محاكمة المشير طنطاوى

لا شىء تغير بعد الثورة.. بلاغات وصراخ فقط، وما شاء الرئيس كان، وما لم يشأ لم يكن.. بالضبط كما كان قبل الثورة.. على الناس أن تصرخ، وليس على الرئيس أن يستجيب.. أمس الأول صرخ الناس خشية إقامة مباراة السوبر.. أقيمت المباراة بزعم الحفاظ على هيبة الدولة.. نسى الرئيس أن الفكرة هى دم الشهداء.. كان أبوتريكة أكثر حصافة من الرئيس مرسى نفسه!
مباراة السوبر غطت على أهم خبر منذ إقالة قيادات الجيش.. الخبر هو إحالة بلاغ ضد المشير والفريق للقضاء العسكرى.. من الناس من قابل خبر الإحالة بفرحة.. منهم من قابله بقلق.. منهم من قابله بلا مبالاة.. الذين فرحوا فى المشير، لأنه كان سبباً فيما حدث من ارتباك فى الفترة الانتقالية.. الذين لم يهتموا ولم يبالوا، رأوا أن المحاكمة تبدأ بعد استدعاء النيابة، وتحريك الإجراءات!
قبل مباراة السوبر بساعات، كان هناك من يتصور أن يصدر قرار رئاسى بمنع إقامة المباراة حقناً للدماء.. من هؤلاء عمرو موسى، وخيرت الشاطر، وكثيرون.. تعلقت العيون بالرئاسة، وبالوزارة المختصة.. فى الفترة الأخيرة تصدر الرئاسة قرارات يمكن أن يصدرها الوزراء، هى من اختصاصات الوزراء.. لا الرئيس منع المباراة ولا الوزير.. ثار جدل كبير، طال الرئيس والمشير!
يتساءل الناس: هل محاكمة المشير طنطاوى واردة؟.. البعض يقول: مش ممكن، هناك اتفاق وصفقة وقلادة النيل.. آخرون قالوا مبارك فى السجن.. لا توجد محظورات.. لا المشير أكرم من مبارك، ولا أكرم من رموز النظام السابق.. إذا كان مبارك يحاكم فى قضية قتل المتظاهرين، فلابد أن يحاكم المشير والفريق؟.. المشكلة أن سيناريو المحاكمة لم يبدأ من عند الإخوان هذه المرة!
عندى ملاحظة ربما تكون فى محلها.. النائب العام يحيل كل البلاغات التى ترد إلى مكتبه.. إما إلى المحاكمة، وإما إلى النيابة العسكرية.. المثير أن المحالين هذه المرة هما المشير طنطاوى والفريق عنان.. بعد ما حدث قد تقول: وإيه يعنى؟.. سبحان الله، أين قوة هذين الرجلين؟.. كنا نقول إن الفريق «رهيب» ورجال الجيش خلفه.. المشير أيضاً أكثر قدرة على مواجهة أزمة من هذا النوع!
لا أحد بعد الثورة يخيف أحداً.. هذه نقطة مهمة قد نحتاجها فيما بعد.. لا مبارك كان بمنأى عن محاكمته وسجنه.. ولا المشير ولا الفريق قد ينجوان من المحاكمة، فيما لو أثبتت التحقيقات تورطهما فى أية قضايا مالية أو جنائية.. ولا أحد فى الإخوان بمنأى عن أى شىء.. بمن فى ذلك الرئيس مرسى.. صحوة الشارع لا تحسب ضد مبارك ونظامه فقط.. تحسب ضد نظام الإخوان أيضاً!
خلال الأيام القادمة، سنعرف إن كان البلاغ ضد الفريق والمشير مجرد بلاغ عابر، أم أنه بلاغ ينتهى بمحاكمة؟.. لكن الأهم أن البلاغات لم تعد تنام فى درج النائب العام.. المستشار عبدالمجيد محمود هو أول نائب عام يحبس رئيسين.. الأول كان فى المعارضة، أصبح رئيساً الآن.. الثانى كان فى الحكم أصبح فى السجن الآن.. فهل يحبس المشير؟.. أم أنها اختصاصات القضاء العسكرى؟!
صحة البلاغ هى الفيصل الآن.. بعدها إما أن يغلق الباب للأبد فى هذه القضية.. سواء ما يتعلق بقتل المتظاهرين أو الكسب غير المشروع.. أو أن يفتح الباب على مصراعيه، لاحتمالات كثيرة.. أولها حبس المشير والفريق.. المحاكمة ورقة قد يأتى وقتها.. حين يريد الإخوان استخدامها.. لأسباب سياسية فقط!