داخل عنبر التحقيقات فى سجن طرة يجلس مصطفى محمد حسين منذ 500 يوم ينتظر إثبات براءته من تهم، يقول إنه لم يرتكبها.. عمره لم يتجاوز العقد الثانى ومازال على قوة الأمن المركزى لقضاء فترة التجنيد، قبل أن يخرج تقرير الطب الشرعى ليثبت أن أحد أقاربه هو الذى ارتكب الجرائم المحبوس على ذمتها، داخل أحد المنازل فى عين شمس تجلس أسرته تنتظر عودته. البداية كما يرويها والده، عندما طرق ضابط مباحث باب مسكنهم للقبض على متهم فى قضية سرقة، فتح له مصطفى الباب فسأله الضابط: «فين مصطفى محمد حسين؟» فأجابه متعجبا: «أنا مصطفى» وجاء رد الضابط نافيا نفيا قاطعا قائلا «أنا عاوز مصطفى محمد حسين اللى كان عندى من كام يوم فى قضية سرقة» وبدأ فى وصفه وقال إنه متهم فى قضية سرقة وخرج من النيابة بكفالة مالية قدرها 500 جنيه.. تنبه الأب بسرعة للأوصاف، وأخبر الضابط أن الذى يريده يدعى ممدوح، ويسكن فى البيت المقابل لمنزلهم.. وعلم الأب أن الشخص المطلوب «أحد أقاربه» انتحل اسم ابنه وطلب الضابط مساعدته فى القبض على المتهم الحقيقى وآخرين متهمين فى قضية سرقة. يكمل الأب حديثه: بعد عدة أيام عاد مصطفى إلى المنزل يشكو من تعدى الثلاثة المطلوبين عليه بالضرب، وعلى الفور أخذ بعض أبناء الشارع وأمسكوا بأحدهم واتصل بالضابط يخبره بما حدث.. شكره الضابط وألقى القبض على من أمسكوا به ووعدنى برفع اسم ابنى «مصطفى» من المحضر وإثبات انتحال الشخصية، وبعد فترة جاء الدور على ابنى ليؤدى الخدمة العسكرية والتحق بالأمن المركزى، وفى أحد الأيام جاء اثنان من أمناء الشرطة يطلبانه لإنهاء محضر سرقة محمول، اعتقدت أن تليفونه الذى تمت سرقته قبل فترة وجدته الشرطة، ووعدتهما بإحضار ابنى إليهما بنفسى ووفيت بوعدى وتوجهت إلى قسم شرطة النزهة لأسلمه بيدى فى قضيه السرقة التى تم انتحال اسمه فيها، بعد أن صدر حكم بحبسه 5 أعوام. ويلتقط حمزة عبدالرحمن، الناشط الحقوقى فى منظمة الصوت الوطنى لحقوق الإنسان، طرف الحديث قائلا: قمنا بعمل معارضة ولم نتمكن من إخلاء سبيل مصطفى، وفى أولى الجلسات وافقت المحكمة على انتداب خبراء الطب الشرعى لبيان ما إذا كانت التوقيعات على محاضر الشرطة تخص مصطفى أم لا، وبعد أكثر من عام جاء التقرير ليؤكد أن البصمات والتوقيعات لم تصدر من مصطفى، كما حصلنا على صورة من المحضر الذى تم إثبات أن المتهم الحقيقى انتحل شخصيته وبقى أن تسلمنا الأدلة الجنائية الصورة التى التقطت للمتهم الحقيقى قبل إخلاء سبيله بالكفالة المالية. ويستكمل الأب قائلا: فى إحدى الجلسات طلبنا شهادة الضابط الذى حضر بصحبة صاحب المسروقات محل القضية.. توجهت إليه فرحا وسألته إن كان يتذكرنى وبعد أن ذكرته بنفسى رجوته أن ينطق بالحق فى شهادته، فطلب أن أحدد له أى الموجودين فى القفص هو ابنى «مصطفى» وبسذاجة أشرت إلى ابنى دون أن أعلم ما يضمره وبعدها سمعته يتحدث إلى صاحب المسروقات وهو يشير إلى ابنى قائلا: «هو ده المتهم ولازم تتعرف عليه علشان القضية تمشى». وفى النهاية طلب الأب سرعة الفصل فى قضية ابنه، الذى يتجرع مرارة السجن وتعانى أسرته كل ألوان العذاب بسبب غيابه ظلما.