تتضاءل أي كتابات عن أي موضوع مهما علا شأنه و مهما بلغت أهميته ... أمام كارثة جنود السلاح المصري الذين يتساقطون علي أرض الوطن بسلاح عدو أعلن الحرب علينا فعلاً ... و نحن لا نريد أن نعلنها رسمياً بوضوح ... و كل الحزن يملؤني أسأل ... ما الذي يجري في مصر وطني ... ما كل تلك اللامبالاة ... ما كل ذلك التراخي ... نحن نعيش حياتنا المعتادة تسير الأمور فيها علي طبيعتها و كأننا لا نخوض حرباً من أقسي و أبشع أنواع الحروب ... مصر في حالة حرب لكن أكثر القيادات لا تؤمن بذلك ... دماء شهداء الجيش و الشرطة و أبرياء المواطنين في كل شوارع مصر و كأن ذلك أمر عادي جداً ... هو أمر مفزع و الله ... في حربنا ضد "إسرائيل" سنة 1973 ... كان مسرح العمليات العسكرية محدد المساحة معين الموقع هناك علي أرض سيناء و زمن الحرب إنتهي عقب إعلان الهدنة العسكرية بين الطرفين ... أما في حربنا ضد الإرهاب و التي نخوضها كل ساعة من ساعات نهار و ليل كل يوم ... فلا مساحة محددة و لا موقع معين ... المساحة كل أرض مصر و الموقع كل مكان في مصر شارع ميدان حارة حتي المنازل ... و الكارثة أنه أيضاً لا زمن محدد لتلك الحرب ... المصيبة أننا نواجه خصماً يريد تدمير كيان الدولة المصرية في كل مكان ... و مع ذلك فالأمور تسير سيرها الطبيعي و كأن لا شئ يجري علي أرض مصر ... إنتخابات الأهلي و الزمالك تتم في موعدها ... الأفلام السينمائية "علي ودنه" ... برامج الترفيه و التسلية و الرقص و الأغاني و برامج فضائيات الكوارث في توقيتاتها مساء كل يوم ... يقع اللوم كل اللوم علي قيادات الدولة الرسمية التي لم تؤهل الشعب كله لحالة الحرب التي يعيشها فعلياً و عملياً ... و ما سقوط شهداء تلك الحرب يومياً إلا أكبر دليل علي أنها موجودة فعلاً ... في أوقات الحروب تتخذ الدولة من الإجراءات الإستثنائية ما يكفل أن يعيش الوطن كله قيادات و شعب حالة الحرب فعلاً لتنتهي بتحقيق النصر ... قل لي أين نحن من تلك الإجراءات في حرب عرفنا متي بدأت ... لكننا حتي الآن لا نعرف متي تنتهي ... و عليه ... فلا تتعجب أن حربنا ضد إسرائيل كانت "أرحم" ...