إذا كنت من هؤلاء الذين أصيبوا بإحباط جرَّاء الجرائم التي تُرتَكب، على مسرح السياسة، فلا تستسلم ليأسك، وفَتِّش خلف الستائر عن سلوى تردك إلى أحلامك، وتلهمك الثقة في أن القادم أحلى. لا تقف بنظرك عند مسرح المؤامرات التي تتم بين جماعات الطمع السياسي، فوراء ذلك فضاء فسيح تملأه أجيال من الثوار القادرين على كسر الأبواب وطرد الممثلين وإنهاء العرض الماسخ، تمهيدًا لإطلاق شرارة جديدة لثورة أروع وأجمل من تلك التي كُسِرت على مذبح العسكر الكاذبين. وبالمثل؛ لا تسلم أذنيك لأحاديث التخويف التي تحاصرك من كل اتجاه لتحولك إلى كائن مرتعش، فهناك في الساحة أصوات شريفة رائعة.. يكفيك أن تتابع يسري فودة وعبدالرحمن يوسف وقبلهما القدير حمدي قنديل، لتعرف أن البلابل ستبقى على أغصانها، تشدو لشعبها بصادق الكلم وأعذبه.. وإن شاهدت ثوريًا نبيلًا كزياد العليمي يُعرَّض به على الشاشات وأوراق الصحف، وسياسيًا شريفًا كالدكتور محمد البرادعي يتعرض لحملة تشويه يقودها شياطين الكتابة، لا تتصور أن ذلك نهاية المطاف، فقد مسَّ الشرفاء – على مرِّ التاريح – قرحٌ كهذا، لكنهم عادوا – بالصبر والاحتمال – ليرفعوا الراية، ويصبحوا رموزًا لثورات شعوبهم، بينما صُفِّدت الشياطين، وصار ذكرها مجرد هامش في سجل الحياة. طبعًا؛ لن يتوقف الشياطين عن لعبة الادعاء الأثيرة لديهم، وسيسعون - بكل ما لديهم من حيل – إلى إقناعك بأنهم أبناء الثورة وحماتها، وستسمع منهم خطبًا عنترية عن "نضالاتهم العظيمة" في مواجهة المستبد المُطَاح، لكن عليك أن تثق في أن التاريخ لن ينتبه لذلك كله، وستبقى صفحاته مفتوحة فقط للذين قالوا كلمة الحق في وجه السلطان الظالم، يوم كان رابضًا في قصره يتلقى التهاني والمناشدات.. والتوسلات. و إذا رأيت فيض دمع يسيل من عين أم شهيد يئست من أكاذيب العسكر وحلفائهم الإسلاميين، فلا تظن أن الدمع آخر سطور الملحمة، فهناك في الشوارع والميادين رفاق لذات الفقيد مازالوا يهتفون لروحه، ويجهزون لثأر مدوٍ، حالفين بألا عودة للبيوت إلا بعد أن تصل الثورة إلى هدفها المنشود؛ وطن عظيم يحمي أبناءه، ولا يقتلهم، يحترم أمهات أبطاله، ولا يهينهم، يقتص لشهدائه، ولا ينساهم.. تأكد أن كل نقطة دم أُسيلت في ميدان أو على عشب ملعب، ستُنبت وردًا جميلًا سيملأ ساحات الوطن بالأمل. وأعلم أن روح أصغر شهيد ستبقى مصدر إلهام لأجيال وأجيال، بينما سيدخل الذين رضوا بالمناصب والمقاعد في زمالة أبدية مع من باعوا شباب دنشواي للمحتل الإنجليزي قبل أكثر من 100 عام..