الأقباط و«فوبيا» وصول الإسلاميين للحكم : مصر على طريق إيران

أعرب عدد من الباحثين والكتاب الأقباط عن مخاوفهم من وصول التيار الإسلامى إلى الحكم، فى المستقبل القريب، ومن خطورة تنامى دور القنوات الفضائية الإسلامية المتشددة، فيما لفت البعض إلى أن مصر تتجه إلى الأفضل وينتظرها مستقبل مشرق، من خلال سيطرة القانون.
قال نجيب جبرائيل، رئيس منظمة الاتحاد المصرى لحقوق الإنسان: «إن مصر فى طريقها لأن تكون دولة مثل إيران أو حركة طالبان فى العديد من مناطقها، بسبب صعود التيار الإسلامى وتحكمه بنسبة عالية فى تلك المناطق، وأنه فى حالة إقامة انتخابات حرة ونزيهة فإنها ستأتى بهم لحكم مصر فى المستقبل العاجل»،
مشيراً إلى أن مستقبل مصر ليس مشرقاً، بسبب ما يجرى فيها من انتهاك لكرامة الإنسان، وارتفاع نسبة حيتان «تسقيع» الأراضى، مع الفساد المنتشر فى الجهاز الإدارى، وانحسار مستوى دخل الفرد، وانحطاط سلوك البشر وعدم قبول الآخر، إضافة إلى ضعف مصر على المستوى الدولى، مما أضعف هيبة الدولة، وخلق جواً صحياً لنمو التيار الإسلامى وتصاعده.
وقال الكاتب الصحفى يوسف سيدهم، رئيس تحرير جريدة «وطنى»: إن ارتفاع نسبة الفقر والبطالة فى مصر أدى لطغيان الدين على جميع مناحى الحياة، وأن اليائسين والبائسين دائماً يلجأون للتطرف الدينى، الذى يجدون فيه سلواهم سواء فيما افتقدوه أو فيما يصعب عليهم الحصول عليه.
وأضاف سيدهم: لا يمكن أن يكون لمصر مستقبل آمن دون كفاية اقتصادية تعمل على حل مشكلة الفقر والبطالة والتعليم والبحث العلمى والثقافة المغلوطة لدى الشعب.
وأكد الباحث القبطى سمير مرقص، أنه رغم وجود حراك فى مصر يطفو على السطح، فإنه يقترب من حدود هوامش التغيير، ولا يعانق عملية قلب التغيير، وأن الحركات الاحتجاجية الموجودة على الساحة ربطت نفسها بمطالب ضيقة ذات طابع ريعى، مثل الفجوة بين الفقراء والأغنياء وغيرها، فى حين أنها لا تتطرق إلى الفجوة التى تتزايد بيننا وبين الدول فى جميع المجالات،
وقال مرقص: «لا أقول دولاً كنا نسبقها فى يوم من الأيام كالهند أو الصين أو اليابان، وإنما دول مثل تشيلى وماليزيا والبرازيل»، مشيراً إلى أن هناك قضايا تهدد المستقبل يجب مناقشتها ومهاجمة المشاكل التى تهدد مصر وتغيب فيها الرؤى المستقبلية، كمشاكل التعليم والصحة والمياه والزراعة. وأضاف مرقص: «من خلال قراءة الماضى والحاضر فى مصر، يتبين لنا أن المستقبل يمضى نحو التيار الدينى المحافظ الذى يقدس الغيبيات ويمجد الخرافات، وهو ما اتفق معه فيه أيمن جرجس، (31 عاما» محام،
مؤكداً أن هناك مخاوف تسيطر على العديد من إخوانه الأقباط، بسبب صعود التيار الإسلامى فى الفترة الأخيرة سواء من خلال فوز جماعة الإخوان المسلمين ب88 مقعدا داخل البرلمان، أو القنوات الفضائية الإسلامية المتشددة وما تبثه من أن المسيحيين أهل ذمة، ويجب التعامل معهم بصيغة فوقية، واعتبارهم مواطنين من الدرجة الثانية، بالإضافة لانتشار الجماعات الإسلامية فى كل مكان فى مصر، ومحاولة صبغة الأحاديث بصبغة دينية متشددة فى كل مجالات الحياة، وفى أمور لا تستدعى الزج بالدين فيها.
من جانبه، خالف الدكتور وسيم السيسى، الباحث القبطى، ما سبق بشأن سيطرة التيار الإسلامى على مقاليد الأمور فى المستقبل، مؤكداً أن مصر تتجه إلى الأفضل، ولا يمكن أن تعود إلى الوراء، وإنما ينتظرها مستقبل مشرق من خلال سيطرة سيادة القانون، الأمر الذى تؤكده الحتمية التاريخية، والمتغيرات العالمية، خاصة أن العالم أصبح قرية واحدة، وأن ما يحدث فى مصر تتم معرفته فى أمريكا فى أقل من الثانية، الأمر الذى يصب فى مصلحة شعوب العالم الثالث.
وقال السيسى: «إن ما يجرى فى مصر من نظرة تشاؤمية حول مستقبلها، بمثابة مخاض دولة تولد من رحم دولة، وشعب جديد مفهومه عن الأديان متغير»، ويروى القصة الشهيرة التى حدثت فى ولاية «أركانسو» فى مطلع الخمسينيات، عندما قام شخص من السود يدعى «براون» بالتقديم لابنتيه فى مدرسة للبيض ورفض ناظر المدرسة ورفع الرجل دعوى قضائية وكسبها، فرفض الناظر أيضاً تنفيذ الحكم، فتمكن الرجل من مقابلة الرئيس الأمريكى آنذاك، الذى أصدر قراراً بدخول ابنتيه المدرسة على الفور، فما كان من ناظر المدرسة ومحافظ «أركانسو»،
إلا أنهما قاما بحشد الجماهير بالولاية ليقوموا بمظاهرات عنصرية، طلبوا من خلالها من رئيس الدولة تأخير قرار دخول الابنتين المدرسة لحين تهدئة الأجواء، وكان ذلك حفظا لماء وجهيهما، فما كان من رئيس الدولة إلا أن اعتبر الولاية فى حالة عصيان مدنى، وأمر رجال الأمن بإلقاء القبض على المتظاهرين، وعلى رأسهم محافظ الولاية وناظر المدرسة، وخلال 24 ساعة تم الحكم على كل منهما بعشر سنوات سجناً. وأكد السيسى ضرورة أن يسود فى مصر مستقبلاً شعار: «لا يهمنا لونك.. لا يهمنا دينك.. يهمنا أن تعطى البلد أفضل ما عندك، وسيعطيك البلد أفضل ما عنده».