبرر كل هذا العنف؟ - أكرر أن ما يصل إليكم عبر وسائل الإعلام صورة مغلوطة ومبالغ فيها، أهل سيناء من أشرف الناس وتربوا على حب مصر، وارتباطنا بالأرض والوطن أمر دينى وشرعى، ونعلم أن من يعبث بالوطن حسابه عند الله عسير، لقد اعتقلنا لسنوات وأخذت أزواجنا وأمهاتنا رهائن وكم كان صعبا على أنفسنا أن تساق أمهاتنا إلى مديرية الأمن، والأمر أمام أعيننا، وكان بإمكاننا أن ندافع عن أنفسنا بالسلاح، ولكن لرجاحة عقولنا صبرنا لإحساسنا بالمسؤولية، ولم ننجرف وراء أهداف أمنية تريد أن تصور السيناوى على أنه أرعن وأهوج، لقد ظلمنا فى السابق ولا نريد أن نظلم لاحقا. ■ تعرض المركز الإعلامى الذى أنشأته فى رفح مؤخرا، لانتقادات كثيرة منها أنه يهدف لاستيطان سكان غزة فى سيناء يريد الهيمنة على مايكتب فى وسائل الإعلام. ما تعليقك؟ - لا أحد يجرؤ أن يهددنى أو يتهمنى بالتخوين وما قمت به صحيح وسليم، خاصة أن الأجهزة الرسمية فى الدولة رحبت بالفكرة، ولم أفكر فى السيطرة على مايكتب فى الإعلام، وما يؤكد ذلك أننى لا أتدخل فى عمل أحد من الإعلاميين ودورى هو تقديم المساعدة فقط لمن يرغب، وعندما دشنت المركز الإعلامى برفح أعلنت أن الهدف الرئيسى له مساعدة وسائل الإعلام العالمية والمحلية فى كيفية الحصول على المعلومات الصحيحة من مصادرها، وكثيرا ما كان يثير تعجبى أن الإعلام الرسمى يبث أخباراً مغلوطة وغير صحيحة عن سيناء، ولذا فكرت فى هذا المركز وأجريت اتصالات مع المسؤولين فى المركز الإعلامى لوزارة الإعلام وطرحت الفكرة ولاقت مساندة، خاصة أن لدينا جمعية مشهرة تحمل رقم 283 لعام 2012 أحد مهامها هذا المركز الإعلامى. ■ وجهت اتهامات أخرى ل«المركز» بأنه يهيئ الرأى العام لبيع السلاح لغزة، وأن المهندس خيرت الشاطرهو الممول لهذا «المركز»، خاصة أن له علاقات قوية؟ - لا أنكر علاقتى ب«الشاطر»، وأتشرف بذلك، وعلاقتى به امتدت ل13 شهراً فى حجرة واحدة فى المعتقل، وأقول عنه دائما «عقمت النساء أن يلدن مثله»، ولكن لا علاقة له من قريب أو من بعيد بالمركز الإعلامى، فهو كما أعرفه رجل اقتصاد من طراز فريد وليس رجل سياسة، وأعرف أنه كان عازفا عن فكرة الترشح لرئاسة الجمهورية، ولكن كان هذا اختيار حزب الحرية والعدالة، وأنا لست متحدثا باسمه، لكن أعرف الاتهامات التى تحاك ضده. ■ وماذا عن ذكريات المعتقل الذى جمع بينكما؟ - كان عمرى 30 عاما وهو تجاوز الخمسين، وأنا شاب كنت أنام الليل بعد أن أمضيت يومى فى لعب الكرة، و«الشاطر» رغم مرضه كان يقيم الليل ساجداً لله. ■ يرى البعض أن تعاطف الجماعات الدينية مع أهل غزة ودعوة الترحيب بهم على أرض سيناء مغازلة للرئيس محمد مرسى، لارتباط الإخوان بحماس؟ - نحن لسنا بعقولنا المتواضعة أحرص على سيناء من الإخوان، أوعلى القضية الفلسطينية من «الجماعة» هذا بحكم التاريخ، وهل يعقل أن تترك أماكن فلسطينية اغتصبت على أن تكون سيناء هى الأرض البديلة - هذه الادعاءات حملة منظمة ضد أهل سيناء، وما أعرفه أن الإخوان - ولست متحدثا عنهم - يسعون لتحسين المعيشة فى قطاع غزة وهذا شأنهم، أما البحث عن وطن بديل للفلسطينيين على أراضينا فغير منطقى ولن نسمح به نحن أهل سيناء. ■ ما تقييمك للعملية «سيناء»؟ - كانت خاطئة فى مجملها، فالوضع فى سيناء لا يحتمل كل تلك الجحافل من الدبابات والطائرات والمعدات الحربية، وأن لفت الأنظار العالمية لسيناء بهذه الصورة كان خاطئا، وفى النهاية ماذا فعلت هذه الجحافل كما ذهبت إلى سيناء عادت مرة أخرى. ما شهدناه من ممارسات «سيناء» كان يستفز الأهالى ويؤجج المشاعر، إن المشهد الذى خلفته «العملية» فى نفوسنا كان أشبه بحرب العراق على الكويت. ■ هل اختلف تكتيك العملية سيناء من وجهة نظركم عقب تعيين «السيسى» وزيرا للدفاع؟ - كان هناك تجاوز قبل تغيير وزير الدفاع، والأمر شهد تغيراً طفيفاً، وإن كنت أرى أن الرئيس تم توريطه فى هذه العملية ولا أعرف من ورطه خاصة أنه أعلن عن تحمله مسؤوليتها. ■ ما مدى صحة المعلومات التى نشرت بشأن وجود نحو 1700 إرهابى يعيشون فى جبل الحلال؟ - لا يوجد إرهابى واحد فى منطقة جبل الحلال، لأن سكان هذه المنطقة تعهدوا بحمايتها، وأتحدى أى مسؤول يعلن عن القبض على إرهابى فى جبل الحلال. ■ لماذا لا يحدث تقارب فكرى ولغة حوار بين الجماعات الدينية فى سيناء من أجل استقرار الوطن؟ - هذه هى المفاجأة، سيحدث قريبا لقاء بين الجماعات الدينية المختلفة فى سيناء، وسنجتمع جميعا للاتفاق على التهدئة وحب الوطن.