صرحت منظمة العفو الدولية إن عشرات الآلاف من ضحايا أسوأ كارثة صناعية في تاريخ الهند لا يزالون بانتظار تحقيق العدالة، وما زالت المرأة تعاني بشكل أكبر وغير متناسب مقارنة بغيرها من الضحايا، وذلك عقب مرور 29 عاماً على كارثة تسرب الغاز من معمل شركة يونيون كاربايد في بوبال عام 1985. وتسبب تسرب الغاز الذي وقع في مثل هذا اليوم قبل 29 عاماً انفجار في شركة الكيمياويات “يونيون كاربيد”، مما أدي الي مقتل 2000 من المواطنين الهنود وإصابة 200000 آخرين في حادثة بوبال أكبر الكوارث الصناعية في العالم من حيث عدد الضحايا في غضون الأيام الثلاثة الأولى التي أعقبت وقوع الكارثة. ويُعتقد أن 15 ألفاً آخرين قد قضوا نحبهم في السنوات التي تلت الحادثة، فيما يعاني عشرات الآلاف غيرهم من مشاكل صحية خطيرة جراء ذلك. ويُذكر أن شركة داو للكيماويات قد قامت بالاستحواذ على يونيو كاربايد في العام 2001. وفي معرض تعليقها على الموضوع، قالت مديرة برنامج النوع الاجتماعي بمنظمة العفو الدولية، مادهو مالهوترا: "إن انتظار 29عاماً لهي فترة طويلة جداً من أجل تحقيق العدالة. ويتعين بعد كل تلك الفترة على الحكومة الهندية وشركة داو أن تقوما بتعويض الضحايا بشكل مناسب، كما يجدر بالسلطات الهندية أن تقاضي المسؤولين عن وقوع الكارثة". وعانت النساء في بهوبال على نحو غير متناسب وأكثر من غيرهن من ضحايا كارثة تسرب الغاز. فلقد عانت الكثيرات من العواقب الصحية، بما في ذلك إصابتهن باضطرابات صحية تتعلق بالصحة الإنجابية، وأمراض النسائية والتوليد. إذ بلغ اعتلال صحة الرجال جراء الكارثة مبلغاً أقعدهم عن العمل، فاضطُرت العديد من النساء إلى السعي وراء كسب لقمة العيش للأسرة، مع قيامهن في الوقت نفسه بتوفير الرعاية الصحية للمرضى من أفراد الأسرة. وفي معرض وصفها للأوضاع، قالت إحدى الناجيات من كارثة تسرب الغاز في بهوبال، الناشطة رامبياري باي: "ليلة وقوع كارثة تسرب الغاز، جاء المخاض على حين غرة زوجة ابني الحامل. فقمنا بنقلها إلى المستشفى، حيث بادر المعنيون هناك إلى حقنها بحقنة، بيد أنها لم تلبث أن لفظت آخر أنفاسها". ومع ذلك، فتجد النساء في مقدمة صفوف المناضلين والمناضلات من أجل تحقيق العدالة. وتطالب جماعات الناشطين والناشطات المحلية الحكومة بتدفع التعويضات المناسبة للضحايا، وأن تبادر إلى توفير الرعاية الصحية لأولئك الذين لا يزالون يعانون تبعات الكارثة. وقالت الناشطة في "مجموعة بهوبال للمعلومات والتحرك"، راشنا دهينغرا: "نحن نناضل من أجل إقرار يونيون كاربايد بمسؤوليتها القانونية عن الكارثة، سواء أكان ذلك الإقرار في الولاياتالمتحدة أم في الهند. فالناس هنا يؤمنون بأهمية إحقاق العدل تماماً كما يعتقدون بأهمية حصول الضحايا على التعويضات". وحتى الساعة، فلمّا يتم بعد فتح تحقيق شامل في التبعات والآثار الصحية التي لحقت بحياة الناس جراء الكارثة. وبحسب ما أفاد به الناشطون والناشطات، فثمة حوالي 150 ألفاً يعانون من أمراض مزمنة بالرئتين أو الكبد. ولا زالت بقايا المنشأة الصناعية المهجورة التي كانت تعود ملكيتها ليونيون كاربايد جاثمة وسط بهوبال، وتحتوي بداخلها أكثر من 350 طن من النفايات السامة غير المعالجة. ولا يزال حوالي 40 ألفاً يقطنون بجوار موقع المصنع، ولقد تعرضوا لأضرار النفايات السامة طيلة تلك السنوات. وتضيف حازرا باي من المنظمة غير الحكومية المحلية (تجمع النساء المتضررات من حادثة تسرب الغاز من مصنع يونيون كاربايد) القول: "عقب مرور 29 عاماً على الكارثة، فلقد أضحت أوضاع الضحايا، ومن جوانب عدة، أكثر سوءاً مما كانت عليه صبيحة يوم الكارثة. ويشكل الفقراء والنساء بشكل رئيسي جُلّ من يعانون من تبعات تلك الكارثة". وفي هذا المقام، تحث منظمة العفو الدولية حكومة الهند وشركة داو على أن تبادرا فوراً إلى تنظيف موقع تسرب الغاز. وفي عام 1989، أعلنت المحكمة العليا في الهند عن التوصل إلى تسوية بين الحكومة الهندية وشركة يونيون كاربايد، ولكن دون التشاور مع الناجين من ضحايا الكارثة. وبموجب تلك التسوية، فلقد جرت مطالبة يونيون كاربايد بدفع مبلغ قوامه 470 مليون دولار أمريكي كتعويضات، بيد أنه لم يتم توزيع كامل هذا المبلغ الضئيل أصلاً على الضحايا كافة. ويُذكر بأن شركة داو للكيماويات لطالما دأبت على التنصل من أية مسؤولية لها عن التبعات القانونية المترتبة على سلفها "يونيون كاربايد" في بهوبال. وفي أغسطس عام 2012، قضت المحكمة العليا في الهند بمنح صلاحيات أوسع للجنة المعنية بمراقبة عملية إعادة تأهيل ضحايا كارثة تسرب الغاز. ويقول الناشطون أنه يحدوهم الأمل بأن يقود ذلك القرار إلى توفير رعاية صحية أفضل للمتضررين من الكارثة. واختتمت مالهوترا تعليقها قائلةً: "لقد كان قرار المحكمة قراراً إيجابياً، ويتعين تنفيذه على الفور. وإن الطريقة الوحيدة التي يمكن من خلالها لشركتي يونيون كاربايد، وداو طي صفحة مأساة بهوبال تكمن في التعاون مع المجتمعات المتضررة والحكومة الهندية بغية التصدي بشكل كامل وفعال للتبعات الحقوقية الناجمة عن الكارثة