مثله مثل باقى أصدقائه فى المدرسة انتظم ياسين محمد عبدالباقى، الطالب فى الصف الخامس الابتدائى بمدرسة مصطفى كمال حلمى بمدينة نصر، لأول شهر فى الدراسة، بعد أن شدد يسرى الجمل، وزير التربية والتعليم السابق، فى جميع وسائل الإعلام على انتظام التلاميذ مع بداية الدراسة، بعد أن أكد أن الحكومة اتخذت الإجراءات اللازمة لوقاية الطلبة من الإصابة بفيروس أنفلونزا الخنازير. ورغم أن عدد التلاميذ فى الفصل كان يزيد على 50 تلميذا فإن والدته حاولت تحصين صغيرها ب«الديتول والكمامة». ولأن الغربال الجديد له شدة حتى فى المدارس، واصل ياسين الحضور بانتظام حتى بدأت «ريمة» تعود إلى عادتها الدائمة، وضربت الفوضى المدرسة. يقول «ياسين» المدرسين مش بيدخلوا الفصل وبقينا بنلعب طول النهار ومفيش حصص». فى «هوجة» المدرسة ظهرت حالتان مصابتان بالوباء، أغلقت الوزارة أحد الفصول، وكان على «ياسين» أن يواصل اللعب هذه المرة فى الفصول المنزلية. على الفور كانت والدة «ياسين»– مدام فردوس- تجرى بطفلها بعيدا عن المرض والمدرسة معا: «الموضوع ماكانش بسيط، الواد قعد فى البيت يعنى هايحتاج دروس كتير، المدرسة مهما كانت بتعلم.. بس هاعمل إيه، آدى الله وآدى حكمته.. آدينا رجعنا لأيام الكتاتيب تانى بسبب الأمراض المنتشرة.. أنا شلت شوية فلوس من ميزانية البيت وبدأت أشوف المدرسين». كان الأمر سهلا فالمدرسون- حسب رواية الأم- تركوا مع التلاميذ «كروت» للاتصال بهم مدوناً فيها اسم المدرس والتخصص. هكذا بدأ «ياسين» رحلته مع الدروس من الابتدائى، فسجل اسمه مع مدرسى اللغة العربية والإنجليزى، أما باقى المواد فلجأت فردوس للكتب الخارجية، وتطوع أحد الأقارب بلعب دور المدرس رغم أنه قرأ المنهج قبل الامتحان بأسبوعين فقط. «كان نفسى الواد يستفيد من البرامج التعليمية.. لكن نعمل إيه بقى كل شوية يغيروا المواعيد لحد ما الواد زهق وبطل يتفرج عليها أصلا.. وآدينا بنعمل اللى علينا وربنا يستر ويعدى السنة دى على خير.. أنا مش عاوزة مجموع كبير.. المهم يعدى». لم يعد لدى فردوس سوى «ياسين» الصغير «العفريت»- كما تقول أمه- فجميع أولادها أنهوا رحلتهم التعليمية بمراحلها المختلفة، ولكن «ياسين» «حظه كده.. تيجى الأنفلونزا ونحتاس نعمل إيه». تنظر فردوس لصغيرها بقلق وتقول.. «نفسى يخلص تعليمه ويكبر ونقعد نضحك على الأيام دى.. وإذا كان على الفلوس مش مهم.. بس ربنا يبعد عنه الأنفلونزا».