ياسر أيوب يكتب : فيفا زلاطا

فى عام 1976 قدم الراحل فؤاد المهندس فيلما جديداً بعنوان «فيفا زلاطا».. ولا أريد، الآن، من هذا الفيلم إلا عنوانه فقط على شريط سينمائى جديد.. كوميدى أيضا.. رغم أنه واقعى وحقيقى وليس خياليا أو ساذجا كما الفيلم القديم.. فاليوم أقدم لكم فيفا زلاطا بطولة بلاتر، رئيس الفيفا، ودانى جوردان، رئيس اللجنة المنظمة للمونديال الأفريقى..
فالمفاجآت لاتزال تتوالى.. حكايات جديدة، كل يوم، عن فساد وانحراف ومكاسب غير مشروعة.. فمنذ أربعة أيام فقط.. نسيت جنوب أفريقيا كلها المونديال وانشغلت بمتابعة الصراع الذى انفجر بين دانى جوردان، رئيس اللجنة المنظمة للمونديال، وإيرفين خوذا، رئيس اتحاد الكرة فى جنوب أفريقيا.. صراع بدأ بجريدة محلية شهيرة اسمها «ميل آند جارديان»، نشرت تحقيقا مطولا عن شقيق دانى.. أندرو.. الذى استغل منصب شقيقه ليصبح مسؤولا عن استضافة المباريات فى مدينة بورت إليزابيث..
 وعلى الفور.. وكعادة كل مسؤولى العالم الثالث.. لم يجد «دانى» دفاعا عن نفسه إلا اتهام رئيس اتحاد الكرة بأنه هو الذى يقف وراء الهجوم عليه وقرر مقاضاة رئيس الاتحاد والجريدة التى نشرت التحقيق.. وعلى الفور، بدأت عيون وأصابع وعقول تفتش وتغوص أكثر وراء الستار فى كل مجالات تنظيم المونديال.. وكتب بعضهم مؤكدا أنه طالما أصبح ابن شقيقة بلاتر فهو الذى يتولى تقديم الخدمات الإضافية للمونديال..
 فما الذى يمنع شقيق رئيس اللجنة المنظمة من الانفراد بمدينة واحدة على الأقل.. وبعد ثمانى وأربعين ساعة فقط كان الصحفى إنريكو سيستى يكتشف ما هو أكثر إزعاجا.. فقد تبين أن مسؤولين كباراً جدا فى الفيفا اتفقوا مع فنادق معينة فى مختلف مدن جنوب أفريقيا لتنزل فيها وفود الفيفا وبعثاتها من مسؤولين وحكام وضيوف، مقابل نسبة معينة من سعر كل غرفة لهؤلاء المسؤولين فى الفيفا.. وكاد المونديال يمر بسلام لولا خلاف حاد نشب مؤخرا بين أصحاب الفنادق ومسؤولى الفيفا الذين تخيلهم أصحاب الفنادق سيكتفون بعمولة تقدر بعشرة بالمائة فقط، كما هو معتاد فى مجال السياحة، لكنهم فوجئوا بمسؤولى الفيفا الكبار يطالبون بعمولة تبلغ أربعين بالمائة من قيمة إيجار كل غرفة..
ولم يقبل معظم أصحاب الفنادق هذا الجشع فبدأوا يحاولون فضح ما جرى للصحافة.. وحكايات أخرى كثيرة عن فساد الفيفا وتعاقداتها المشبوهة واتفاقاتها غير المعلنة بدأت تلفت انتباه صحفيين إنجليز وأمريكان وفرنسيين وإيطاليين.. تصلح كلها كمشاهد كوميدية فى النسخة الجديدة من هذا الفيلم القديم «فيفا زلاطا» وسوف يضحك العالم كله قريبا جدا على هذا الفيلم..
 ومن المؤكد أن الفيفا بدولتها الحالية تعيش نهايتها القريبة.. فالعالم كله، عقب المونديال، سيبدأ فى مراجعة كل شىء.. وهذا هو تفسير إصرار بلاتر على أن يختار الدولتين المنظمتين لمونديالى 2018 و2022 فى جلسة واحدة بعد أشهر قليلة، رغم أن الفيفا طوال عمره كان يختار دولة لمونديال جديد كل أربع سنوات..
 لكن بلاتر ورجاله أدركوا أنه ليس أمامهم الكثير من الوقت وقد لا يبقون أربعة أعوام أخرى.. فقرروا بيع كل ما هو ممكن فى أسرع وقت ليقبضوا الثمن.. فبلاتر، الرجل حاد الذكاء، يعرف جيدا أنه قد يضحك طول الوقت على الأفارقة ومؤسساتهم الهشة وصحافتهم الطيبة المبهورة دوما بالمونديال ومباريات الكرة.. ولكن ليس على الأوروبيين وصحافتهم وشاشاتهم.
yayoub@gmail.com