ثلاثة أسباب تفرض علينا أن ننصت إلى الدكتور حسام بدراوى إذا تكلم: الأول أن الرجل رئيس لجنة التعليم فى الحزب الوطنى وهى لجنة نفترض أنها الأهم بين لجان الحزب دون منافس والسبب الثانى أنه مشتغل بالتعليم، كأستاذ فى الجامعة ومنشغل به بحكم انشغاله بالهموم العامة فى البلد. أما السبب الثالث فهو أن الدكتور حسام لديه ما يقوله فى الحالتين! وعندما بدأ فى كتابة سلسلة مقالات فى «المصرى اليوم» مؤخراً، كان يريد أن يقول لنا بشكل مباشر إن هذا هو بعض ما عنده عن تعليمنا وعن حالته المأساوية وإن التعليم فى مدارسنا وجامعاتنا، إذا كانت هذه هى مشكلته، التى نلمسها جميعاً، فهذا هو حلها العملى والعلمى. وإذا كان قد فاتك أن تتابع المقالات الست فأرجو أن تعود إليها، فهى منشورة على ستة أيام متوالية من 13 إلى 18 يوليو وسوف تجد فيها فائدة مؤكدة ومتعة أيضاًَ! غير أن الشىء الأهم هنا ليس أن تقرأ أنت أو أقرأ أنا وإنما أن تقرأ الحكومة من خلال وزيريها د. هانى هلال ود. أحمد زكى بدر وأن يقرأ الحزب الحاكم، وأن يكون لهما معاً رأى معلن وواضح فى الموضوع. ذلك أنه إذا جاز للدكتور حسام أن يكتب لنا لنكون على إحاطة كاملة بالمشكلة وحدودها ومعها حلها، فإننا - أى أنا وأنت - لا نملك أن نحول الحلول التى جاءت فى المقالات إلى واقع كما كان د. حسام قد تمنى فى ختام مقالته الأخيرة وإنما يملك الحزب أن يحول رغبة رئيس لجنة التعليم فيه إلى شىء حى يجرى فيه الدم ويملك الحزب أن يأخذ المقالات الست ويخصص لها مؤتمراً قومياً بخلاف مؤتمره السنوى، بحيث يكون معروفاً، وقتها، أن هذا المؤتمر إنما هو للتعليم وحده فتخرج عنه توصيات متفق عليها، وتتحول بعدها إلى سياسات مطبقة على الأرض. عندما يقول الكاتب فى واحدة من المقالات إن الأجور استهلكت 83٪ من ميزانية التعليم، فى عام 2007 فلابد أن ينتفض كل مسؤول غيور على هذا الوطن، لأن كل جنيه جرى تخصيصه للتعليم فى ذلك العام حصلت المناهج والمدارس منه على 17 قرشاً فقط، وذهب الباقى إلى الموظفين، بما يعنى أن التعليم كتعليم حقيقى ليس على البال، ولا هو فى الخاطر، وإنما فى ذيل الأولويات! للمرة الألف.. لم يكن د. حسام يتسلى، وهو يكتب «روشتة» لأعقد مشاكلنا، ولكنى أتصوره موجوع القلب، وهو يكتب، وفى المقابل لا نفهم أبداً، هذه البراءة فى عين الحكومة وهى تتابع المادة المكتوبة فلا تقول لنا من خلال وزيريها وحزبها الحاكم، ما إذا كان الدكتور حسام على صواب فيما يقول أم أنه على خطأ،.. وإذا لم تكن المقالات الست هى «مانفيستو» الحكومة والحزب، فى مواجهة مشكلة هما معاً يعرفان خطورة بقائها على حالها الراهن، فأين إذن المانفيستو البديل؟!