الحب عنصر أصيل فى هذا الكون، جميع الكائنات تقع فى الحب بغير استثناء، يخطئ من يظن أن الحب مقصور على الإنسان أو حتى الأحياء. الكون بأسره عاشق. لماذا تدور الإلكترونات حول النواة فى مداراتها الأبدية؟ وما سر تلك الطاقة المهولة التى تنبعث فى حال تحطيمها سوى أن هناك قصة حب عميقة وأصيلة بين النواة والإلكترونات، وما الطاقة المهولة الناشئة عن تحطيمها إلا حزن عظيم لذلك الفراق. من طاقة الحب المهولة، بدأ الانفجار الكونى العظيم. الشمس تشرق فى الصباح لترسل قبلات الحب، رسالة ضوئية مفعمة بالدفء تقول: أحبكم أيها البشر. القمر يبزغ، كل ليلة، ليؤنس ليالى العاشقين. النجوم تسافر ملايين السنين الضوئية لكى تنحدر فى عيون حسناء تلمع باللهفة حين تقع فى الحب لأول مرة. ولماذا تقطع الطيور الكوكب الأرضى بأسره لتعود إلى أعشاشها الأصلية سوى أنها تحب هذه الأوكار؟ وعلام تسبح الأسماك فى المياه العميقة الباردة حنينا إلى مواطن الأجداد؟. الزهور دفقة حب متجسدة. هى فى حقيقتها تسبيحة مخلوق مرهف لم يعرف كيف يعبر عن حبه لربه فتحول إلى زهرة سجدت لخالقها العظيم باللون والرائحة. هكذا سجدت وهكذا سبّحت (وإن من شىء إلا يسبح بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحهم) صدق الله العظيم. ومن يدرى! ربما كان الورد تجسيد سجود. الفاكهة ثمار لم تدر ماذا تفعل بنفسها من فرط العشق فصارت فاكهة. سُكّرها هو نعيم الحب، ومرارتها شقاؤه. الطيور تغنى للحب، كل صباح. مهرجان كونى تعقده الحيوانات فى مواسم الحب، كل عام. الطاووس يختال فى قوس قزحه الخاص به، والمطر ينقر أسماء العاشقين الجدد كل شتاء. الحب هو الحرف المسحور الذى إذا اشتبك بكلمة أكسبها معانى جديدة وإلا فلماذا تبدو لنا الحياة حلوة إلى حد لا يصدق حينما نقع فى الحب؟. يكتب الموج رسائل الحب على الشاطئ فتشربها الرمال بسرعة قبل أن تقرأها النجوم. وينادى الكروان وليفه فيردد الليل صداه. ما سر حنان الأمهات؟ هذا الحب المبذول بلا ثمن، الحبل السرى الخفى الذى لا ينقطع بين الأم وأبنائها، الموصول مباشرة برب الأبناء والأمهات؟ لماذا ترفع الفرس حافرها عن وليدها؟ وتمزقك القطة إذا اقتربت من أبنائها؟، وتقطع العصافير الرحلة بين العش والحقل عشرات المرات، كل يوم، لتُطعم صغارها؟ ولماذا إذا غاب الابن عن نظر أمه فى الشاطئ تصرخ صرخة تنتزعها من القلب فيتجمع رواد الشاطئ فى طرفة عين. افتح عينيك للحب تشاهده فى جميع الأشياء، تجده الناموس المسيطر والقانون الحاكم لكل العلاقات، حينما ترق نفسك كشعاع الصباح ستفهم اللغة الخفية لهذا الكون الذى لا يكف عن الهمس بأسراره حولك. ستسمع النسيم يهمس للغصون: أحبك، وستقرأ حكاية قطرة ندى عاشقة تكتب حكايتها على أوراق الورد. [email protected]