سُلطات دولة الإخوان

صفقة أم انقلاب؟ خروج آمن أم إقامة جبرية؟ هل تفاجأ «المشير» و«الفريق» حقاً بقرارى إقالتهما أم أن الأمر برمته جرى بترتيب مسبق بين العسكر والإخوان؟
عشرات السيناريوهات المتضاربة حيكت خلال الدقائق الأولى لإعلان قنبلة الرئيس مرسى، التى ضرب بها سرب عصافير بحجر واحد.
لكل سيناريو مُنظِرّون يستشهدون بمعلومات يؤكدون أنها موثوقة لإثبات صحة رواياتهم، ليدحضوا بها مصداقية المصادر الأخرى. ولكل رأى وجاهته حيناً، وشطحاته أحياناً أخرى. كلما حاولتَ التقصى بالسؤال أو القراءة لفهم ما يجرى من حولك، ازدادت الصورة تناقضاً وغموضاً. مانشتات الصحف متضاربة. الخبر وعكسه على صدر الصفحة نفسها. وكلما أعملت التفكير للإجابة عن أسئلة تعصف بذهنك، اكتشفت أن المسألة أكثر تعقيداً.. أو ربما هى أبسط مما نستطيع أن نرى! لكن ألا توجد، وسط كل ذلك، على الأقل بضع حقائق لا تحتاج إلى تأويل:
1. الرئيس بعد إلغاء الإعلان الدستورى المكمل، منح نفسه صلاحية تشكيل جمعية تأسيس الدستور، حال فشل الجمعية الحالية.
2. الرئيس، إلى جانب توليه السلطة التنفيذية، استحوذ على التشريعية، لحين انتخاب برلمان جديد، غالباً سيأتى بأكثرية إخوانية، وفقاً للمعادلة السياسية الراهنة، ووفقاً لآلية الإخوان فى حشد الأصوات والتأثير على الناخبين.
3. هكذا يتبقى من مفاصل الدولة «المدنية» سلطتان: القضاء والإعلام، إضافة إلى المؤسسة «العسكرية».
أما السلطة القضائية، فوفقاً للقوانين الحالية المتوارثة من النظام السابق، تكبلها السلطة التنفيذية عبر وزارة العدل، المفترض أن تقتصر علاقتها بالسلك القضائى على الشؤون الإدارية دون الفنية، وهو ما لم يحدث أبداً منذ قيام الجمهورية الأولى على أنقاض النظام الملكى 1952.
صحيح، يُحسب لوزير العدل الجديد المستشار أحمد مكى أحد أقطاب حركة استقلال القضاء فى 2006، إحالة مهام «التفتيش القضائى» إلى محكمة النقض، وإبعاده- شكلياً- عن سيطرة وزارة العدل.
لكن، بالنظر إلى «تفاؤل» قطاع كبير فى الأوساط القضائية، بعد قرار مكى بأن قضاة تيار الاستقلال «سيكونون الأقرب» للمناصب العليا فى المرحلة المقبلة «صحيفة الأهرام- 13 أغسطس»، وبالنظر إلى أبرز شخصيات هذا التيار، الذين احتضنهم الإخوان أثناء أزمة القضاة، يصعب تصور أن تبقى السلطة القضائية بمنأى عن اللون السياسى الذى يكسو البلاد تدريجياً.
أما الإعلام، السلطة الرابعة، فعين لها الرئيس وزيراً، أحدث تصريحاته دافع فيها عن إغلاق فضائية ومصادرة صحيفة، بدعوى انتهاك القانون وإهانة الرئيس، وكأن انتهاك عقلية 90 مليون مصرى بالداخل والخارج، على صفحات «الحرية والعدالة»، جريدة الحزب الحاكم، بأخبار دعائية يومية لا تنقل إلا تطبيل المهللين، ليست جريمة بحق 77 مليوناً لم ينتخبوا «مرسى».
أما المؤسسة العسكرية، فإذا صح ما يتردد من شائعات عن أن قائدها العام الفريق أول عبدالفتاح السيسى هو رجل «الإخوان» فى القوات المسلحة، يكون الحزب الوطنى- عفواً الجماعة- قد عادت لتسيطر على جميع مفاصل الدولة ومؤسساتها، عسكرية ومدنية، من تنفيذية إلى تشريعية إلى قضائية إلى إعلام.
وإذا ما أضيفت إلى ذلك معضلة «الدستور»، الذى بات من حق الرئيس تشكيل أعضاء جمعيته، يفرض السؤال نفسه: ماالذى سيتبقى للمعارضة فى دولة الإخوان لإحداث الحد الأدنى من التوازن بين السلطات؟!
amira_rahman@hotmail.com