ذكر القرآن الكريم موسى 136 مرة، وهارون 20 مرة، ويوسف 27 مرة، ويعقوب 16 مرة، وإسحاق 17 مرة، وسليمان 17 مرة، وداوود 16 مرة، فى حين أنه لم يذكر محمد سوى أربع مرات. والنقطة ليست ذكر أسماء، وإن كان له مغزاه، النقطة هى أن هذا الذكر يقترن كل مرة تقريباً بتوجيه إلهى لبنى إسرائيل وإيضاح ملابسات هذا التوجيه. هذا الذكر المتكرر لإحدى قبائل البشر يثير السؤال: لماذا استحقت إسرائيل هذه الأهمية عن الإسلام؟ والإسلام كما هو معروف لم يظهر فى مصر، ولا فلسطين حيث جرت أحداث ومواقع بنى إسرائيل. الأهمية أن الله تعالى أراد أن يضرب المثل بإحدى قبائل البشرية التى ينعم عليها بالكثير، ويختصها بمزايا، ويكل إليها رسالة، ولكنها بدلاً من أن تعترف وتشكر وتنهض بما أراده الله لها فإنها تنكرت فقتلت الأنبياء، وتمردت على أحكام الدين، وارتكبت الموبقات، فأنزلها الله من المقام الكريم إلى أسفل سافلين، وضرب بها المثل فى العقوق والجحود والنكران. وأظهر التاريخ المعاصر أن هذه القبيلة تستطيع أن تؤدى دوراً أكبر بكثير مما كانت تؤديه فى عصر الرسالة أو ما قبله، وأن القرآن الكريم استشف ذلك عندما ضرب بها المثل دون غيرها، فما من قبيلة فى العصر الحديث استطاعت أن تسخر أقوى دولة فى العالم (أمريكا) بحيث يتفق ساستها مع اختلافهم فى تأييد إسرائيل ودعمها حتى عندما يتطلب الأمر الضرر بمصلحة أمريكا نفسها، حتى أصبحت وهى أصغر دول العالم تسيطر على سياسة العالم. القرآن إذن أحسن عندما ضرب المثل بها ورد على تساؤلات الكثيرين عن سر هذا الاختصاص، فهى المثل الأعلى للشر والعقوق والعدوان. ومن أجل هذا كان القرآن كلما يتوجه بالحديث إلى إسرائيل يقول: «يَا بَنِى إِسْرَائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِى الَّتِى أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَوْفُوا بِعَهْدِى أُوفِ بِعَهْدِكُمْ وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ (40) وَآمِنُوا بِمَا أَنزَلْتُ مُصَدِّقاً لِمَا مَعَكُمْ وَلا تَكُونُوا أَوَّلَ كَافِرٍ بِهِ وَلا تَشْتَرُوا بِآيَاتِى ثَمَناً قَلِيلاً وَإِيَّايَ فَاتَّقُونِ (41) وَلا تَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُوا الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ». وقد فعلت إسرائيل نقيض ذلك فاستحقت سوء المآل.