فى حضرة سيدنا الميدان (4) الثورة الخفية للزبالين "الزى الرسمي بتاع الشركة دا موضوع بايخ ، يعنى عاوزينا نلبس زى الشركة فالسكان يتعاملوا معانا على إننا تبع الشركة ويوقفوا الفلوس اللى بيدوهالنا ... إحنا ما نقدرش نستمر بدون أخذ فلوس من السكان لأن المقابل اللي بناخده من الشركة ضعيف ... وكمان بطلنا ناخد الزبالة لحسابنا ، يعنى خسارة من كل النواحي" قال أحد الزبالين وهو يمسك كيسا كبيرا به الزى الذي تسلمه من الشركة ، ويضيف "الزى دا باخده أرجعه للورشة اللي صنعته للشركة أبيع لها الزى بخمسة وعشرين جنيه ، ولما تبقى الشركة تطلب منه دفعة تانى يعطيه للشركة بأربعين جنيه أو أكتر حسب العقد اللي بينه وبين الشركة ، يعنى مصلحة لكل الأطراف". أما بالنسبة لموضوع منع الزبالين من نقل المخلفات بسياراتهم إلى الزرايب الخاصة بهم، تمكن الزبالون من التغلب على ذلك بان أطلقوا العديد من الصبيان في الشوارع بعربات يد صغيرة ينبشون الصناديق، منهم من يقوم بجمع الكرتون ، وآخر يقوم بجمع الزجاج ، وآخر يقوم بجمع البلاستيك. وانتشرت بشكل ملحوظ في شوارع القاهرة في تلك الفترة فئة السريحة. وفى بعض الأحياء التي تعاقدت فيها الشركات الدولية مع المتعهدين القدامى، فقد تمكن بعض منهم استخدام السيارات الخاصة به في نقل القمامة إلى الزرايب الخاصة به، دون أدنى معارضة من الشركات الدولية التي آثرت التغاضي عن ذلك في سبيل القيام الفعلي بالخدمة، بعد أن فشلت في جمع القمامة من مناطق عديدة. "يعنى إحنا كنا بندَوّر (نعيد استخدام) حوالي 80 % من الزبالة اللي بنجمعها، بدون ما نكلف الدولة أي حاجة، وبنوفر فرص عمل لناس كتير في تجارة البلاستيك والزجاج وغيره وغيره، والحكومة لما اتفقت مع الشركات ألزمتها بتدوير 20 % فقط، وكمان مش قادرين ينفذوها، حاجة ليها العجب" قال ذلك أحد المتعهدين القدامى. ومع الوقت تمكن الزبالون التقليديون في مناطق كثيرة من ممارسة عملهم كما كانوا يمارسونه سابقا من حيث الجمع من المنازل والتوريد للزرايب الخاصة بهم، ولم يظهر إصرار من الشركة على توريد المخلفات التي يجمعها المتعهدين وبذلك يكونون قد تمكنوا من حل مشكلة النقطة الثانية. أما النقطة الأولى الخاصة بانخفاض رسم الجمع للوحدة السكنية، تمكن غالبية الزبالين من إقناع قاطنى الوحدات السكنية بالدفع لهم مباشرة، وفى بعض المناطق امتنعوا عن الجمع من المنازل التي لا تدفع لهم مباشرة على الرغم من أن رسوم الجمع يتم تحصيلها فعلا على فاتورة الكهرباء، ليصبح الخاسر الأكبر فى ذلك (اللانظام) الجديد لجمع القمامة هو المواطن العادي من أصحاب الوحدات السكنية والمحلات، ولكنهم لم يصمتوا على هذا الظلم إلا أن الحلول التي حاولوا الوصول إليها لم ترقى في أي وقت إلى مستوى الجهود المنظمة للواحية والزرابة فى تحالفهم القوى المنظم ضد بيزنس البيئة الذى يسلك طريقه بقوة إلى دول العالم الثالث. عاش تحالف الواحية والزرابة الذي أنجز مهمته في الحفاظ على مهنة أعضائه التي كانوا قد ابتكروها منذ أكثر من مائة عام، وفعلوا كل ذلك دون تدخل من حزب أو قوى سياسية، ودون التظاهر والاعتصام واستخدام شعارات سياسية ليبرالية كانت أو إسلامية أو اشتراكية. [email protected] المشهد.. لا سقف للحرية المشهد.. لا سقف للحرية