كرة القدم والسيستم

انتهى كأس العالم وفاز الماتادور الإسبانى على الأورانج، أو أصحاب اللون البرتقالى فى هولندا وسقطت أحلام العرب الذين لم يمثلهم إلا الجزائر، وأحلام الأفارقة رغم أداء غانا المشرف، وأمريكا اللاتينية ما بين تانجو أرجنتينى رقص هذه المرة منفردا أعرج، أو السامبا البرازيلى الذى خيب الآمال..
ما حدث هذه المرة أكبر دليل على أن الموهبة وحدها لا تكفى.. فإذا أخذنا الولايات المتحدة الأمريكية كمثال.. وهى الدولة التى كانت حتى وقت قريب لا تعرف شيئاً عن لعبة كرة القدم.. تلعب الجولف والرجبى وكرة السلة.. بل استقدمت منذ سنوات اللاعب البريطانى الشهير ديفيد بيكهام كى يرفع من أداء فريق جالكسى..
هذا الاهتمام بكرة القدم جعل الفريق الأمريكى يصل إلى دور الستة عشر.. أنا لست محللة رياضية.. ولكن ما أود قوله هو: إنه عندما يكون هناك الكلمة السحرية التى تسمى «سيستم»، أى نظام، كل الأمور تتغير.. اللاعبون الأفارقة مثل دروجبا، صمويل إيتو، يايا تورى، الكسندر سونج، عندما يلعبون فى فرق أوروبية يشتهرون ويؤدون والسبب هو السيستم.. يدخلون فى منظومة نظام منظم وتتحول إلى طريقة حياة.
ونفس الوضع ينطبق على الأرجنتين والبرازيل فهما أيضا بلدان من العالم الثالث أمثالنا.. شديدا الموهبة ولكن.. لا نظام.. يلمع من يخرج منهما إلى أوروبا مثل كاكا وميسى وتيفيز، لم تعد كرة القدم مجرد ركلات ترجيحية أو عادية، لم تعد مجرد بلنتيات وكورنرات، انظروا إلى الماكينات الألمانية، والله أحس أننى أمام لعبة بلاى ستيشن، من التى يلعبها ابنى طوال النهار، صحيح، وانظروا إلى بقية الجنسيات غير الأوروبية، خاصة الأفريقية، فوضى فى الملعب، وعرق يتصبب من قلة اللياقة البدنية ونفس مقطوع،
على الرغم من أن الأفارقة هم الأكثر احتمالا، ولكن الأوروبيين يأكلون بمواعيد وينامون بمواعيد، ويتمرنون بمواعيد ويخرجون لإجازاتهم بإذن من المدرب ويعودون من معسكراتهم عندما يأذن لهم المدرب، أما نحن فنعشق الفوضى، ننام براحتنا ونصحو براحتنا، نتمرن متى يحلو لنا، نأكل فنملأ بطوننا، نضرب أى نتغيب عن التمارين، شيشة ممكن، سجائر احتمال، أكل دسم لم لا؟،
وتكون النتيجة أننا نحلم بالاحتراف وعندما نسافر ونحترف يبدأ المدربون فى الشكوى منا، وطبعا هذا ليس لأننا نحترم المواعيد لا سمح الله أو نعيش بطريقتنا ومزاجنا، بل لأنهم يخنقوننا ويضطهدوننا ويركنوننا على الرف، لماذا أصلا دفعوا فينا أموالا لو كانوا يقصدون ركننا، والنتيجة تكون كلاما عن إقصاء وتربص، هذا هو حال الأفراد فماذا عن الفرق؟ الفرق تعيش ببركة دعاء الشعوب التى لا تجد انتصاراتها إلا فى أقدام اللاعبين، ومع غياب أسلوب الحياة المنظم، أى السيستم، نتأخر، كما يتأخر الكثير من الأمور فى بلادنا.
ما حدث فى جنوب أفريقيا أكبر دليل على أن الكرة لم تعد مجرد لعبة بل أصبحت منظومة كما قلت سابقا، والبعض فهمها مثل جنوب أفريقيا، التى أعدت بلادها منذ سنوات طويلة والقادم اليوم هو قطر، بدأت منذ اليوم تدعو لاستضافة كأس العالم 2022، لو اقترح أحد هذا فى مصر، لكان الرد «ياه.. من دلوقتى، يا من يعيش»، ولكن العكس هو الصحيح، وما تفعله قطر رغم تحفظى على أمور أخرى فى شؤون أخرى لا مجال لذكرها هنا، إلا أنه صح الصح، وسوف تستضيف قطر كأس العالم، وسوف تؤهل فريقها للعب، وإن لم يلعب،
المهم أن تكون موجودة، وتخيلوا كم سيدر على قطر من أموال وأين سيضع قطر على خارطة العالم، كأس العالم حدث وحيد يجمع بين شعوب العالم أجمع، ونحن حتى فى الكرة وبسبب أسلوب حياتنا، وكل ما ذكرته من أسباب نتراجع، مبروك لإسبانيا أو لبلاد اليورو، التى اعتبرت أنها جميعا قد انتصرت، وسلم لى على السيستم.
rola_kharsa@hotmail.com