تابعت بشكل شخصى ومهنى جامعة أخرى من جامعات المقدمة وهى «إم آى تى» الأمريكية، وأود أن أشير إلى أنها تركز هى الأخرى على البحوث عبر 5 مدارس متخصصة ولديها 4300 طالب جامعى و6150 طالب دراسات عليا، وهذا هو شأن كثير من جامعات أمريكا وتبلغ مصاريف العام الدراسى الواحد فيها 38 ألف دولار، وتنفق الجامعة على الأبحاث 718 مليون دولار سنويا ولديها وقف قيمته تزيد على 8 مليارات دولار، وتبلغ مساحتها 168 فدانا من أجود أراضى بوسطن، وهى تطل على النهر وكانت قد تبرعت بها الدولة فى البداية لإقامة الجامعة، وحاز أبناء «إم آى تى» على 75 «نوبل» بخلاف 47 حازوا جائزة الدولة فى العلوم. إنها إذن جامعات نهضت على التقدم فى العلم والتكنولوجيا والمعرفة ولديها منظومة تشجع الإبداع وترحب به وتهتم بجودة التعليم، ولا تدخر وسعا فى تهيئة الموارد اللازمة لتحقيق رسالتها مستعينة بجهودها الذاتية ودعم الدولة والأفراد والمؤسسات، وقد سجلت من قبل أن من أهم ما فى هارفارد هو ما قاله لى عميد هندستها (وهو من أصل سورى) أنها تنتقى أفضل الأساتذة فى العالم لتعينهم كما أنها لا تسمح لخريجيها بالتعيين فيها تجنبا للجمود والركود وتشجع تداخل العلوم والتخصصات المختلفة كالهندسة الحيوية والنانو تكنولوجى، ويؤدى ذلك إلى تعظيم فرص تقدم العلوم المنفصلة وإلى اكتشاف مزيد من الحقائق والمعارف والابتكارات، وتعتمد مدرسة إدارة الأعمال بهارفارد على تنمية أفكار الطالب وقدرته على التحليل والفهم العميق للمشاكل المعقدة، وتتبنى أسلوب دراسة نماذج عملية مما يحدث فى المصانع أو الشركات فلا حفظ ولا تلقين، وتترك الجامعة للطالب الحرية فى دراسة أى مواد يختار ولا يتم تكبيل الأوائل فى الجامعة بالقواعد الروتينية العقيمة أو المجالس المركزية أو العليا، وخلال زيارة «إم آى تى» مع نفس الوفد المصرى قال لنا رئيس الجامعة: إن «إم آى تى» بشكلها الراهن انبثقت من كلية الهندسة بها وذلك عام 1861 لتتخصص فى الدراسات التكنولوجية مسايرة لمتطلبات الثورة الصناعية ولتعظيم الاستفادة منها، وكانت «إم آى تى» أول من أسس لثقافة ريادة الأعمال وشجعت الطلبة والأساتذة على ربط إبداعهم بالسوق أى تحويله إلى منتجات وسلع وخدمات حتى تزداد قيمته، وليجنوا الفوائد التى تمكنهم من دوام الإبداع وتحسين جودة الحياة. الطريف أن هناك منحة لدى وزارة ماليتنا لإيفاد طلبة إلى هارفارد، لكن قليلا ممن نوفدهم هو الذى يستطيع عبور معايير وامتحانات القبول، ولعل رابطة خريجى هارفارد العرب ومثلها رابطة خريجى «إم آى تى» تبادران إلى تنظيم حلقات للتعريف بخبرات تلك الجامعات وكيفية الاستفادة منها فى النهوض بالتعليم المصرى والعربى ويسعدنا أن نشاركهم تلك المهمة. * رئيس جامعة النيل