قالت صحيفة (نيويورك تايمز) الأمريكية إن كارثة تسرب المواد الإشعاعية التي تعرضت لها اليابان في أعقاب الزلزال المدمر وما تبعه من موجات المد العاتية (تسونامي) في الحادي عشر من مارس الماضي؛ دفعتها لإغلاق 52 من أصل 54 مفاعلا تجاريا، كما أنها تدرس تعطيل المفاعل الوحيد العامل لديها حاليا بحلول أبريل المقبل، ولم تحدد طوكيو مع ذلك موعدا لإعادة تشغيل تلك المفاعلات. وتابعت الصحيفة - في تقرير أوردته على موقعها الإلكتروني - أن اليابان التي برزت كإحدى الدول الرائدة على مستوى العالم في مجال الطاقة النووية قد تخلت في أعقاب الكارثة الطبيعية التي تعرضت لها العام الماضي عن تلك الطاقة التي ساعدتها في وقت من الأوقات على توليد ثلث ما تحتاج إليه من كهرباء. وأشارت الصحيفة الأمريكية في هذا الصدد إلى تصريح رئيس الوزراء الياباني يوشيهيكو نودا الذي طالب فيه بإعادة تشغيل المفاعلات في أقرب وقت ممكن بالنظر إلى قلة البدائل المتاحة لتوليد الطاقة، موضحا أنه يؤيد فكرة التخلص التدريجي من استخدام الطاقة النووية خلال عدة عقود، ومؤكدا أن إعادة تشغيل المفاعلات لن يحدث دون موافقة قادة المجتمع المحلي. وأوضحت الصحيفة أن اليابان نجحت إلى حد بعيد في تجنب قصور الطاقة بفضل برنامج التحفظ الجذري والذي تضمن إغلاق نظم تكييف الهواء خلال الصيف وأضواء المكاتب والشركات خلال النهار، كما زادت من توليد الطاقة عبر المصانع التقليدية التي تستخدم الغاز الطبيعي باهظ الثمن وغيره من أشكال الوقود المتحجر في بلد مرتبك أساسا نتيجة اعتماده على مصادر أجنبية للطاقة. وأوضحت صحيفة (نيويورك تايمز) أن توقف اليابان عن استخدام الطاقة النووية تسبب في مشكلة لها على صعيد مختلف، حيث أرجع الاقتصاديون العجز التجاري السنوي الأول في اليابان منذ أكثر من ثلاثة عقود إلى ارتفاع أسعار الطاقة، وقد أدى هذا العجز بدوره إلى إضعاف الين، كما رفع من سقف المخاوف بشأن اقتصاد البلاد المعتمد أساسا على التصدير. وعلى صعيد قصور الطاقة.. ستواجه اليابان - كما رجحت الصحيفة الأمريكية - أزمة جديدة مع حلول صيف العام الجاري بالنظر إلى أن 19 مفاعلا كانت قيد العمل في الصيف الماضى، بينما لن يوجد أي مفاعل نووي عامل في البلاد خلال الصيف المقبل. وقالت الصحيفة إن المواجهة التي شهدتها اليابان خلال العام الماضي بشأن الطاقة النووية قد أوضحت مدى انعكاس صدمة حادثة "فوكوشيما" على تغيير السلوكيات في البلاد التي لطالما روجت للاستخدام السلمي للطاقة النووية، ودللت على ذلك بوصف خبراء السياسة والطاقة اليابانيين للكارثة بأنها أدت إلى فقدان اليابانيين ثقتهم ليس فقط في التكنولوجيا النووية اليابانية "المتبجحة" بل في الحكومة اليابانية ذاتها والتي اتهمها الكثيرون بالسماح لمثل هذا الكارثة النووية أن تحدث. من جانبها.. سعت الحكومة اليابانية إلى احتواء مخاوف المجتمعات المحلية بتوجيهها الطلب للشركات المشغلة للمفاعلات النووية بإجراء ما أطلقت عليها "اختبارات الضغط"، وهي محاكاة مصممة إلكترونيا على أجهزة الحاسب الآلي لتوضيح قدرة المفاعل على الصمود في حال التعرض لكوارث طبيعية ضخمة مثل الزلزال بقوة 9 درجات على مقياس ريختر وموجات تسونامي التي ألحقت الضرر بمحطة فوكوشيما دايتشي، والتي تسببت في انصهار ثلاثة من مفاعلاته بعد تعطل أنظمة التبريد بها، غير أن بعض القادة المحليين يرون أن "اختبارات الضغط" ليست كافية، كما تمسكوا بأن تقدم الحكومة اليابانية إثباتات إضافية لتعلمها الدرس من حادثة فوكوشيما. واختتمت نيويورك تايمز تقريرها بالقول "إن اليابان - في كل الأحوال - تسير بالفعل على طريق التعافي من آثار كارثة الزلزال المدمر وموجات تسونامي التي أسفرت عن قتل 19 ألف مواطن، حيث قامت بنزح ملايين الأطنان من المخلفات في المدن المطلة على الساحل الشمالي الشرقي وبدأت في إعادة إعمارها، لكنها في الوقت نفسه تتعافى بشكل أكثر بطئا من الحادثة النووية التي نتجت عن الكارثة الطبيعية.