في نهاية كلّ عام ميلادي، يقف المرء أمام أحداث خلَت ليقف وقفة حقّ وصدق مع نفسه ليُقيّم ما أنجزَ فيه وما أخفق، وليعتبر من دروس منحتها له الحياة خلال سنة، وأعظم هذه الدروس هو الاعتبار من الموت الذي غيّب شخصيات معروفة تركت بصمةً في الفكر وإضافة للحياة، وهذه بعض الأسماء التي رحلت في 2014 : المهدي المنجرة : رحل في 13 يونيو، وهو اقتصادي وعالم اجتماع مغربي مختص في الدراسات المستقبلية، يعتبر أحد أكبر المراجع العربية والدولية في القضايا السياسية والعلاقات الدولية والدراسات المستقبلية. اتقن عدة لغات وألف بالعربية والفرنسية والإنجليزية واليابانية ما يزيد عن 500 مقالة في العلوم الاقتصادية، السوسيولوجية والإنسانية. وقد اعترف المفكر الأمريكي صامويل هنتنجتون ضمن مؤلفه صدام الحضارات بمرجعية وأسبقية المهدي المنجرة في طرح مفهوم صراع الحضارات. لُقّب المنجرة ب"المنذر بآلام العالم" بسبب دفاعه الشرس عن تحرّر الجنوب من هيمنة الشمال وذلك من خلال التنمية ومحاربة الأمية ودعم البحث العلمي وتعزيز اللغة الأم، إلى جانب دفاعه عن قضايا الشعوب المقهورة وحرياتها. عمل المنجرة مستشارا في الوفد الدائم للمغرب بهيئة الأممالمتحدة بين عامي 1958 و1959، وأستاذا محاضرا وباحثا بمركز الدراسات التابع لجامعة لندن (1970). كما اختير للتدريس في عدة جامعات دولية (فرنسا وإنكلترا وهولندا وإيطالياواليابان)، وشغل باليونسكو مناصب قيادية عديدة . كما تولى رئاسة لجان وضع مخططات تعليمية لعدة دول أوروبية. حاز على العديد من الجوائز الدولية والوطنية، من بينها وسام الشمس المشرقة التي منحها له إمبراطور اليابان، جائزة الأدب الفرنسي في جامعة كورنيل، وسام ضابط للفنون والآداب بفرنسا. وجائزة السلام لسنة 1990 من معهد ألبرت آينشتاين الدولي، وغيرها العديد من الجوائز. إبراهيم بن علي الوزير: مفكر يمني إسلامي بارز توفي في 28 يونيو ، مؤسس ورئيس المجلس الأعلى لاتحاد القوى الشعبية الذي أسسه عام 1961، وأيد قيام ثورة 26 سبتمبر 1962، وعمل من خلال الإتحاد على مساندة الجمهورية وتصحيح الانحراف الذي طرأ على مسارها، وعاش في الشتات داعياً إلى الشورى والحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان. أسس صحيفة الشورى الناطقة باسم الاتحاد وعمل على مساندة الجمهورية وتصحيح الانحراف الذي طرأ على مسارها، خاض معارك سياسية وقضائية عدّة في وجه النظام اليميني الحاكم آنذاك، من مؤلفاته: "بين يدي المأساة"، "لكي لا نمضي في الظلام"، "الطائفية آخر ورقة العالين في الأرض"، "هموم وآمال إسلامية"، "المنهج للحياة دعوة للحوار"، "البوسنة والهرسك.. عار للمسلمين وجرح في ضمير الإنسانية". محمود شاكر: الشيخ أبو أسامة محمود بن شاكر شاكر مؤرخ وكاتب إسلامي سوري توفي في 23 نوفمبر ، وكان أستاذاً لمادتي الجغرافيا والتاريخ الإسلامي في كلية العلوم الاجتماعية بالرياض والقصيم، أعدَّ برنامجاً إذاعياً في إذاعة القرآن من السعودية بعنوان جغرافية العالم الإسلامي. في رصيده أكثر من 200 مصنَّف في التاريخ والفكر الإسلامي والجغرافيا. كما شارك في وضع مناهج وخطط دراسية في علمي التاريخ والجغرافيا. درس علم التاريخ فبرع في إفادة الأمة بعلمه من خلال النهضة بالتاريخ الإسلامي حيث صاغ التاريخ بماضيه وحاضره صياغة متميزة من المنطلق الإسلامي مع عرض الأحداث وتحليلها، كما له مؤلفات في دراسة علم الأنساب. من مؤلفاته: موسوعة كتاب التاريخ الإسلامي ويقع في 22 جزءاً. سلسلة العالم الإسلامي،سلسلة مواطن الشعوب الإسلامية في آسيا سلسلة مواطن الشعوب الإسلامية في أفريقيا وسير بعض الصحابة. سميح القاسم: شاعر فلسطيني وفاته المنية في 19 أغسطس بعد صراع مع مرض سرطان الكبد لمدة 3 سنوات ، في رصيده أكثر من 70 عملاً بين الشعر والنثر والمسرحيات، اختزلت أعماله تلك في 7 مجلدات صدرت عن دور نشر عدّة في القدس وبيروت والقاهرة. كما تمت ترجمة عدد كبير من قصائده إلى الإنجليزية والفرنسية والتركية والروسية والألمانية واليابانية والإسبانية واليونانية والإيطالية والتشيكية والفيتنامية والفارسية والعبرية واللغات الأخرى. اتصف الشاعر سميح القاسم بالشعر السياسي المقاوم وارتبط اسمه بشعر الثورة والمقاومة من داخل أراضي العام 48، وهو مؤسس صحيفة كل العرب ورئيس تحريرها الفخري. سُجن الراحل أكثر من مرة من قبل سلطات الإحتلال الإسرائيلي، كما وضع رهن الإقامة الجبرية وتعرض للكثير من المضايقات بسبب قصائده الشعرية ومنها قصيدة:" تقدموا" التي اعتبرها الاحتلال تحريضا ضده وتسببت في أزمة داخل إسرائيل. حصل سميح القاسم على العديد من الجوائز والدروع وشهادات التقدير وعضوية الشرف في عدّة مؤسسات. فنال جوائز من إسبانيا وفرنسا وحصلَ على جائزة البابطين، و"وسام القدس للثقافة"، وجائزة نجيب محفوظ من مصر ، وجائزة "السلام" من واحة السلام، وجائزة "الشعر" الفلسطينية. حرب وعقل وجرداق والحاج: خطف الموت في عام 2014 كُتّاب وشعراء لُبنانيين تخطت أعمالهم حدود الوطن، ففي 9 فبراير توفي الشاعر اللبناني جوزيف حرب الذي تولى رئاسة "اتحاد الكتاب اللبنانيين" من عام 1998 حتى العام 2002. ونال العديد من الجوائز التكريمية منها: جائزة الإبداع الأدبي من مؤسسة الفكر العربي، والجائزة الأولى للأدب اللبناني ، هو صاحب أهم الملاحم الشعرية في تاريخ الشعر العربي المعاصر " شجرة الأكاسيا"، اضافة للعديد من الدواوين باللغة العربية الفصحى والمحكية اللبنانية. عمل حرب في التعليم والمحاماة، وغنت له فيروز العديد من القصائد منها: "لبيروت". شهد العام 2014 أيضاً رحيل الشاعر اللبناني الكبير جورج جرداق، وهو الذى اشتُهِر بقصيدة "هذه ليلتي" التي غنّتها السيدة أم كلثوم. كما رحل الشاعر سعيد عقل الذي لُقّب بالشاعر الصغير، وهو من أبرز وأهم دعاة القومية اللبنانية، وساهم بشكل كبير فى وضع إطار فلسفي لها ولفكرها الأيديولوجي من خلال التركيز على "الخاصية اللبنانية". وفي 18 فبراير. كما غيّب الموت ايضاً المؤلف والكاتب اللبناني أنسي الحاج وهو من روّاد "قصيدة النثر" في الشعر العربي المعاصر.الذي تُرجمت مختارات من قصائده إلى الفرنسية والإنكليزية والألمانية والبرتغالية والأرمنية والفنلندية. وصدرت له أنطولوجيا "الأبد الطيّار" بالفرنسية في باريس وأنطولوجيا أخرى باللغة الألمانية مع الأصول العربية في برلين الشيخ رجب بن مهوس العصماني المالكي: توفي في 24 نوفمبر بمدينة الرياض خياط كسوة الكعبة المشرفة التي كان الشيخ المالكي يخيطها منذ 40 عاماً، وأصبح المسؤول الفني عنها . وكسوة "بيت الله الحرام" هي من الحرير الأسود المنقوش عليه آيات من القرآن تكسى بها الكعبة ويتم تغييرها مرة في السنة وذلك خلال موسم الحج صبيحة يوم عرفة في التاسع من ذو الحجة من كل عام. كما رحل عن بيت الله الحرام في 23 اكتوبر عبدالقادر طه الشيبي وهو كبير سدنة بيت الله الحرام الحالي، عن عمر يناهز 74 عاماً. و"آل شيبة" توارثوا حمل مفاتيح الكعبة المشرفة منذ أكثر من 16 قرنا، وحسب التقاليد القرشية فإن السدانة يتولاها الأكبر سنا في العائلة. وتولى الشيخ عبد القادر بن طه الشيبي سدانة الكعبة عقب وفاة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله الشيبي منذ عام 2010. رضوى عاشور : في 30 نوفمبر غيّب الموت الروائية والناقدة الأدبية المصرية رضوى عاشور التي تميز أدبها بالتحرر الوطني والإنساني، إضافة للرواية التاريخية. نُشرت أعمالها بالعربية والإنجليزية والإسبانية والإيطالية والإندونيسية. كانت عضواً فاعلاً وبارزاً في لجنة الدفاع عن الثقافة القومية. اللجنة الوطنية لمقاومة الصهيونية في الجامعات المصرية. وقد نالت جوائز عديدة منها جائزة أفضل كتاب لعام 1994 عن الجزء الأول من ثلاثية غرناطة، الجائزة الأولى من المعرض الأول لكتاب المرأة العربية عن ثلاثية غرناطة، جائزة قسطنطين كفافيس الدولية للأدب في اليونان. ديسمبر 2009: جائزة تركوينيا كارداريللي في النقد الأدبي من إيطاليا، وجائزة بسكارا بروزو عن الترجمة الإيطالية لرواية أطياف في إيطاليا. بالإضافة إلى هذه الكوكبة من المبدعين رحلت شخصيات أخرى لها إسهاماتها الثقافية، منها الكاتب الصحفي أحمد رجب، والكاتبة فتحية العسال عن عمر يناهز 81 عاماً، وهى كاتبة مصرية قدمت أكثر من 57 مسلسلا تلفزيونيا، و الخطاط والشاعر العراقي محمد سعيد الصكّار عن عمر ناهز الثمانين، كما منيت الأوساط الأدبية السودانية بخسارة الشاعر محجوب شريف وكان يُلقّب ب "شاعر الشعب"، كما فقد الوطن العربي الدكتور حامد عمار أستاذ علوم التربية الذي غيبه الموت عن 93 عاماً، وهو من ساهم في وضع وثيقة إنشاء الصندوق العربي للعمل الاجتماعي التابع لمجلس وزراء الشؤون الاجتماعية العرب في تونس 1982، وأسس المجلس القومي للطفولة والأمومة بمصر 1988، كما كان له دورا كبير في إنشاء قسم الدراسات التربوية في معهد الدراسات والبحوث العربية التابع للمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم 2001. وبصمت مفجع، رحل أيضاً المناضل الإعلامي الأردني أحمد فهد الفاعوري أبو الليث ، الذي قضى سنوات عمره مناضلاً في صفوف الثورة الفلسطينية، مطالباً من خلال برنامجه إبن الشعب و إبن الثورة الذي كان يبث على إذاعة الثورة الفلسطينية بالصمود لتحرير فلسطين حتى آخر رمق. The post رحلوا في 2014 .. وبقيت آثارهم خالدة appeared first on IslamOnline اسلام اون لاين.