إن حب الوطن من الايمان،لعمري إنها قولة عظيمة و مأثورة،عظيمة بمضمونها و مأثورة بقداستها.فعظمة الوطن تتأتى من عظمة شعبه لأن الشعوب تصنع الأوطان و الأمثلة على ذلك كثيرة فلناخذ شعب اليابان، هذا الذي القيت عليه قنبلتان نوويتان قنبلة على هيروشيما و اخرى على ناكازاكي و ما كان لهما من اثر لم تعرف البشرية على وجه البسيطة أكثر بشاعة منها و فتكا و قسوة و تدميرا و خرابا إلى يومنا هذا .فهل انتهت اليابان؟ هل زالت من على وجه الخارطة الجغرافية ؟ حتما لا،لأن شعب اليابان أحب وطنه كحبه للحياة و اعتقد ان بانتهاء اليابان هو نهاية ،فكافح و ناضل من أجل احياء بلده. إن هذا الشعب آمن بأن اليابان ولود و ليست عاقرا و أن أرضها خصبة و ليست قاحلة ،و فعلا فقد أنجبت اليابان نخبة من العلماء و المفكرين الذين علموا و خبروا بأسرار اليابان و أحوالها،فاكتشفوا أن رأسمالها هو عنصرها البشري،فأعتنى به كأحسن ما يكون الإعتناء،فأصبح هذا البلد يعج بأكبر الأدمغة و أرقى الكفاءات في كل الميادين و في نفس الوقت امتنع اليابان عن بيع خبراته و سخرها في خدمة الوطن،فلا غرو أن يحتل هذا البلد ثالث اقوى اقتصاديات العالم و لا عجب أن تتصدر صناعاته المراتب الأولى عالميا ولا غرابة أن يصبح محل اعجاب و اكبار من قبل كافة شعوب العالم. إن هذا الشعب أصبح مثالا يحتذى به ، فهو صاحب الصبر و الصمود،لم يفل من عزيمته بطش الجبابرة أو قنابل الموت،بل بات مدافعا،مستبسلا في العراك و القتال...كان قدره دائما أن يكون شعبا مظفرا أو شهيدا مكرما في سبيل اليابان . لقد نذر نفسه للدفاع عن الوطن و عن الأرض التي أحب. إن قادة اليابان و ساسته تحملوا المسؤولية التي لا بد من تحملها ، فبدأوا بالتركيز على المد العلمي و محاربة التخلف و الجهل بعد أن ألموا بصورة امينة عن أحوال وطنهم فسارعوا إلى صناعة المعرفة و التقدم و التطور فحازوا آثارا قيمة و نتائج باهرة في ذلك. إن شعب اليابان أحب الحياة فتجند و صنع "أسباب الحياة" في حين أن حكومات شعوب كثيرة اخرى صنعت الحرب و صنعت الموت و الدمار. إن تغيير الحال ليس من المحال، فاليابان كانت بالأمس كسيحة مهزومة و باتت اليوم منتصرة،مرفوعة الرأس، مصونة القدر، مهابة بين الأمم. إن التاريخ كان نافعا لليابانيين فقد حرر عقولهم و جعلهم يستحضرون المواعظ العبر من فترات الازمات و ينخرطون في الحياة بالحركة و بالفعل فقطعوا مع الصمت و سياسة الخنوع. انه ليس بعزيز اليوم على شعوب الربيع العربي و في مقدمتها الشعب المصري صاحب أعرق حضارة في التاريخ و أول تجمع انساني على وجه الارض ان تحذو حذو الشعب الياباني و تتطبع بطباعه الخلاقة و تتأدب بادابه مستفيدة من التاريخ و من أخطاء الماضي و من إعمال العقل فتنسج على منواله و تعتمد على أنفسها و تتخلص من التقهقر التشاؤمي و من غباوة الاعتماد على الاخرين لحل مشاكلها و تحقيق نهضتها. سئل ابن المقفع꞉ "من أدبك؟ فقال ꞉"أدبت نفسي،إذا رايت من غيري حسنا أتيته ،و اذا رأيت قبحا أبيته" و قال انا كساغوراس꞉ "العقل يحكم العالم".