بإعلان القائمة النهائية لمرشحي الرئاسة، ندخل المرحلة الأهم صوب انتزاع السلطة ممن يناور ويراوغ، وربما يخفي في الجراب الكثير. وفي كل الأحوال نحن أمام تشكيلة من المرشحين تضم كل الأطياف بما فيها فلول النظام الساقط، الذين شاركوا بالفعل أو بالصمت في صنع السياسات التي أذاقت المصريين على مدى ثلاثين عامًا الذل والهوان، وأورثتهم الفقر والجهل والمرض. لن يغشنا من تمرغ في أحضان نظام مستبد ولعق نعاله، ثم جاء يحدثنا عن عدم الإقصاء من العمل العام بحجة قدرته على خدمة الوطن، أو خبرته في دهاليز السياسة. فكما نجح المصريون في محاصرة الفلول في انتخابات مجلسي الشعب والشورى، سينجح هذا الشعب في توجيه صفعة إلى من تربوا في حضن نظام مبارك، ونافقوا الرئيس المخلوع حتى آخر يوم في حكمه. الشعب المصري أذكي من أن يتشابه عليه البقر، فهو يدرك بحسه الوطني كل الألاعيب التي تحاك للالتفاف على ثورة لن تتوقف حتى يتحقق شعارها: "العيش والحرية والكرامة الإنسانية"، وفلول النظام الذين سلبوا أبناء هذا الوطن خبزهم اليومي، وحريته وكرامتهم، لن يكونوا بأي حال من الأحوال سوى معول هدم للبناء الجديد الذي نحلم به. أمام كل مصري خمسة مرشحين على الأقل يمثلون تيارات المجتمع الرئيسية، يمكن أن يفاضلوا بينهم، فمن ينتمي إلى التيار الإسلامي ينتظره عبد المنعم أبو الفتوح أو محمد مرسي، ومن يريد توجهًا وطنيًّا عروبيًّا ينحاز إلى البسطاء من هذا الوطن يمكنه التصويت لحمدين صباحي، وأصحاب التوجهات اليسارية ليس أفضل من خالد علي وأبو العز الحريري للتعبير عن طموحاتهم، أما الذين يريدون رجلًا لا ينحاز إلا للوطن فهؤلاء ننصحهم بالمستشار هشام البسطويسي. لكن إياكم والفلول، فمن العار على كل مصري أن يُضحِّي بدماء الشهداء الذين سقطوا لمنحنا الحرية والكرامة الوطنية، فيسلم بسهولة، ويقدِّم بلدنا على طبق من فضة لمن يريدون إعادة إنتاج النظام السابق، ويسعون لبقاء مصر ذليلة في حظيرة الخصيان، ومن جعلوها تطأطئ الرأس أمام القوى الإقليمية والدولية، ونهبًا لحفنة من اللصوص الفاسدين. هل من المنطقي، ألا يحاسب اللص على ما سرقته يداه، وهل من العدل أن يفلت القاتل بجريمته؟ أليس طبيعيًّا أن يدفع الفلول ثمن ما اقترفوا من إفساد للحياة السياسية؟ لماذا لا يريد عمرو موسى وأحمد شفيق تحمل تبعات ما شاركا في صنعه؟ إنني ابتسم كلما شاهدت واستمعت إلى السيد عمرو موسى وهو يدافع باستماتة لإخراجه من دائرة الفلول، لكن ألم يُنفِّذ موسى سياسات مبارك لعشر سنوات، قبل أن يذهب إلى الجامعة العربية التي بقيت خادمة في بلاط أميركا وإسرائيل؟. وفي الأخير: إذا لم تستح فأنت فلٌّ كبير