أصدرت وزارة الثقافة بياناً أعلنت فيه تخصيص قصر الأمير عمر طوسون فى شبرا لإقامة أرشيف لأصول الأفلام (النيجاتيف) ومكتبة لنسخ الأفلام (سينماتيك) ومتحف السينما، وفى اليوم التالى صرح فاروق حسنى، وزير الثقافة، بأن الأرشيف سوف تقيمه وزارة الاستثمار على أرض لوزارة الثقافة فى شارع الأهرامات، وأن القصر ربما يصبح مقراً لمكتبة الأفلام ومتحف السينما! أصل المشكلة أن وزارة الثقافة تخلت عن شركة الاستديوهات والمعامل وشركة التوزيع ودور العرض اللتين كانتا تابعتين للوزارة إلى وزارة قطاع الأعمال عام 1992 قبل أن يصبح اسمها وزارة الاستثمار، وفى ذلك الوقت رفض كل العاملين فى السينما موقف الوزارة، ولا أظن أن هناك سينمائيا واحدا حتى الآن يقبل أن تكون السينما الفن الوحيد من بين كل الفنون الذى يتبع وزارة الاستثمار وليس الثقافة! وقد نشرت فى هذا العامود يوم 14 ديسمبر الماضى «لماذا السينما دون غيرها»، ووصلتنى الإجابة على لسان مسؤول لا يريد ذكر اسمه، وهى أن الاستديوهات والمعامل ودور العرض كانت شركتين، أما مؤسسات الفنون الأخرى فلم تكن شركات، بمعنى أن مؤسسات «بيت المسرح» لو كانت شركة لتخلت عنها وزارة الثقافة، ولو كان اسم مؤسسات السينما «بيت السينما» لاستمرت فى وزارة الثقافة، ويا لها من مسخرة! ما يخدم المصلحة العامة الآن أن تعود مؤسسات السينما التى تملكها وزارة الثقافة إلى وزارة الثقافة، وأن تعود المؤسسات الأخرى التى أممت أو نزعت ملكيتها إلى أصحابها، أما بخصوص أرشيف أصول الأفلام فهو ليس مسؤولية أى دولة فى العالم عن طريق أى وزارة، وإنما هو مسؤولية ملاك هذه الأصول فى مخازن خاصة تتبع المعامل، وعلى وزارة الثقافة إنشاء أرشيف لأصول أفلامها فقط إذا كانت ترى أنها لا تحفظ جيداً فى مخازن المعامل الحالية التى تتبع إحدى شركات وزارة الاستثمار. ويقول المسؤولون فى شركة وزارة الاستثمار، التى تدير المعامل إن الأصول، وأغلبها الآن ملك لشركتين سعوديتين، محفوظة فى أحسن حال، فلماذا إذن مشروع إنشاء أرشيف جديد للأصول فى «مول» على أرض لوزارة الثقافة؟ والإجابة أن هذه الأرض منزوعة الملكية للمصلحة العامة، وسوف تعود إلى أصحابها عندما يقام عليها «مول»، ولكن وجود أرشيف لوزارة الثقافة يبرر استمرار الاستيلاء عليها لأنه «منفعة عامة»، وليس «منفعة خاصة»! وبقدر ما تعتبر أصول الأفلام ليست مسؤولية أى دولة عن طريق أى وزارة، بقدر ما يعتبر السينماتيك أو دار السينما، حسب ترجمة مجمع اللغة العربية للكلمة الفرنسية، مسؤولية أى دولة فى العالم عن طريق وزارة الثقافة مثل دار الكتب تماماً، وكذلك متحف السينما، مثل متحف الآثار تماماً. ولذلك نطالب وزير الثقافة الفنان فاروق حسنى بعدم التراجع عن تخصيص قصر الأمير عمر طوسون لإقامة مكتبة الأفلام ومتحف السينما. [email protected]