«أحب أفلاطون ولكنى أحب الحقيقة أكثر»، جملة خالدة قالها أرسطو عندما اختلف مع أستاذه، ترددت هذه الجملة بداخلى عندما عاتبنى أصدقائى المسيحيون على إنكارى معجزة شفاء السيدة كوكب من العمى بظهور العذراء، فقلت: «أحب إخوتى المسيحيين ولكنى أحب الحقيقة أكثر»، هم يعرفون مواقفى الرافضة لأى فكر عنصرى طائفى ضدهم، ويعرفون أيضاً أن انتقادى لايحمل أى صبغة عنصرية فقد وقفت وبشدة أمام ظاهرة مماثلة وهى خرافة القطرة القرآنية التى تشفى المياه البيضاء والتى روج لها باحث مسلم، تدفقت الرسائل الإلكترونية من الإخوة المسيحيين على بريدى تهاجم موقفى باستنكار تشوبه الدهشة والعصبية، ومصدر الدهشة هو الربط المتعسف بين حب العذراء وبين ضرورة ظهورها وشفائها لمرضى العمى!، برغم أننى أرى أن الحفاظ على المنهج العلمى فى التفكير هو أفضل حماية للمسيحيين والمسلمين أيضاً من غول الجهل والتطرف والطائفية، وأن المعجزة الحقيقية هى أن ننفض غبار الخرافات عن عقولنا المغيبة! ما أزعجنى وما حذرت منه ليس معجزة الظهور فى حد ذاتها ولكن توابع ما سيحدث فى الأمخاخ بعد الترويج لهذا الظهور، وقد ظهرت أولى ثمراته فى حكاية شفاء السيدة كوكب التى قرأت التقرير الطبى الذى كتبه لها الدكتور صفوت شاكر الذى أطلب منه احتراماً للعلم والعقل والقسم الذى أقسمه أن يعرض التقارير الطبية للسيدة كوكب قبل الظهور وبعد الظهور، وصورة أشعة الصبغة التى توضح أن هناك على مقلة الشبكية أو مركز الإبصار ندبة تليف، وصورة بعدها لزوال هذه الندبة، هذا ليس تحدياً ولكنه مسار علمى يحترم العقول ومن المفروض أن يحدث هذا الإجراء فى أى مكان فى العالم، لأن هذه الحالة بهذا الشكل الذى يصفه الدكتور صفوت فى تقريره هى حالة لابد أن تثبت فى المراجع والمجلات العلمية، ولذلك لابد لهذه التقارير أن تدرس من قبل لجنة من أساتذة الرمد وطب العيون حتى لا يتاجر البعض فى آلام الناس وأوجاعهم ببيع الوهم، وهناك نقاط فنية كثيرة لابد لهذه اللجنة أن تناقشها ومن المؤكد أن طبيب العيون المبجل المحترم يعرفها، من هذه النقاط الفنية هل ما حدث فى الشبكية هو ارتشاح حول مركز الإبصار MACULAR OEDEMA يراه كثير من أطباء الرمد فى مرضى يحضرون إلى العيادات شبه مكفوفين وبعد فترة حين يزول هذا الارتشاح تعود قوة إبصارهم إلى سابق عهدها؟، وهل ما حدث كان نزيفاً فى الشبكية وحين اختفى عاد البصر.. إلخ، لابد من مناقشة كل هذه النقاط بجدية وفهم وبعيداً عن العواطف، وفى النهاية أناشد أساتذة طب الرمد من الإخوة المسيحيين وأنا أعرف بعضهم من ذوى الوزن العلمى الثقيل فى طب عين شمس، أناشدهم أن يخرجوا عن صمتهم ويحبوا الحقيقة أكثر ويفتونا علمياً قبل أن يفتنونا إعجازياً ويردوا على هذا السؤال: هل كانت حالة كوكب ضموراً فى عصب البصر حقاً؟ وهل الخلايا العصبية التى تموت تعود إلى الحياة ثانية؟!، أنتظر الإجابة.