«ما أثير من ضجة إعلامية حول الحجم الحقيقى لخطورة فيروس أنفلونزا الخنازير أمر مبالغ فيه، هدفه تحقيق الأرباح المادية لبعض شركات الأدوية فى ظل الحرب الدائرة بينهم، فالفيروس مازال حتى الآن ينتمى إلى سلالة ضعيفة، ومعدلات الوفاة به مازالت أقل بكثير من معدلات الوفاة بالأنفلونزا الموسمية». هذا ما أكده خبراء المناعة والفيروسات . الدكتور كمال موريس، أستاذ المناعة والحساسية بكلية طب قصر العينى والرئيس الإقليمى لمنظمة الربو الدولية، يقول: «منذ بداية الحديث عن عدوى الإصابة بمرض أنفلونزا الخنازير كنت متفائلاً بكيفية التعامل مع المرض والسيطرة عليه والوقاية منه، وهو الأمر الذى يتطلب الحرص على رفع كفاءة الجهاز المناعى بتناول الخضر والفاكهة المغذية، ولكنى فوجئت بحالة من الذعر والهلع تسيطر على المواطنين رغم الانحسار الدائم للمرض وتراجع حالات الوفاة به، والتى تكاد تكون أقل من معدلات الوفاة بالأنفلونزا العادية». ويتابع: «الفيروس لم يكتسب حتى الآن أى درجة من القوة أو الشراسة عكس ما توقعه الكثيرون الذين رددوا أقاويل تؤكد أن المرض سيقضى على نصف البشرية، وهو ما أثار حالة من التخوف والرعب بين الموطنين، وحالة من التهويل الزائد عن اللزوم، خاصة بعد إعلان منظمة الصحة العالمية دخول المرض إلى مرحلة الوباء، فاقترن المرض فى ذهن المواطنين بكونه خطراً مميتاً، رغم أن منظمة الصحة العالمية لم تتطرق فى الحديث إلى احتمالات الوفاة بسبب العدوى بالفيروس». وينتقد «كمال» حرص البعض على تضخيم الحدث مثل الآراء التى قارنت بين الفيروس الحالى والفيروس الذى ظهر عام 1918، وقضى على نحو 100 مليون مواطن، على الرغم من عدم وجود أى وجه للمقارنة- على حد تعبيره- بين حجم إمكانيات الوقاية أو إجراءات التصدى للعدوى فى الوقت الحالى وتلك الفترة الزمنية. ويطالب وسائل الإعلام بالتركيز على رفع وعى المواطنين بأساليب وطرق الوقاية من العدوى، دون التركيز فقط على رصد حالات الوفاة بالعدوى، والتى تعد ضئيلة للغاية مقارنة بعدد السكان. أما الدكتور أحمد السنوسى، أستاذ علم الفيروسات، فيؤكد استناد فيروس أنفلونزا الخنازير الحالى إلى سلالة ضعيفة، وأن منظمة الصحة العالمية حصرت خطورتها لدى بعض الفئات مثل الأطفال والحوامل فى الشهور الأخيرة من الحمل، وأصحاب الأمراض المزمنة، وكبار السن فوق ال65 سنة، أما بقية الفئات فيمكنها مقاومة المرض، وهو ما حدث مع بعض الحالات التى أصيبت بالعدوى وشفيت منها دون منحها أى علاج. وعن تفسيره لما أثير من تخوف وفزع بين المواطنين عن الإصابة بالمرض، يقول: «لجأت بعض شركات الأدوية التى لها مصالح فى الترويج للعقارات للعدوى أو اللقاحات الواقية منها إلى طرح العديد من الآراء العلمية وغير العلمية عن طبيعة المرض فى مختلف وسائل الإعلام لإثارة تخوف الناس من العدوى، وتحقيق مكاسب مادية طائلة من وراء ذلك، فى إطار ما هو معروف بالحرب بين الشركات». الدكتور أحمد جعفر، أستاذ المناعة بالمركز القومى للبحوث، يوضح أن الفيروس «يعد واحداً من الأمراض التى يتوافر لها أدوية معالجة ولقاح للتطعيم منها، وبالتالى لا توجد أزمة فى التعامل معه، أو للتخوف منه كما هو حادث الآن»، مشيرا إلى أن حالة التهويل التى أثارها البعض ضد المرض هدفها صرف اهتمامنا عن أهمية التركيز على صنع لقاح محلى للعلاج به بدلا من الأجنبى.