متحدث البترول: قطع الكهرباء ل 3 ساعات لن يتكرر مرة أخرى    ماكرون: باريس وواشنطن مصممتان على ممارسة الضغوط الضرورية على إيران    تفوق عربي.. 4 منتخبات تحقق العلامة الكاملة بتصفيات إفريقيا المؤهلة لكأس العالم    «أديب» عن واقعة عمرو دياب: الخطأ مشترك.. والشاب حاول يتصور معاه 4 مرات والأمن نزله    تفاصيل جولة وزير الصحة للمستشفيات بالمناطق الساحلية ونقاط الإسعاف    هيئة البث الإسرائيلية: احتمال استئناف مفاوضات الرهائن قريبا «ضئيل»    المشدد 7 سنوات ل عامل ضرب نجلة زوجته حتى الموت في القليوبية    آسر ياسين يروج لفيلمه الجديد ولاد رزق 3    أول تعليق ل مقدمة البلاغ ضد زاهي حواس بشأن استغلال مكتبة الإسكندرية    الأحد أم الاثنين؟.. الإفتاء تحسم الجدل رسميا بشأن موعد عيد الأضحى 2024 في مصر    مواعيد سفر قطارات عيد الأضحى 2024 بعد انتهاء أيام الحجز    علي فرج يتأهل لنهائي بطولة بريطانيا المفتوحة للإسكواش    جهود مكثفة لفك لغز العثور على جثة طفل بترعة الحبيل شمال الاقصر    قصواء الخلالي: رأينا ممارسات تحريضية ومخالفات إعلامية مهنية عن الوضع فى غزة    "زهقني وحسيت بملل معاه".. ننشر اعترافات "أم شهد" شريكة سفاح التجمع    بشرى سارة من التربية والتعليم لطلاب الثانوية العامة بشأن المراجعات النهائية    طارق الشناوى: نراعى الجانب الإبداعى وحقوق الإنسان فى تقييمنا للأعمال الدرامية    النحاس يرتفع مجددا بنسبة 22% فى السوق المحلية خلال أقل من شهر    منتخب مصر يتوج ب14 ميدالية في بطولة العالم لليزر رن بالصين    هيئة الدواء تكشف حصيلة حملاتها الرقابية في المحافظات خلال شهر مايو    ورش ولقاءات توعوية للأطفال في احتفالات اليوم العالمي للبيئة بأسيوط    وكالة TRT تتضامن مع قصواء الخلالي ضد زعيم اللوبي الصهيوني: صاحبة صوت حر    أفضل الأدعية في العشر الأوائل من ذي الحجة    «زراعة القاهرة» تحصل على شهادة الأيزو الخاصة بجودة المؤسسات التعليمية    لمرضى السكر.. 8 فواكة صيفية يجب تضمينها في نظامك الغذائي    معيط: نستهدف بناء اقتصاد أقوى يعتمد على الإنتاج المحلي والتصدير    معلومات حول أضخم مشروع للتنمية الزراعية بشمال ووسط سيناء.. تعرف عليها    هالاند يقود هجوم منتخب النرويج فى مواجهة الدنمارك وديا    تقارير: حارس درجة ثانية ينضم لمران منتخب ألمانيا    تقارير: نيوكاسل يضع حارس بيرنلي ضمن اهتماماته    القبض على سائق متهم بالتحرش ب "معلمة" في أثناء توصيلها أكتوبر    وزير العمل يشدد على التدخل العاجل لحماية حقوق العمال ضحايا الإحتلال في فلسطين    محافظ الشرقية يشارك في اجتماع المعهد التكنولوجي بالعاشر    مصر تواصل جهودها في تقديم المساعدات الإنسانية لقطاع غزة "صور"    سناء منصور تحتفي بنجيب الريحاني في ذكرى وفاته: «كوميديان نمبر وان»    "اهدى علينا".. رسالة من تركي آل الشيخ إلى رضا عبد العال    المصري يطرح استمارات اختبارات قطاع الناشئين غداً    أسماء أوائل الشهادة الابتدائية الأزهرية بشمال سيناء    وزير التعليم يتسلم نتيجة مسابقة شغل 11 ألفا و114 وظيفة معلم مساعد فصل    «صحة المنيا» تنظم قافلة طبية بقرية دمشاو هاشم لمدة يومين    لماذا يحتاج الجسم لبكتريا البروبيوتيك؟، اعرف التفاصيل    أنباء عن هجوم بمسيرة أوكرانية في عمق جمهورية روسية    المشدد 5 سنوات لمتهم في قضية حرق «كنيسة كفر حكيم»    أول ظهور لكريم عبد العزيز بعد وفاة والدته    وزير الأوقاف: لا خوف على الدين ومصر حارسة له بعلمائها وأزهرها    في خدمتك | تعرف على الطريقة الصحيحة لتوزيع الأضحية حسب الشريعة    وليد الركراكي يُعلق على غضب حكيم زياش ويوسف النصيري أمام زامبيا    وزيرة التخطيط تبحث سبل التعاون مع وزير التنمية الاقتصادية الروسي    إثيوبيا تسعى لبيع كهرباء للدول المجاورة.. توضيح مهم من خبير مائي بشأن سد النهضة    رئيس الوزراء يتابع جهود منظومة الشكاوى الحكومية الموحدة خلال مايو 2024    محافظ المنيا: توريد 373 ألف طن قمح حتى الآن    كاتب صحفي: حجم التبادل التجاري بين مصر وأذربيجان بلغ 26 مليار دولار    التشكيل الحكومي الجديد| وزراء مؤكد خروجهم.. والتعديل يشمل أكثر من 18 وزيرًا.. ودمج وزارات    رئيس جامعة المنوفية: فتح باب التقديم في الدورة الثالثة من مبادرة المشروعات الخضراء    إصابة 6 أشخاص فى انقلاب ميكروباص على زراعى البحيرة    «الإفتاء» توضح فضل صيام عرفة    جولة مفاجئة.. إحالة 7 أطباء في أسيوط للتحقيق- صور    تعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري يتصدر المباحثات المصرية الأذربيجية بالقاهرة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الانتحار.. لماذا؟

شعرت بالأسى الشديد عندما طالعت فى الصحف حادثة انتحار الطفلة «منة الله» بسبب شعورها بالظلم، وقبلها الصور المحزنة التى تناقلتها وسائل الإعلام المختلفة للشاب الذى فضل الانتحار على أسوار كوبرى قصر النيل، بسبب عجزه عن الارتباط بفتاة. ثم سرعان ما تناولت الصحف منذ أيام قيام أم بقتل طفلها وهو نائم ثم حاولت الانتحار بسبب الفقر والفشل فى تدبير نفقات الحياة.
ما يحدث الآن يشير إلى أن ثمة تغييرات يمر بها المجتمع، ففى الماضى كنا نتعجب من أخبار تنامى حالات الانتحار فى الخارج، ونرفضها بشدة، ونعتبر أن من يقدم عليها كفر بقدرة الله سبحانه وتعالى على تدبير الأمور، ولهذا عندما نرى نمو هذه الظاهرة فى المجتمع فهو مؤشر ندق له ناقوس الخطر.
بالطبع هى من أغرب الظواهر التى قد نراها فى الحياة، والسؤال كيف ولماذا يقرر إنسان التخلص من حياته وما الذى يدفعه إلى هذا الأمر مهما كان السبب، رغم أنه على يقين بغض النظر عن سبب الانتحار أنه إذا كان يهدف للتخلص من عذاب الدنيا فلن يفلت من عذاب الآخرة؟!.
الانتحار هو فعل قتل الإنسان لنفسه للتخلص من حياته فى لحظة فقدان تام لأى أمل. وبالطبع هى لحظة خلل فى التفكير وفقدان للمنطق لأنه لا يوجد شىء اسمه فقدان تام للأمل. فطالما هناك حياة وهناك روح فى جسد الإنسان وهذه الروح من وبإذن ربها وهو فقط الذى يعلم ماذا سيحدث فى المستقبل، فليس هناك شىء اسمه لا أمل.
وفى الطب النفسى هناك أسباب وأنواع للانتحار، ويعد «مرض الاكتئاب» أحد أهم أسباب الانتحار، لقد تعاملت مع كثيرين مصابين بمختلف أنواع الأمراض، لم يجرؤ أحد منهم على الانتحار، إلا مريض الاكتئاب والذى يفكر ويخطط ويقدم على الانتحار بمنتهى السهولة ويستخدم الوسائل الأكيدة ليضمن نجاح الخطة والوصول لغايته، وهى الموت للتخلص من شعوره البغيض، والذى يتمثل فى فقدان لذة وطعم ومعنى ومتعة أى شىء فى الحياة والضيق والحزن والظلمة التامة من حوله، فمريض الاكتئاب يقول «إن عذاب النار» أهون «مما أشعر به الآن»، نتيجة نظرتة السوداوية للحياة، ولهذا فإن الاكتئاب يجعل الإنسان خطراً على نفسه، وما أقصده بالاكتئاب ليس الذى يصف الناس به حالتهم الآن نتيجة شعورهم بالإحباط أو اعتلال المزاج أو عدم القدرة على التكيف مع ضعوط الحياة.
والاكتئاب يأتى من خلل كيميائى فى المخ يؤدى إلى اضطراب التفكير والمشاعر، المكتئب يرى ويدرك أن كل شىء مظلم وسلبى ماضيه وحاضره ومستقبله، يرى أنه لا معنى ولا فائدة من الحياة ومن وجوده وأحيانا يشعر بالعدمية أى أنه أو حتى جزء من جسمه غير موجود ويصدق هذا الشعور ويعتبره حقيقة مؤكدة، فهناك بعض مرضى الاكتئاب الجسيم الذهانى يشكون أو يصفونها كحقيقة وليس شكوى، مثل إنه لا قلب أو معدة أو مخ له وتسمى هذه ضلالات العدمية(!)، والحمد لله أن علاج الاكتئاب أصبح الآن بسيطاً وأكيداً.
سبب آخر للانتحار هو مرض الفصام حيث يعانى المريض من سيطرة «الضلالات» عليه، أى الأفكار والمعتقدات الخاطئة، حيث يعتقد يقيناً أنه مضطهد أو مراقب أو أن كل الناس تتعمد مضايقته بالكلام أو الحركات وأيضا لديه الهلاوس السمعية أو البصرية أو الحسية، فهو يسمع أصواتا قد تعلق عليه أو على تصرفاته وقد تأمره بفعل أشياء مثل إيذاء النفس أو بالانتحار وبما أن مريض الفصام يعانى غالبا من عدم الإدراك والمعرفة بأنه مريض، ويعتقد أن كل ما يحدث له هو حقيقة، ولهذا فإنه يتصرف على أساس هذه الضلالات أو الهلاوس، وبعض مرضى الفصام، وهم قلة يدركون أنهم مرضى ويقدمون على الانتحار لعدم قدرتهم على مواجهة الحياة وهم «مجانين»، والحمد لله أيضا تتوافر لهذا المرض علاجات كثيرة.
ومن أسباب الانتحار أيضا مرض الإدمان وخاصة إدمان الكحوليات لأنها قد تصيب الإنسان على المدى البعيد بمرض الاكتئاب، ويكون فقدان الأمل كبيراً بسبب مرض الاكتئاب، ولفقدان القدرة على التعافى من الإدمان خاصة بعد عدة محاولات فاشلة للعلاج، فيقدم المريض على الانتحار.
وقد تقوم الأم بقتل وليدها خاصة بعد الولادة مباشرة والذى يكون بسبب اكتئاب وذهان بعد الولادة وهو أيضا خلل هرمونى وكيميائى يؤدى هذا الشعور المرضى بالاكتئاب الشديد وقتل الطفل لرحمته من العذاب المؤكد الذى سيراه فى هذه الدنيا، ولذلك يتم فصل الأم عن أطفالها عند وضع هذا التشخيص وحتى يتم العلاج والشفاء.
وقد تؤدى بعض أنواع اضطرابات الشخصية إلى التفكير فى الانتحار، واضطراب الشخصية هو عبارة عن وجود بعض سمات مضطربة فى شخصية الإنسان لدرجة تؤدى إلى التسبب فى «إعاقة» حياته الاجتماعية أو العملية، و«الشخصية البينية» هو أحد اضطراب الشخصية ويتسم صاحب أو صاحبة هذه الشخصية بعدم استقرار العلاقات الشخصية أو الاجتماعية، فهذه الشخصية قد ترتبط بإنسان وتحبه وترى أنه أقرب وأحسن إنسان فى الدنيا بسرعة شديدة وبعدها وفى فترة قصيرة، وعند حدوث أى شىء صغير ومضايقة صغيرة من هذا الشخص ينقلب الحال تماما ويصبح شخصاً خائناً ووضيعاً ولا يستحق هذا الحب أو هذه الثقة.
أيضا هى شخصيات متقلبة المزاج بشدة ومندفعة بشدة فيقدمون على بعض الأفعال المندفعة التى قد تكون مأساوية أو كارثية مثل الانتحار المتسرع المندفع لأسباب تافهة، ومعظم محاولاتهم لا تؤدى إلى الموت لأن أغلبها اندفاعية تهدف إلى جذب انتباه وتعاطف الآخرين أكثر منه للتخلص من الحياة حقيقة مثل مريض الاكتئاب، ولذلك فالطريقة تكون مختلفة تماما.
مريض الاكتئاب بعد الوصول لقرار الانتحار يبدى بعض التحسن، ثم يخطط ويختار وسيلة أكيدة للانتحار، بل ويضمن عدم وجود أحد لإنقاذه، أما مضطرب الشخصية المندفع فيفعل العكس ولكن البعض لا يتم إنقاذهم ويموتون (قطع الشرايين، تناول عدد كبير من الأقراص...) يقوم البعض وهم قليلون بالانتحار لأسباب مادية أو اجتماعية أو عاطفية وأيضا تكون لديهم بعض سمات الشخصية المضطربة مثل الشخصيات التى تتسم بعدم النضج الانفعالى والوجدانى أو الشخصية الاعتمادية مثل الذى يعتمد نفسيا تماما على حبيبته ويتعلق بها عاطفيا ونفسيا لدرجة مرضية ويقتنع أنه لا حياة له بدونها بعد فقدها وأن تم ذلك علنا على «كوبرى قصر النيل»، فقد يكون فى ذلك رسالة لحبيبته بأن هى السبب فى هذه المأساة وليشعرها بالذنب بقية عمرها فهو أيضا انتقام (!).
واذا تعددت الأمراض والظروف النفسية التى قد تدفع الإنسان إلى اتخاذ قرار بالتخلص من حياته، لابد وأن يدرك الجميع أن هناك الخالق سبحانه وتعالى قادر أن يدبر الأمور، وقادر على تغيير الأجواء السلبية المحيطة بالإنسان فى لحظة، لابد أن نثق فى قدرتنا على المضى فى واقع جديد، وعدم ترك أنفسنا فريسة للحظة انكسار عابرة، كما أنه لابد وأن نعى جميعا طبيعة المريض النفسى وكيفية التعامل معه، وإخضاعه للعلاج، حيث شهد تقدما مذهلا خلال الأعوام القليلة الماضية، أى أن ما نحتاج إليه الإيمان بالله حقاً، والوعى بالأمراض النفسية والأسلوب الأمثل للتعامل مع المريض.
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.