السؤال: واحد يقول: إن حازما كافر، ومن علم بحاله ولم يكفره فهو كافر امتنع عن تكفير الكافر، ومحمد مرسي كافر، ومن علم بحاله ولم يكفره فهو كافر امتنع عن تكفير الكافر، والإخوان اللا مسلمين كفار، ومن لم يكفرهم فهو كافر امتنع عن تكفير الكفار، وكذلك تكفير مشايخ من أمثال الشيخ/ محمد حسان، وغيره، لأنهم لم يكفروهم أو لأسباب أخرى لم أتفهمها منه. ويقول في تكفير حازم ومحمد مرسي؛ لأنهم تحاكموا إلى الطاغوت، ومن تحاكم إلى الطاغوت كفر كفرا أكبر يخرج من الملة، ومن لم يكفر الكفار فهو كافر مثلهم! ما ردكم على كل هذا التكفير؟ وهل كل من ترشح إلى الرئاسة ولو كان فيه غرض نصرة الإسلام وأهله يكفر بذلك؟ وما حكم من لم يكفرهم؟ أرجو ردا واضحا، ودون أن تحيلوني إلى فتاوى أخرى؛ حتى أرد عليه. وجزاكم الله خيرا، ونفع الله بكم الإسلام وأهله. الفتوى: الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد: فالمشاركة في العمل السياسي في ظل الأوضاع القائمة لتحقيق ما يمكن تحقيقه من المصالح الشرعية والمقاصد الدينية مبناها على فقه الموازنة بين المصالح والمفاسد؛ فمتى غلب خيرها على شرها ترجحت المشاركة، ومتى غلب شرها خيرها ترجح الترك، ومرد هذا الأمر إلى أهل العلم في كل بلد، فإنهم أعلم بحال بلادهم. وقد سبق أن أشرنا إلى خلاف المعاصرين من أهل العلم في هذا الموضوع، وبيان ما نراه راجحًا، فراجع في ذلك الفتويين: 18315، 5141. وإذا تبين ذلك؛ فالحكم بالكفر في الصورة المتقدمة على من يشارك في العمل السياسي تأباه أصول الشرع ومدارك العقل، وهو من الإفراط والإجحاف الواضح في قضية من أخطر القضايا وأشدها حساسية، وهي: قضية التكفير، فقد تقرر في الشريعة أن من ثبت إسلامه بيقين، فلا يزول إسلامه بالشك، وأن الأصل بقاء ما كان على ما كان، فلا يكفر المسلم إلا إذا أتى بقول أو بفعل أو اعتقاد دل الكتاب والسنة على كونه كفرًا أكبرَ مخرجًا من ملة الإسلام، أو أجمع العلماء على أنه كفر أكبر. ومع ذلك فلا يحكم بكفر المعين إلا إذا توفرت فيه شروط التكفير، وانتفت عنه موانعه، ومن ذلك أن يكون بالغًا عاقلًا مختارًا غير معذور بجهل أو تأويل، وقد سبق لنا بيان ضوابط التكفير وخطر الكلام فيه، وذلك في الفتوى رقم: 721. وأسوأ من هذا: أن يطبق على من لم يكفره قاعدة: من لم يكفر الكافر فهو كافر! فإن محل هذه القاعدة هو الكفر المعلوم من الدين بالضرورة، فلا يصح ذلك في حال المسلم الذي يقع في عمل من أعمال الكفر بجهل أو شبهة، دون إقامة الحجة عليه، فضلًا عن من اجتهد في اختيار الراجح من قولين معتبرين لأهل العلم. وراجع في ذلك الفتويين: 98395، 53835. ولمزيد الفائدة يمكن الاطلاع على الفتوى: 188289. والله أعلم.