انتخابات النواب 2025، كيف قرأ حزب العدل مجريات اليوم الثاني من التصويت في جولة الإعادة؟    هشام إدريس: تنوع المنتج كلمة السر في قوة السياحة المصرية    جمال رائف: صفقة الغاز مع إسرائيل رابحة لمصر ولا تمثل أي ورقة ضغط سياسية    انتخابات النواب 2025، نتيجة الحصر العددي باللجنة الفرعية رقم 81 بمدرسة جمصة للتعليم الأساسي    الأمم المتحدة: قوات الدعم السريع السودانية قتلت أكثر من ألف مدني في مخيم زمزم في أبريل    رسالة نارية من ممدوح عباس بشأن أرض الزمالك في أكتوبر    حريق يلتهم ناديا صحيا للمساج في المعادي (صور)    الداخلية تضبط شخصين لتوجيه الناخبين في المحلة    لوسى ل اليوم السابع: أنا بخير وفى بيتى وتعرضى لأزمة صحية غير صحيح    دعاء يوم الجمعة: فضل عظيم وأوقات استجابة    هل يرى المستخير رؤيا بعد صلاة الاستخارة؟.. أمين الفتوى يجيب    هل عليَّ إثم لو لم أتزوج؟.. أمين الفتوى يجيب أحد ذوي الهمم    الخارجية الروسية: تطبيع العلاقات بين موسكو وواشنطن ليس بالأمر السهل    جمال رائف: صفقة الغاز مع إسرائيل رابحة لمصر ولا تمثل أي ورقة ضغط سياسية    خبير اقتصادي: توقعات بارتفاع أسعار الذهب والفضة في 2026    القاهرة تلوّح بالتدخل في السودان... أمن قومي أم اصطفاف إقليمي؟    7 أصناف من الأطعمة مفيدة لمرضى الأنيميا والدوخة المستمرة    جامعة حلوان التكنولوجية الدولية تنظم زيارة للمعرض الدولي السابع للأقمشة    مجمع الفنون والثقافة يحتضن فعاليات مسرح المنوعات بجامعة العاصمة    ضياء رشوان: لا يوجد أي نوع من الترتيبات أو الاتصالات بشأن عقد لقاء بين الرئيس السيسي ونتنياهو    الدفاع المدني بغزة يحمّل المنظمات الدولية والاحتلال مسؤولية ضحايا مخلفات الذخائر    الداخلية تضبط شخص يوجه الناخبين في قطور    سوريا تتوج بجائزة اللعب النظيف في كأس العرب    الجيزة: غلق جزئي بمحور أحمد عرابي أعلى محور الفريق كمال عامر غدا الجمعة    وفد الأهلي يسافر ألمانيا لبحث التعاون مع نادي لايبزيج    المخرج أحمد رشوان يناشد وزارة الثقافة المغربية التحقيق في أزمة تنظيمية بمهرجان وجدة السينمائي    الأهلي يرفض بيع عمر الساعي ويقرر تقييمه بعد الإعارة    أراضى المانع القطرية بالسخنة «حق انتفاع»    نازك أبو زيد: الفاشر وكادوقلي والدلنج على شفا المجاعة بسبب الحصار    تقرير: برشلونة لم يتوصل لاتفاق لضم حمزة عبد الكريم    إطلاق مبادرة «مصر معاكم» لرعاية أبناء شهداء ومصابي العمليات الحربية والإرهابية    نازك أبو زيد: الدعم السريع اعتقلت أطباء وطلبت فدية مقابل الإفراج عن بعضهم    الداخلية تضبط مطبعة غير مرخصة بالقاهرة    أسرة الراحلة نيفين مندور تقصر تلقى واجب العزاء على المقابر    بتكلفة 10.5 مليون جنيه، افتتاح 5 مساجد بمراكز إهناسيا والفشن وبني سويف    قصور الثقافة تنظم زيارة للأطفال ذوي الهمم إلى متحف دار الأوبرا المصرية    الأرصاد: تغيرات مفاجئة فى حالة الطقس غدا والصغرى تصل 10 درجات ببعض المناطق    الصحة اللبنانية: 4 جرحى فى الغارة على الطيبة قضاء مرجعيون    قطر تستضيف مباراة إسبانيا والأرجنتين فى بطولة فيناليسيما 2026    محافظ الدقهلية يكرم أبناء المحافظة الفائزين في المسابقة العالمية للقرآن الكريم    وزير الأوقاف يكرم عامل مسجد بمكافأة مالية لحصوله على درجة الماجستير    جولة الإعادة بالسويس.. منافسة بين مستقلين وأحزاب وسط تنوع سلوك الناخبين وانتظام اللجان    فوز مصر بجائزتي الطبيب العربي والعمل المميز في التمريض والقبالة من مجلس وزراء الصحة العرب    هل تتازل مصر عن أرص السخنة لصالح قطر؟.. بيان توضيحي هام    ضبط عامل بالدقهلية لتوزيعه أموالًا على الناخبين    الترويج لممارسة الدعارة.. التحقيق مع سيدة في الشروق    الخارجية: عام استثنائي من النجاحات الانتخابية الدولية للدبلوماسية المصرية    الرعاية الصحية: مستشفى الكبد والجهاز الهضمي قدّم 27 ألف خدمة منذ بدء تشغيل التأمين الصحي الشامل    نبيل دونجا يخوض المرحلة الأخيرة من برنامجه التأهيلي في الزمالك    جلوب سوكر - خروج صلاح من القائمة النهائية لجائزتي أفضل مهاجم ولاعب    المستشفيات التعليمية تناقش مستجدات طب وجراحة العيون في مؤتمر المعهد التذكاري للرمد    الداخلية تضبط قضايا تهريب ومخالفات جمركية متنوعة خلال 24 ساعة    تخصيص قطع أراضي لإقامة مدارس ومباني تعليمية في 6 محافظات    سعر الدولار في البنوك المصرية اليوم الخميس 18 ديسمبر 2025    وزير الصحة: الذكاء الاصطناعى داعم لأطباء الأشعة وليس بديلًا عنهم    د. حمدي السطوحي: «المتحف» يؤكد احترام الدولة لتراثها الديني والثقافي    بطولة العالم للإسكواش PSA بمشاركة 128 لاعبًا من نخبة نجوم العالم    غياب الزعيم.. نجوم الفن في عزاء شقيقة عادل إمام| صور    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عذراء 2009 وليدة 52

تأتى مناسبة أعياد الميلاد هذا العام فى ظل ظروف ربما تكون غير مسبوقة فى تاريخ مصر الحديث، نظرا للتوتر الملموس فى العلاقات بين ما كان يسمى بعنصرى الأمة..
أعتقد أنه لا مفر من الاعتراف بذلك، فحتى الحديث عن مسألة ظهور العذراء من عدمه يبدو كافيا الآن لأن يؤدى لحالة توتر اجتماعى، كما اتضح لى من خلال أكثر من حديث مع سكان الأحياء الشعبية المختلطة. فمجرد إعلان بعض الجهات المسيحية عن ظهور ستنا مريم شكل سببا كافيا لتفوهات تمتلئ بالازدراء من قبل بعض المسلمين تجاه معتقدات مواطنيهم المسيحيين..
حتى الانتقادات، التى بدت موضوعية فى مجملها، من قبل بعض العلمانيين، كانت كافية لإثارة غضب الكثير من المسيحيين. فما هذا الذى حدث بالضبط للنسيج المصرى القومى؟ ما الذى حدث لشعار الهلال والصليب الذى رفعه هذا الشعب فى سنة 1919 والذى أدى، بعد بضع سنوات، لاستقلال مصر الرسمى سنة 1923؟
لهذه المسألة تاريخ طويل. ولأنى لا أدعى الخبرة بتاريخ مصر الحديث، فلأبدأ بأول ظهور «مشهور» للسيدة العذراء فى مصر. حدث ذلك فى أعقاب أكبر هزيمة فى تاريخ مصر الحديثة، وليس من الصعب لأى شخص اطلع على وقائع حادثة الظهور تلك اكتشاف أنها كانت إلى حد كبير منظمة من قبل النظام.. فكان الرئيس جمال عبدالناصر نفسه على رأس الذين قالوا إنهم شاهدوا الظاهرة، التى ربما كانت فى نظره دليلا على أن مصر «محروسة» فعلا، رغم فشل نظامه الذريع.
وفى الوقت نفسه يمكن ملاحظة أن عبدالناصر ونظامه هما اللذان دمرا الدولة المدنية التعددية الحديثة فى مصر. فنظامه ال«ثورى»، رغم احتضانه للعذراء «فى وقت الزنقه» لم يلغ القوانين، القائمة منذ عصر الاحتلال العثمانى (على حد علمى) التى تجعل من الصعب بناء أو حتى إصلاح الكنائس مثلا.
ثم ألم يكن عبدالناصر ورفاقه هم الذين طردوا أو «طفشوا» جاليات المدن المصرية، التى كان أغلبها من المسيحيين، والذى كان وجودها ونمط حياتها يشكل عامل توازن اجتماعياً، يقابل التقاليد المتصلبة الشائعة فى الريف المصرى، الموروثة والمتبلورة على مدى آلاف السنين فى سياق محافظ وراكد ورافض للتعددية؟ أليس نظام 52 هو الذى همش وسجن وهجر معظم مفكرى وعلماء العصر الليبرالى أيضا، مما أدى إلى خنق النهضة الفكرية التحررية المصرية- وليدة النصف الأول من القرن العشرين؟ (فأين أمثال طه حسين ولويس عوض ومحفوظ الآن؟).
ثم أليس خليفة عبدالناصر (السادات) هو الذى لعب لعبة ضرب الحرس القديم- المحافظ أصلا فى مجمله رغم ارتدائه عباءات اشتراكية وتقدمية سطحية- بالتيار الإسلامى الأوصولى، فعجل المشوار نحو الكارثة؟
وماذا عن العهد الحالى، إلا المزيد من تكريس تلك الروح المحافظة وتداعياتها من ظواهر التدين السطحى: فالمدن الجديدة، التى شيدت فى هذا العهد، بعيدة كل البعد عن روح إحياء مصر الليبرالية (كوسط البلد والزمالك)، فالأحياء الراقية الجديدة، التى تبدو براقة فى انغلاقها وعزلتها، تتسم بالتمدن الصورى المزيف، الذى يصاحبه تدين من نفس النوعية..
حتى على المستوى السلوكى السطحى نلاحظ ازدواجية مخيفة فى المعايير، فليس فى هذه المجتمعات أى «بارات» مثلا، مع أن الكثير من بين سكانها من شاربى الخمر- لكن فقط فى الخباء- فهم يسكنون مجتمعات كتومة مزدوجة السلوك، الصورة فيها لا تشبه الجوهر، مجتمعات تعكس الطريقة التى حصل بها معظمهم على المال، مجتمعات مزيفة فى مجملها، تفوح منها روح عدم الجدية أو العمق، أو أى فكر جاد- فالنجاح (فى أغلب الأحيان) على هذا المستوى لا يعتمد عادة على الابتكار أو السببية المنطقية، إنما على ال«سبوبة».
ما هى تداعيات هذا الوضع؟ فى السنة الأخيرة فقط، وجدنا حملات حكومية «شعبوية» مخيفة لتكريس صورتها التقية سطحيا: من أول مذبحة الخنازير، التى من الواضح الآن أنها لم تسفر عن أى شىء فى مواجهة الأنفلونزا التى قالوا لنا إنها مميتة، حتى معاقبة مفطرى رمضان.
أنا كشخص يحب أن يرى نفسه كرجل علمانى عقلانى، لا يمكن أن يعتقد فى ظواهر مثل ظهور العذراء، لأنها لا يبدو أنها تخضع لقوانين سببية، أرى أن فى الوقت نفسه أن هذا المنهج نفسه يحتم احترام معتقدات الآخر..
لكن هل هذا منطق نظامنا السياسى خلال أكثر من نصف قرن؟ على العكس، فهو كرس قيم العشوائية فى التفكير عن طريق استبدادية الحكم، الذى أداره الفرد بأهوائه وقراراته، التى عادة لم تستند لتبرير منطقى مقنع أو أى أدلة عملية ملموسة، واستبدلت الشفافية بالكتمان، واستخدمت هالة من ال«ميثولوجيا» الغامضة والتقوى المزيفة لتبرير قراراتها التى طالما انهالت على الناس كالصاعقة.
فلماذا إذن نطالب الناس، بالذات الفقراء والمنتمين للأقليات منهم، بالتمثل للعقل حينما العالم الواقعى كله فى مصر يشير لتركيبة مختلفة، خانقة وخافية.. تتسم، من أعلى إلى أسفل، بمنطق الغموض والكتمان والقوة والشعوذة؟ وإذا كانت هزيمة 1967 هى التى أدت لظهور العذراء حينذاك، فما هى منابع الهزيمة اليوم؟ أترك الإجابة للقارئ.
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.