ذكرت مجلة "تايم" الأمريكية اليوم، الجمعة، أن تزايد الضغوط على الرئيس الأمريكى باراك أوباما لاتخاذ موقف حاسم بشأن سوريا يتطلب مقارنة نهجه الحالى فى التعامل مع هذا الملف مع نهجه فى التعامل مع الأزمة الليبية قبل أكثر من عام، وهى المقارنة التى توضح أسباب اختلاف نهجه فى التعامل مع الأزمتين رغم العوامل المشتركة بينهما. وقالت المجلة - فى تقرير أوردته على موقعها على شبكة الإنترنت - إن أوباما شرح فى الخطاب الذى ألقاه فى مارس 2011 دواعى تدخل بلاده العسكرى فى ليبيا، قائلا "إنه لا يزيح بهذا التدخل الستار عن عصر جديد من التدخل فى شئون الدول الأخرى، ذلك أن المعيار الحاكم للتحرك الأمريكى يجب أن يعتمد على التقاء مصالح الولاياتالمتحدةالأمريكية مع ما تؤمن به من قيم، وبالتالى فإن الأمريكيين عليهم أن يضعوا مصالحهم فى الكفة المقابلة لكفة الحاجة للقيام بمثل هذا التحرك". وأضافت أن أوباما أوضح - فى خطابه - الأسباب التى ساعدت الحالة الليبية فى اجتياز اختبار "المصالح مقابل القيم"، قائلا إن ليبيا كانت تواجه خطورة الانزلاق إلى حالة من العنف المروع، وذلك بالنظر إلى المذبحة التى توشك أن تقع فى مدينة بنغازى بحسب وصفه آنذاك، والتى ستلطخ ضمير العالم فى حال حدوثها. مشيرة فى هذا الصدد إلى أن ما سبق يعكس جانب القيم التى دفعت واشنطن للتدخل عسكريا فى ليبيا. أما فيما يتعلق بجانب المصالح، فقد أوضح أوباما أن واشنطن فى الوقت الذى تتمتع فيه بقدرة فريدة على إيقاف العنف هناك ، فضلا عن حصولها على تفويض دولى بالتحرك، ووجود قاعدة من الحلفاء الجاهزين للمشاركة فى العلميات العسكرية. بالإضافة لدعم الدول العربية لهذا التحرك واستجداء الشعب الليبى نفسه، فإنها فى المقابل ستتمكن من سحق قوات الزعيم الليبى الراحل معمر القذافى دون أن يلمس جندى أمريكى واحد الأرض فى ليبيا. وقالت مجلة "تايم" الأمريكية إن أسباب اختلاف نهج الإدارة الأمريكية فى التعامل مع كل من أزمتى ليبيا وسوريا هو أن المعايير ذاتها التى حكمت التدخل العسكرى فى ليبيا لا تنطبق على الحالة السورية ، فعلى الرغم من فظاعة القتل على نحو لا يمكن إنكاره فى سوريا ومقتل ما يقدر حتى الآن بما يزيد عن 13 ألف مواطن سورى إلا إن هذا العدد لا يرقى لعدد سكان مدينة بنغازى البالغ 700 ألف مواطن ليبى حاصرتهم قوات القذافى وكادت أن ترتكب بحقهم مذبحة عشوائية. من جهة أخرى فإن التدخل العسكري فى سوريا سيكون أكثر تعقيدا وأكبر من حيث حجم المخاطرة عنه في ليبيا، ذلك أن سوريا لديها قوات مسلحة ودفاعات جوية أكثر تطورا من تلك التى تمتلكها ليبيا. وذكرت المجلة الأمريكية أنه بالإضافة لما سبق فإن المعارضة السورية أكثر انشقاقا وأقل قدرة على الإنجاز عن الثوار فى ليبيا، كما أن الرئيس السورى بشار الأسد يتمتع بشعبية أكبر من تلك التى كان يتمتع بها القذافى فى وطنه، إضافة لذلك فالمنظمات الدولية كالأممالمتحدة والجامعة العربية لم تطالب بالتدخل فى سوريا، كما أن العلاقات السورية القوية مع كل من روسيا وإيران تطرح تعقيدات استراتيجية لم يكن لها وجود فى الحالة الليبية بالنظر لقلة الأصدقاء الموثوقين لطرابلس وتضاؤل البعد الجيواستراتيجى لها. وأوضحت الصحيفة أن أوباما حاول - فى كلمته بشأن ليبيا العام الماضى - أن يؤكد أن الأخلاق والفضائل وحدها يمكن أن تطغى على أية اعتبارات استراتيجية، قائلا "إن بعض الأمم قد تغض الطرف عن أعمال وحشية ترتكب في دول أخرى، إلا إن الولاياتالمتحدة تختلف عن تلك الأمم بحسب قوله "، موضحا أنه كرئيس للولايات المتحدةالأمريكية يرفض الإنتظار وتضييع الوقت أمام مشاهد المذابح والمقابر الجماعية قبل أن يتحرك لمنعها. وأشارت المجلة إلى أن ما يقوم به أوباما حاليا هو متابعة وفرة من مشاهد المذابح والمقابر الجماعية، والأكثر من ذلك أنه وضع لنفسه حدودًا فى اتخاذ التحرك المناسب بحيث ينحصر هذا التحرك فى الإطاحة بالأسد بالضغوط الدبلوماسية، موضحة أنه بصرف النظر عما يعتقده البعض بشأن ما يجب فعله إزاء سوريا فإنه لا يمكن اعتبار التدخل العسكرى فى سوريا بالأمر ضئيل المخاطر كنظيره فى ليبيا رغم تكرار المشاهد الدموية فى سوريا.