ما حدث فى التليفزيون المصرى طوال شهر رمضان هذا العام هو انعكاس صادق للنظام الحاكم فى مصر، من حيث غياب الهدف، وانعدام التخطيط، والعشوائية والسطحية والبعد التام عما يجب أن يكون عليه الإعلام المحترم فى شهر محترم، ومبارك، وكريم، والأمثلة أكثر من أن تحصى ولكن سوف أركز على أهمها: ■ العدد الهائل من المسلسلات فى شهر واحد من شهور العام من أجل الحصول على أكبر نسبة مشاهدة، ومن ثم أكبر حصيلة للإعلانات ولكن خاب ظنهم واستحال على الجميع متابعة هذا الكم الغبى من المسلسلات والبرامج وفى شهر رمضان على وجه التحديد. ■ انتشار عدد كبير من البرامج التافهة والمسفة والسطحية، والتى وإن اختلفت مسمياتها فهى فى معظمها جلسة دردشة فى ماخور ليلى للخوض فى الأعراض والأسرار الخاصة للفنانين والفنانات. ■ السماح لرجل الأعمال طارق نور للسنة الثانية على التوالى بإطلاق قناته الخاصة بشهر رمضان «القاهرة والناس»، التى هلل لها منذ فترة طويلة، مبشراً إيانا بالاستعانة بثلاثة مذيعين من لبنان لأسباب غير مفهومة على الإطلاق، كانت مهمتهم واضحة للجميع وهى تعرية الفنانين المصريين، وإلقاء المزيد من الضوء على الفضائح والذكريات المخزية. ■ لم يحظ القرآن الكريم، ونحن فى شهر القرآن، إلا ببضع دقائق معدودة وعلى استحياء طوال الأربع والعشرين ساعة، مما فتح المجال واسعاً أمام الكثير من الفضائيات مجهولة الهوية لكى تبث ما تشاء من فتاوى وأحاديث تزيد من جرعة التعصب، والجهل بحقيقة الإسلام السمحة العظيمة، والبعد عن جوهر الدين إلى التدين الشكلى الذى أصاب المجتمع الإسلامى فى مصر. إننى باعتبارى أحد ممولى الضرائب، أطالب السيد رئيس الوزراء والسيد المحترم النائب العام بالتحقيق فيما يلى: أولاً.. كم تم صرفه من ملايين على هذه المهزلة، ومن المسؤول عن إهدار مال الدولة، الذى هو مال الشعب فى بلد يعيش ما يقرب من ثلثه تحت خط الفقر؟! ثانياً.. من يقف وراء السيد طارق نور؟ ومن المستفيد الحقيقى من هذه الصفقة المشبوهة؟ وكم دفع فيها؟ وهل كما يقال تم إيقاف قناة التليفزيون العربى فى هذا الشهر بالذات لكى لا تسحب البساط من تحت أقدام «القاهرة والناس»؟! ثالثاً.. من تحديداً من أعوان الشيطان كان وراء فكرة إلهاء الناس عن ممارسة شعائرهم فى هذا الشهر الفضيل بإغراق الإعلام بهذا الكم الهائل من الغثاء الفكرى التافه والمتخلف؟! رابعاً.. متى ومن يحاسب السيد أنس الفقى والسيد أسامة الشيخ عن هذا السقوط المروع لإعلام مصر، التى كانت بحق هى رائدة الإعلام الحر والواعى والمحترم فى سابق الأيام؟ وفى النهاية، أود أن أنبه كل الغافلين بالآية الكريمة «فأما الزبد فيذهب جفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث فى الأرض» صدق الله العظيم.
