جاء حديث المستشار محمود الرشيدي، قاضي "محاكمة القرن" والتي قضت ببراءة الرئيس المعزول حسني مبارك في "حزمة" من القضايا المختلفة، بادانة فساد نظام مبارك على مدى 36 عاما في حكم مصر نائبا ورئيسيا للبلاد، ليضع الرئيس الحالي عبد الفتاح السيسي في مأزق حقيقي، يحدد من خلاله موقفه من نظام أفسد الحياة العامة بمصر. والرئيس السيسي مُطالب الآن وقبل أي وقت مضى، بأن يحدد انحيازه لثورة 25 يناير وموجتها الثانية في 30 يونيو التي جاءت به للحكم لتنفيذ مطالب شعب أكله الفساد والافساد والهموم ، وثار على نظام سيظل في نظر كل الناس متهما ومجرما في حق هذه الشعب، بغض النظر عن حكم محكمة قضت بالبراءة لرموز منه، إستنادا لعرائض اتهام، أقل ما يُقال عنها انها "تافهة" قياسا على فساد وافساد لنحو 30 عاما قبض خلالها على مفاصل الدولة لصالحه فقط. كلمات القاضي الرشيدي، جاءت واضحة وضوح الشمس، تجاه مبارك وأعوانه، والذي كان همه الرئيسي تجريف الحياة السياسية، وقال نصا "اعترى النظام الحاكم "مبارك" وَهن في سنواته الأخيرة ومسالب كبطء اتخاذ القرار، وفَسق فرع منه، وتهيأ للافتراس على مقاليد الحكم، وقرّب الأتباع، ونضب ضخ دماء جديدة على مقاعد لقيادات تناست عجلة قانون الحياه وتصرمت عزيمتهم للاستحداث، وغُض الطرف عن الموروثات الشرطية التي جعلت الفكر الأمني الخلاق، وتقاتل على ثروات الوطن زمرة من المنتفعين وأصحاب المصالح والمتسلقين مع تزييف الإرادة الشعبية". ورصد القاضي الرشيدي حديثه مفاسد مبارك ونظامه في ،"اندثار التعليم، وإهدار الصحة، وتجريف العقول المستشرقة للغد"، وأوضح قائلا "ما كان يتناسب الولوج لمحاكمة جنائية لرئيس الجمهورية إلا عملا بقوة قانون العقوبات واستبدال الأفعال الخاطئة في نطاق المسؤولية السياسية بالجرائم المشار إليها في منطوق الاتهام". صحيح أن الرئيس بدأ من الساعات الأولى للحكم في عقد الاجتماعات لدراسة التعديلات التي طالب بها القاضي، على قانون الإجراءات الجنائية، "لتُبسط العدالة سلطانها على كافة صور الرشوة للموظف العام أو المتاجر بنفوذ حقيقي أو مزعوم". وصحيح أن المناقشات والاجتماعات شملت العمل على تلبية دعوة القاضي إلى تقديم مزيد من الاهتمام والرعاية لأسر الشهداء والمصابين، من خلال تعظيم الدور الإيجابي للمجلس القومي لرعاية أسر الشهداء ومصابي الثورة ليُفعل بقوة في المرحلة المقبلة ليستظل برعايته كل من كان يُعال ممن قدم أرواحه وينعمون في الجنان أو من المصابين خاصة من أغدق عليه المولى بنعمة الابتلاء". كل هذا إستجابة محمُودة من جانب الرئيس والرئاسة لوصايا القاضي، لكن يبقى الموقف السياسي، في ظل التخوفات التي يتساءل عنها الناس في المدن والقرى والشوارع والأحياء، والحواري، من عودة النظام السابق برموزه السابقة، أو رموز جديدة، ليركب موجة حكم مصر من جديد. الرئيس السيسي أمام مفترق طرق بالفعل، خصوصا أنه رئيس وثق فيه الشعب ووضع فيه كل ثقته، بأنه طوق النجاة من نظام جاء لينفذ أجندة لجماعة أرادت الانفراد بالحكم، وإتخاذ مصر بابا لتنفيذ حلم الخلافة، أو ما شابه ذلك، بعيدا عن مصالح شعب ثار على الظلم من أجل "العيش والحرية والعدالة الاجتماعية". الرئيس السيسي أمام خيار تحديد مسار سياسي من نظام ثار عليه الشعب كل الشعب، بعدما إنفرد بالحكم لذُمرة من المقربين، ورجال الأعمال، وعدد محدود من المقربين من الساسة، والاعلاميين، وأستاذه الجامعة، والمثقفين، وأفسد الديار وتجريفها لافساح الطريق لتوريث مصر لعائلة وعدد من المحيطين بها. الرئيس السيسي والنظام الحاكم مُطالب بأن يغسل أياديه من نظام أفسد حياتنا لسنوات، القضية بحاجة الى كلام واضح وصريح، وليس مجرد تطمينات. المشهد .. لاسقف للحرية المشهد .. لاسقف للحرية