هل كان جمال يعلم بترشيح الوالد؟

ليس سراً أن ناس مصر يدور بينهم الكلام حول ترشيح جمال مبارك وبتعجب شديد منذ أن جمع بعض الناس توقيعات.. الكلام كان يدور حول ثلاثة محاور.. الأول أخلاقى حول تقاليدنا فى مصر باحترام الأب، فكيف يحدث ذلك وتعلق لافتات وتجمع توقيعات؟! وطبعاً لم يكن كل ذلك دون علم جمال مبارك!!
المحور الثانى هو من الذى أعطى الضوء الأخضر لهؤلاء الناس؟ بالطبع ليس جمال مبارك، ولكن الحاشية، وعن الحاشية نتساءل: هل استشارت جمال مبارك أم فاجأته بهذه الهدية الجماهيرية؟.. ولماذا لم يرفض جمال مبارك أن يترشح ووالده على قمة الدولة والحمد لله بلا حسد بصحة جيدة وحاضر الذهن ومراقب لكل صغيرة وكبيرة.. كيف كان الحال فى منزل الرئيس والتوقيعات تجمع والصور تملأ الأماكن..؟ ألم يتعجب أهل البيت؟ ألم يعلق أحد منهم؟ فى رأيى أن بيت الرئاسة كان يعلم ويبارك، وإلا لكان جمال مبارك قد أعلن رفضه وأعلن أنه غير مسؤول عن جامعى التوقيعات ولاصقى الصور.
المحور الثالث والأخير هو الصمت الذى لاذ به السيد صفوت الشريف وهو المسؤول الأول فى البلد عن إعلان اسم مرشح الحزب الوطنى، هل ترك لهذه الحاشية الحبل لتشنق به نفسها؟ ولماذا تأخر إعلان الرئيس الترشيح؟ هل كان ذلك لاختبار الجماهير نحو ترشيح جمال مبارك؟
السيناريو شديد الغرابة وشديد الخروج على الذوق والبروتوكول، الفائدة الوحيدة أنه علم أن الجماهير لن ترحب بجمال مبارك الترحيب الذى تصورته حاشية جمال، فأسرع العقل الراعى المدبر للحزب السيد صفوت الشريف بإعلان ترشيح الحزب للرئيس ليكون أستيكة يمسح بها ويمنع بها الحرج عن جمال، وعن عدم القبول الذى واجهه!!
وهذا البلد العجيب سوف يظل تأتيه القرارات رغم تضاربها، ولكن لها فعل السحر، حيث تصبح حقيقة مسلما بها.
كانت هناك همهمة أخرى بين الناس حول رفض الولايات المتحدة الأمريكية ترشيح جمال مبارك وهى حقيقة أعلنتها أجهزة الرصد هناك ونشرت فى الجرائد، وكادت تصل لكونها مصدراً مهما.
وهكذا نصبح فى مهب القرارات لدرجة أن الناس- بعد صدور قرار الحزب بترشيح الرئيس مبارك لولاية سادسة- توقعوا أن تحدث مفاجأة من مؤسسة الرئاسة من العيار الثقيل بترشيح الرئيس بنفسه نجله جمال!!
تخيلت أن يعلن جمال- وهو شديد الأدب- بنفسه عدم ترشحه وأن ما حدث مجرد فقاعات جماهيرية، ولا ينتظر أن يعلن السيد صفوت الشريف خبر ترشيح الرئيس مبارك لولاية سادسة، وأن الخبر وصل لبيت الرئيس ولم يخرج من بيت الرئيس وهو بالطبع شىء طبيعى لأنه قرار الحزب.
ولكن السؤال الذى يلح علىّ.. ما هى الحوارات التى دارت فى بيت الرئيس حينما طالبت مجموعة من الشباب بترشيح جمال مبارك؟ وملأت صوره جدران الوطن؟
وهل كانت عملية جماهيرية بحتة؟ لا أعتقد، لابد أنها منظمة من الحرس الجديد أو حاشية جمال مبارك.
لكن الغريب أن الحاشية لها الحق فى إعطاء الضوء الأخضر لترشيح جمال مبارك رئيساً لمصر دون إذن من جمال نفسه!
وأتذكر دائماً المتنبى:
وكم ذا بمصر من المضحكات
ولكنه ضحك كالبكا
ووصل الضحك والبكاء بترشيح د. سعد الدين إبراهيم لجمال مبارك.. وهنا تظهر أمريكا فجأة! قبل الطبع.
مفاجأة ترشيح الحزب للرئيس مبارك واختياره أرض الضبعة للمحطة النووية وقعت وقوع الصاعقة على مجموعة جمال.
neamelbaz@yahoo.com