ارتفاع الأسهم الأوربية وسط تفاؤل بمصير الفائدة الأمريكية    محافظ مطروح: استقبلنا 3.3 ألف طن قمح بصومعة الحمام    مصدر رفيع المستوى: الوفد المصري يكثف اتصالاته لاحتواء التصعيد بين إسرائيل وحماس    خبير تحكيمي: مستوى البنا في تراجع شديد.. وسموحة يستحق ركلة جزاء أمام الزمالك    بعد مشاركة وسام أساسيا في المباريات السابقة .. هل سيعود محمود كهربا لقيادة هجوم الأهلى أمام الاتحاد السكندري ؟    قبل أولمبياد باريس.. زياد السيسي يتوج بذهبية الجائزة الكبرى ل السلاح    محافظ المنوفية يعلن جاهزية المراكز التكنولوجية لبدء تلقى طلبات التصالح غدا الثلاثاء    محافظ الغربية يتابع استمرار الأعمال بمشروع محطة إنتاج البيض بكفر الشيخ سليم    ارتفاع الأسهم الأوروبية بقيادة قطاع الطاقة وتجدد آمال خفض الفائدة    وزير فلسطيني: مكافحة الفساد مهمة تشاركية لمختلف قطاعات المجتمع    من يعيد عقارب الساعة قبل قصف معبر كرم أبو سالم؟    ماكرون يؤكد ضرورة الحوار الصيني الأوروبي أكثر من أي وقت مضى    التعليم تختتم بطولة الجمهورية للمدارس للألعاب الجماعية    التعليم العالي: تحديث النظام الإلكتروني لترقية أعضاء هيئة التدريس    بالأرقام والتفاصيل.. خطة لتحويل "مناخ" بورسعيد إلى حي أخضر    وزير الرياضة: 7 معسكرات للشباب تستعد للدخول للخدمة قريبا    مواصلة الجهود الأمنية لتحقيق الأمن ومواجهة كافة أشكال الخروج عن القانون    كشف ملابسات مقتل عامل بأحد المطاعم في مدينة نصر    طلاب مدرسة «ابدأ» للذكاء الاصطناعي يرون تجاربهم الناجحة    6 عروض مسرحية مجانية في روض الفرج بالموسم الحالي لقصور الثقافة    «شقو» يحقق 62 مليون جنيه إيرادات في شباك التذاكر    ماجدة الصباحي.. نالت التحية العسكرية بسبب دور «جميلة»    بالفيديو.. مدير متحف الآثار بمكتبة الإسكندرية: شم النسيم عيد مصري بعادات وتقاليد متوارثة منذ آلاف السنين    وفاة شقيق الفنان الراحل محمود ياسين.. ورانيا ياسين تنعيه: مع السلامة عمي الغالي    «المستشفيات التعليمية» تناقش أحدث أساليب زراعة الكلى بالمؤتمر السنوى لمعهد الكلى    استشاري تغذية ينصح بتناول الفسيخ والرنجة لهذه الأسباب    لاعب نهضة بركان: حظوظنا متساوية مع الزمالك.. ولا يجب الاستهانة به    مفاجأة عاجلة.. الأهلي يتفق مع النجم التونسي على الرحيل بنهاية الموسم الجاري    فشل في حمايتنا.. متظاهر يطالب باستقالة نتنياهو خلال مراسم إكليل المحرقة| فيديو    مقتل 6 أشخاص في هجوم بطائرة مسيرة أوكرانية على منطقة بيلجورود الروسية    إزالة 9 حالات تعد على الأراضي الزراعية بمركز سمسطا في بني سويف    فنان العرب في أزمة.. قصة إصابة محمد عبده بمرض السرطان وتلقيه العلاج بفرنسا    بعد نفي علماء الآثار نزول سيدنا موسى في مصر.. هل تتعارض النصوص الدينية مع العلم؟    موعد عيد الأضحى لعام 2024: تحديدات الفلك والأهمية الدينية    إصابة أب ونجله في مشاجرة بالشرقية    انتصار السيسي: عيد شم النسيم يأتي كل عام حاملا البهجة والأمل    ولو بكلمة أو نظرة.. الإفتاء: السخرية من الغير والإيذاء محرّم شرعًا    تعرف على أسعار البيض اليوم الاثنين بشم النسيم (موقع رسمي)    إصابة 7 أشخاص في تصادم سيارتين بأسيوط    كولر يضع اللمسات النهائية على خطة مواجهة الاتحاد السكندرى    مفاضلة بين زيزو وعاشور وعبد المنعم.. من ينضم في القائمة النهائية للأولمبياد من الثلاثي؟    طقس إيداع الخميرة المقدسة للميرون الجديد بدير الأنبا بيشوي |صور    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاثنين 6-5-2024    قصر في الجنة لمن واظب على النوافل.. اعرف شروط الحصول على هذا الجزاء العظيم    هل يجوز قراءة القرآن وترديد الأذكار وأنا نائم أو متكئ    أول تعليق من الأزهر على تشكيل مؤسسة تكوين الفكر العربي    الدخول ب5 جنيه.. استعدادات حديقة الأسماك لاستقبال المواطنين في يوم شم النسيم    نصائح لمرضى الضغط لتناول الأسماك المملحة بأمان    طريقة عمل سلطة الرنجة في شم النسيم    نيويورك تايمز: المفاوضات بين إسرائيل وحماس وصلت إلى طريق مسدود    وزيرة الهجرة: نستعد لإطلاق صندوق الطوارئ للمصريين بالخارج    دقة 50 ميجابيكسل.. فيفو تطلق هاتفها الذكي iQOO Z9 Turbo الجديد    مع قرب اجتياحها.. الاحتلال الإسرائيلي ينشر خريطة إخلاء أحياء رفح    البحوث الفلكية تكشف موعد غرة شهر ذي القعدة    طبيب يكشف عن العادات الضارة أثناء الاحتفال بشم النسيم    تعاون مثمر في مجال المياه الإثنين بين مصر والسودان    استشهاد طفلان وسيدتان جراء قصف إسرائيلي استهدف منزلًا في حي الجنينة شرق رفح    الجمهور يغني أغنية "عمري معاك" مع أنغام خلال حفلها بدبي (صور)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تفضيل العفو عن الحقوق ليس على إطلاقه
نشر في المشهد يوم 22 - 12 - 2014


السؤال:
أمر يحيرني وأريد أن أعرف حكم الشرع فيه، هل الأفضل الحصول على الحق كاملا وعدم التنازل عن أي جزء منه معاقبة لمن أكل بعض الحقوق عن قصد أو بغير قصد مهما أدى ذلك إلى قطع الرحم؟ أم الأفضل التنازل ولو عن بعض الحق حرصا على صلة الرحم وبقاء الود؟ لا أقصد هنا التنازل عن الإرث كاملا وتشجيع المخطئ على خطئه ولكن التنازل أو التغاضي عن بعض الحق، بمعنى ما هو الحد الفاصل بين الحفاظ على الحقوق وردع من يأكلها وبين الحفاظ على الود وصلة الرحم. وسأضرب مثالا يوضح سؤالي، خال زوجي يقيم في منزل العائلة، وهو منزل صغير جدا وجميع إخوته تزوجوا خارج المنزل، فقام بهدم المنزل وبنائه من جديد له ولأولاده، وقام بإعطاء إخوته نصيبهم من المنزل مالا دون أن يستشيرهم في الهدم أو البناء أو قبول المال، فأخذ أخواله وخالاته المال على مضض، ورفض زوجي أخذ نصيبه من إرث أمه رغم أنه مبلغ ضئيل جدا لا يعني شيئا، وبحمد الله لا نحتاج إليه، ولن نستطيع الاستفادة من نصيبه في البيت بأي حال من الأحوال إلا بأخذ قيمته مالا، ولكنه رفض بدعوى أنه يشجع خاله على الخطأ وأنه هكذا أخذه غصبا، وأن المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف، ومن وقتها لا يتكلم معه في الهاتف ولا يزوره خوفا من إثارة الموضوع، في المقابل قلت له: ما استفدت من ذلك غير قطع الرحم وفتح طريق الشيطان للدخول في النفوس، وكان من الممكن أن يقول لخاله: أنا قبلت المال حرصا على الود ولكن ما فعلته كان خطأ. فأرجو توضيح رأي العلماء في ذلك.
الفتوى:
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن العفو عن الحقوق قد جاءت نصوص كثيرة في الحض عليه، وبيان فضله، وقد ذهب بعض العلماء إلى استحباب عفو الشخص عن حقوقه مطلقا، قال ابن تيمية: {الذين ينفقون في السراء والضراء والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين} فذكر: أنه يحب المحسنين والعافين عن الناس. وتبين بهذا أن هذا من الإحسان، والإحسان ضد الإساءة فالكاظم للغيظ والعافي عن الناس قد أحسن إلى نفسه وإلى الناس، فإذا كان المظلوم يستحق عقوبة الظلم ونفسه تدعوه إليه فكف نفسه عن ذلك ودفع عنه أي: عن الظالم ما يدعوه إليه من إضراره فهذا إحسان منه إليه وصدقة عليه، والله تعالى يجزي المتصدقين، ولا يضيع أجر المحسنين . فكيف يسقط أجر العافي؟ وهذا عام في سائر ما للعبد من الحقوق على الناس؛ ولهذا إذا ذكر الله في كتابه حقوق العباد وذكر فيها العدل ندب فيها إلى الإحسان، فإنه سبحانه يأمر بالعدل والإحسان. كما قال تعالى: {وإن كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة وأن تصدقوا خير لكم إن كنتم تعلمون}، فجعل الصدقة على المدين المعسر بإسقاط الدين عنه خيرا للمتصدق من مجرد إنظاره، وقال تعالى: {ومن قتل مؤمنا خطأ فتحرير رقبة مؤمنة ودية مسلمة إلى أهله إلا أن يصدقوا} فسمى إسقاط الدية صدقة، وقال تعالى: {وإن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن وقد فرضتم لهن فريضة فنصف ما فرضتم إلا أن يعفون أو يعفو الذي بيده عقدة النكاح وأن تعفوا أقرب للتقوى} فجعل العفو عن نصف الصداق الواجب على الزوج بالطلاق قبل الدخول أقرب للتقوى من استيفائه، وقال تعالى حكاية عن لقمان أنه قال لابنه: {وأمر بالمعروف وانه عن المنكر واصبر على ما أصابك إن ذلك من عزم الأمور} وقال تعالى: {ولمن انتصر بعد ظلمه فأولئك ما عليهم من سبيل * إنما السبيل على الذين يظلمون الناس ويبغون في الأرض بغير الحق أولئك لهم عذاب أليم * ولمن صبر وغفر إن ذلك لمن عزم الأمور} . فهناك في قول لقمان ذكر الصبر على المصيبة فقال: {إن ذلك من عزم الأمور} وهنا ذكر الصبر والعفو فقال: {إن ذلك لمن عزم الأمور} وذكر ذلك بعد قوله: {ولمن انتصر بعد ظلمه فأولئك ما عليهم من سبيل * إنما السبيل على الذين يظلمون الناس ويبغون في الأرض بغير الحق} فذكر سبحانه الأصناف الثلاثة في باب الظلم الذي يكون بغير اختيار المظلوم؛ وهم: العادل والظالم والمحسن. فالعادل من انتصر بعد ظلمه وهذا جزاؤه أنه ما عليه من سبيل فلم يكن بذلك ممدوحا ولكن لم يكن بذلك مذموما، وذكر الظالم بقوله: {إنما السبيل على الذين يظلمون الناس ويبغون في الأرض بغير الحق} فهؤلاء عليهم السبيل للعقوبة والاقتصاص، وذكر المحسنين فقال: {ولمن صبر وغفر إن ذلك لمن عزم الأمور}، وكما أن من توهم أنه بالعفو يسقط حقه أو ينقص: غالط جاهل ضال؛ بل بالعفو يكون أجره أعظم؛ فكذلك من توهم أنه بالعفو يحصل له ذل ويحصل للظالم عز واستطالة عليه فهو غالط في ذلك. كما ثبت في الصحيح وغيره عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: {ثلاث إن كنت لحالفا عليهن: ما زاد الله عبدا بعفو إلا عزا، وما نقصت صدقة من مال، وما تواضع أحد لله إلا رفعه الله}، فبين الصادق المصدوق: أن الله لا يزيد العبد بالعفو إلا عزا، وأنه لا تنقص صدقة من مال، وأنه ما تواضع أحد لله إلا رفعه الله، وهذا رد لما يظنه من يتبع الظن وما تهوى الأنفس من أن العفو يذله والصدقة تنقص ماله والتواضع يخفضه، وفي الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها قالت: {ما ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم خادما له ولا امرأة ولا دابة ولا شيئا قط إلا أن يجاهد في سبيل الله، ولا نيل منه قط شيء فانتقم لنفسه؛ إلا أن تنتهك محارم الله، فإذا انتهكت محارم الله لم يقم لغضبه شيء حتى ينتقم لله}، وخلق رسول الله صلى الله عليه وسلم القرآن أكمل الأخلاق، وقد كان من خلقه أنه لا ينتقم لنفسه، وإذا انتهكت محارم الله لم يقم لغضبه شيء حتى ينتقم لله، فيعفو عن حقه ويستوفي حق ربه .اه. باختصار .
وإذا كان العفو عن الحقوق مستحب مطلقا فهو للقريب أشد استحبابا، لما في ذلك الصلة، ومصلحة ردع الظالم وزجره قد تحصل بإظهار القدرة على الانتصار منه، والسعي في التمكن منه، ثم العفو عنه بعد القدرة عليه، وهذا هو الظاهر من طريقة السلف، كما بيناه في الفتوى رقم: 255238 .
ويرى بعض العلماء عدم تفضيل العفو عن الحقوق في بعض الأحوال، جاء في كتاب بريقة محمودية: (وإن قدر) على أخذه (فله العفو أيضا) كما إذا لم يقدر (وهذا أفضل من العفو الأول) أي العفو مع العجز وعدم القدرة لعجز ذلك عن الأخذ حالا وأنه أشق على النفس (و) من (الانتصار أي استيفاء حقه من غير زيادة عليه وهو) أي الانتصار (العدل المفضول لكن قد يكون) العدل (أفضل من العفو بعارض) موجب لذلك (مثل كون العفو سببا لتكثير ظلمه) لتوهمه أن عدم الانتقام منه للعجز (و) كون (الانتصار) سببا (لتقليله أو هدمه) إذا كان الحق قصاصا مثلا (أو نحو ذلك) من العوارض مثل كونه عبرة للغير. (وإن زاد) على حقه (فجور وظلم). اه. باختصار .
وقال ابن عثيمين: {والعافين عن الناس} يعني: الذين إذا أساء الناس إليهم عفوا عنهم، فإن من عفا وأصلح فأجره على الله، وقد أطلق الله العفو هنا ولكنه بين قوله تعالى {فمن عفا وأصلح فأجره على الله} أن العفو لا يكون خيرا إلا إذا كان فيه إصلاح، فإذا أساء إليك شخص معروف بالإساءة والتمرد والطغيان على عباد الله فالأفضل ألا تعفو عنه وأن تأخذ بحقك؛ لأنك إذا عفوت ازداد شره أما إذا كان الإنسان الذي أخطأ عليك قليل الخطأ قليل العدوان لكن أمر حصل على سبيل الندرة فهنا الأفضل أن تعفو. اه.
لكن على كل حال: فظلم القريب وتعديه لا يحل قطيعته، ولا يسقط حقه في الصلة، قال صلى الله عليه وسلم: ليس الواصل بالمكافئ، إنما الواصل الذي إذا قطعت رحمه وصلها. أخرجه البخاري . وصلة القريب الظالم موجبة لمعونة الله للواصل، فعن أبي هريرة، أن رجلا قال: يا رسول الله؛ إن لي قرابة أصلهم ويقطعوني، وأحسن إليهم ويسيئون إلي، وأحلم عنهم ويجهلون علي، فقال: «لئن كنت كما قلت فكأنما تسفهم المل، ولا يزال معك من الله ظهير عليهم ما دمت على ذلك. أخرجه مسلم.
فالواجب على زوجك صلة خاله، والكف عن قطيعته، وهو بالخيار بعد ذلك في أخذه حقه منه، أو العفو عنه، والأخذ بالحق ليس من قطيعة الرحم. وانظري للفائدة الفتوى رقم :133912 .
والله أعلم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.