محمود الجوهرى

رحل محمود الجوهرى، المدير الفنى الأسبق للمنتخب المصرى، وأحد أبرز المديرين الفنيين فى تاريخ كرة القدم المصرية عن عمر يناهز الرابعة والسبعين من عمره، إثر إصابته بنزيف حاد بالمخ نقل على أثره إلى مستشفى المركز العربى الطبى بالعاصمة الأردنية عمان، حتى وافته المنية صباح أمس.
والرجل الذى لم تربطنى به أى علاقة شخصية، ولم ألتق به فى أى مناسبة خاصة أو عامة، إنما تابعت كثيراً من أحاديثه الإعلامية على قلتها، وإنجازاته الرياضية على كثرتها، فهو من هذا النوع من البشر الذين يتركون بصمة فى حياة الآخرين حتى لو لم يكونوا يعرفونهم.
فالرجل كان له فكر تخطيطى عال وحضور واحترام شخصى مؤكد، ولم يدخل فى العك الكروى، وفى فواصل الردح التى ظهرت فى عصور «الكباتن» الذين تركوا الحديث عن خطط المدربين ومهارات اللاعبين وتفرغوا ل«البيزنس» وتصفية الحسابات الشخصية والحديث عن خناقات فلان مع علان حتى صارت نغمة معظم البرامج الرياضية شتم المنافسين وإهانتهم، ولعل مباراة الجزائر فى تصفيات كأس العالم فى 2010 كانت خير دليل على هذا التردى.
الجنرال الجوهرى لم يكن طرفا فى أى من هذه الصراعات ولم ينزلق إليها، وأذكر أنى كنت فى بداية رحلتى للدراسة فى فرنسا حين وصل المنتخب المصرى لكأس العالم 1990، وكيف أن تعادله مع هولندا كان بطعم الفوز نظرا للأداء الرائع الذى لعب به المنتخب، ثم تعادل فى مباراة أخرى وخسر فى الثالثة، ولم يتأهل للدور الثانى رغم أنه كان قاب قوسين أو أدنى من التأهل لأول مرة فى تاريخه.
والحقيقة، كانت بصمة الجوهرى على الفريق واضحة، فقد شعر كل من شاهد الفريق المصرى فى كأس العالم بأنه انتقل من اللعب بطريقة «العك التعاونى» - بتعبير الراحل الكبير نجيب المستكاوى - إلى التخطيط الرفيع المستوى، فالفريق يلعب بخطة وتكتيك واضح غير معتمد فقط على المهارات الفردية للاعبيه، صحيح أن البعض اعتبر أن خطط الجوهرى دفاعية، وأنه لا يميل إلى الهجوم إلا أنه فى النهاية علم المنتخب المصرى كيف يلتزم بخطة مدرب فى عصر كان الالتزام فيه بأى شىء خارج ثقافة عموم المصريين.
لقد شاهدت مباراة مصر وهولندا مع طلاب عرب وأجانب، وشعر الجميع بالفخر بأداء المنتخب المصرى، وكيف أن هذا البلد الملىء بالمشاكل الذى يتحدث الجميع بإعجاب عن ماضيه دون حاضره استطاع أن ينتزع إعجاباً ولو رياضياً بحاضره.
وحقق المنتخب المصرى تحت قيادة الراحل الجوهرى بطولة أمم أفريقيا عام 1998 فى بوركينا فاسو، وهو أول مدرب يفوز بالأمم الأفريقية لاعباً ومدرباً، حيث حصل على الكأس مع المنتخب عام 1959 وكان هداف البطولة، وقبلها قاد المنتخب الوطنى للفوز بالميدالية الذهبية فى دورة الألعاب العربية التى أقيمت فى سوريا عام 1992 متغلبا على المنتخب السعودى 3/2 فى المباراة النهائية.
وكان الجوهرى أول مدرب مصرى يتولى تدريب فريقى الأهلى والزمالك فى تاريخ الكرة المصرية، كما كان أول مدرب يقود فريق الأهلى للفوز ببطولة أفريقيا للأندية أبطال الدورى عام 1982، كما نجح مع الزمالك فى الفوز ببطولة أفريقيا للأندية أبطال الدورى عام 1993 والفوز بكأس السوبر الأفريقى.
وتولى الكابتن محمود الجوهرى تدريب العديد من الأندية الخليجية، وفى عام 2002 تولى تدريب المنتخب الأردنى والإشراف الفنى على الكرة الأردنية، وقاد المنتخب الأول هناك للوصول إلى نهائيات كأس الأمم الآسيوية فى الصين عام 2004 لأول مرة فى تاريخ الكرة الأردنية وصعد بالفريق إلى دور الأربعة وخرج أمام اليابان بضربات الترجيح.
رحم الله الكابتن محمود الجوهرى عميد المدربين المصريين، ومن أفضلهم خلقاً واحتراماً وعلماً.
amr.elshobaki@gmail.com