لو كنت فعلا واحد من الناس اللي كانوا بينزلوا ميدان التحرير كتير أيام الثورة، لازم هاتكون عارف "توتتة". يا إما هتكون اتخانقت معاها مرة، أو هتكون دخلت معاها في حوار عن المجلس العسكري، أو عن أي حاجة ليها علاقة بالثورة. تلاقيها تتكلم معاك عادي جدا وبتركيز ووعي عميق لأكثر القضايا تعقيدًا، وفجاة تلاقيها شتمتك (م الباب للطاق) شتيمة من نوعية: "يا ابن الم....."، أو "ك.. .. ك"، أو .... ورغم كل دا، تعتبر "توتتة" واحدة من ثوار 25 يناير‘بشهادة الكثيرين، شاركت في كل أحداثها وفعالياتها. نقلت جثث ضحايا ومصابين إلى سيارات الإسعاف يوم 25 يناير ويوم جمعة الغضب، وموقعة الجمل، ... الخ. في الحقيقة أن ثورة 25 يناير لم تأت ب "توتتة" إلى ميدان التحرير، ولكن، الثورة هي التي أتت إليها، لأنها كانت -أصلاً- شبه مقيمة بالميدان، أو في الأماكن القريبة منه، إما عند كورنيش النيل أمام ماسبيرو للعمل في المراكب اللي بتعمل رحلات نيلية، أو في الممرات الصغيرة بمنطقة وسط البلد، والتي كانت بمثابة بيتًا للكثيرين من غير ذوي المأوى، وكانت تأوي إليها "توتتة" كثيرًا للنوم والاستراحة. ....... بدأت الثورة، وتطور بيتها من مجرد ممر صغير، ليصبح ميدانًا بأكمله (ميدان التحرير)، الذي هو ليس بأي ميدان، إنما هو واحدًا من أهم ميادين مصر. والذي صار بعد الثورة واحدًا من أهم الميادين في العالم أجمع. .... شاركت "توتتة" في كل أحداث الثورة، وهتفت مع الكثيرين: ثورة ثورة حتى النصر عيش .. حرية .. .... يا جمال قول لابوك ...... أمن الدولة يا أمن الدولة .. ........ ...... جابت كل شبر بميدان التحرير، تهتف ضد النظام، حاملة لجثة شهيد، أو مشاركةً في إسعاف مصاب، ثم تعود آخر الليل إلى الميدان، لتتجاذب أطراف الحديث مع آخرين، تحكي لهم عن عمها الذي استولى على الأرض الزراعية التي كان يمتلكها المرحوم أبوها بإحدى محافظات الوجه البحري، أو تحكي لهم عن جيرانها، قساة القلب بتلك المنطقة العشوائية، والذين طردوها من المنطقة بعد وفاة أمها التي قالوا عنها أنها سيئة السمعة. وفي نهاية الحوار، قد تحتد على أحد المتحاورين معها، ولأنها قليلة الحيلة، تبدأ في التهديد والوعيد لمن تختلف معه بأنها سوف تجلب له أقاربها من تلك المدينة البحرية أو جيرانها (الجدعان) في تلك المنطقة العشوائية. أولئك الذين كانت (منذ دقائق) تشتكي من جورهم عليها ماديًا ومعنويًا وأدبيًا. ..... مرة قابلتها في الميدان، كانت ثائرة، تسب وتشتم واحدًا من البياعين لأنه شتمها وقال لها: (ك.... ك). التف حولها الكثيرون، ليقنعونها بأن عبارة "ك....ك" ليست شتيمة، وقال لها أحدهم: لو حد قال لك "أيد أمك" يا "توتتة" هاتزعلي منه.. طبعا لأ .. لأن أيد امك حتة من جسم الانسان زيها زي "الك.." يا توتتة. ..... وعلى الرغم من أنها كانت منصتة لدرجة تكاد تستشعر منها قرب اقتناعها بوجهة نظرهم، إلا أنها في نهاية الأمر رفضت كل المحاولات لتهدئتها. وفي وسط المجادلات احتد الحوار بينها وبين أحد البياعين فصفعها على وجهها وهرول قبل أن تنال منه، فنسيت الشخص الذي كان قد سبها وقال لها: "ك....ك" وظلت (وهي تبكي بحرقة) تتوعد ذلك الذي صفعها، وهي تردد الجملة التي تلازمها دائما في نهاية كل حوار: "هو كان جوزي عشان يشتمني" "هو كان جوزي عشان يضربني" ... ومدد ومدد ومدد مدد يا سيدنا الميدان .. مدد www.facebook.com/mohsen.r.abubakr