استكمالا لما بدأناه في الحلقة الماضية بشأن الدور الذي لعبه حسن يونس في تدمير البنية الأساسية للقطاع النووي نتناول في هذه الحلقة أبعاد جديدة تتعلق بهذا الدور نشير من خلاله إلى أنه بعد أن وقعت الحادثة الخامسة للمفاعل الروسي في 25 مايو 2011 مع سبق الإصرار والتعمد وبالمخالفة لتحذيرات الأمان النووي،بل وصرخاته لكل مسئول في مصر ضد كتيبة الأفاقين والجهلة والمرتزقة التي تهدف تدمير مصر، بعد تلك الحادثة، وفي إطار المناخ الثوري السائد وأجواء التطهير بعد 25 يناير 2011، بدأ ترديد نغمة جديد وركيكة باتهام أن من يفضح أعمالهم التخريبية المتعمدة لتدمير المفاعلات ويكشف جهلهم وفجورهم بأنه ليس وطنياً، وكأن الوطنية في عرفهم هي التستر على أعمال التخريب والتدمير المتعمد، وكأن الوطنية – لديهم- هي السكوت عن أعمال النهب والسلب، وتسهيل استيلاء الشركات العميلة والصديقة والعائلية على المال العام، والتدمير العمدي المتواصل لمقدرات المشروع النووي. وكادت أن تكشفت أكاذيبهم بمعرفة عزرائيل بعد أن بدأ يقبض أرواح من تعرضوا للإشعاع النووي داخل صالة المفاعل لحادثة التسريب والتلوث الإشعاعي التي كانوا قد تصدوا لها بثقافة الإنكار، والذي وصل درجة استصدار بيان من مجلس وزراء شرف بالنفي التام !!؟. بينما وصلت الوفيات بالسرطان في مفاعل انشاص إلى 48 عاملاً !!؟ (طبقا لما ورد بجريدة الدستور- عدد 1570-13 يناير 2012- ص1). وهاهي الضربة الأخيرة في معاول الهدم والتخريب تتجلى في التآمر والتواطؤ على تدمير موقع الضبعة وتسهيل استيلاء فلول رجال أعمال حزب النهب المنحل على الموقع، ومحاولة إلصاق الاتهام بأهالي الضبعة أصحاب الأراضي السليبة، وكأنها محاولة ركيكة ومتكررة من مهازل الطرف الثالث الذي يظهر فجأة عندما تكون هناك مطالب مشروعة واعتصام سلمي، وبالمصادفة يتم ليلة ظهور الطرف الثالث سحب الحراسة الأمنية من على الموقع !! علاوة على ترك خزائن بها مصادر إشعاعية خطيرة (طبقاً لعدة تصريحات صحفية للمتحدث الإعلامي ليونس)، ويتم تفجير وتدمير وحرق كافة معدات ومنشآت الموقع !! فلماذا الآن وأهالي الضبعة معتصمون حول الموقع منذ عدة شهور، هل كان التدمير الشامل مقصود في حد ذاته لإخفاء حقيقة وقيمة ما تم صرفه على تجهيز الموقع؟ في ضوء إعلان النيابة أن الخسائر تقدر ب 13 مليون بينما مسئولو المحطات، وعلى رأسهم الوزير حسن يونس بصفته رئيساً لمجلس إدارة هيئة المحطات النووية، يعلنون أن الخسائر مليار جنيه، وهي حجم الاستثمارات التي تم إنفاقها على تجهيز الموقع. تساؤل يطرح نفسه بقوة أين ذهب الفرق بين المليار المزعومة وبين ال 13 مليون تقديرات النيابة؟ والأخطر من ذلك ما تم نشره في صحيفة حكومية (أخبار اليوم-العدد 3508–بتاريخ 28 يناير 2012- ص13) من اتهامات صريحة لمسئولي المحطات باصطناع مستندات مالية بمئات الملايين بإنشاءات ومبان وتجهيزات موجودة من الأصل ومملوكة لأصحاب الأرض من أهالي الضبعة، ولم نسمع أي تكذيب أو رد من المعلق في رقبتهم هذا الاتهام الخطير، الذي لو صدق لكان التواطؤ لتفجير الموقع يهدف في الأساس إلى إخفاء جسم الجريمة !! وإلصاق الاتهام بأهالي الضبعة، ويستشهد المحرر، صابر شوكت، بتصريحات د. ياسين إبراهيم، الرئيس التنفيذي، خلال زيارة وفد صحفي لموقع الضبعة عام 2009 بحكاية قرض المليار جنيه !! والمصروف بأكمله على الموقع. والموضوع في غاية الخطورة وليس مجرد اختفاء مليار جنيه في ظروف غامضة، بل الأخطر التواطؤ بتدمير ونسف الموقع لإخفاء معالم المليار جنيه المزعومة، وفي توقيت مريب يؤكد حتمية رحيل يونس خلال أسابيع أو شهور معدودة، وضرورة إزالة شواهد مادية على إهدار المليارات. والأمر يحتاج لمحاكمة عاجلة لحسن يونس بصفتيه كرئيس لمجلس إدارة المحطات، علاوة على كونه الوزير المسئول عن مخالفات تابعية (وهما يونس نفسه وتابعه ياسين إبراهيم كرئيس تنفيذي). وأتصور أنه لو صدقت الإرادة، وظهر الضوء الأخضر من صاحب القرار لكشف لنا النائب العام والكسب غير المشروع (وكافة الأجهزة الرقابية المكبلة بالتوجيهات) أين اختفى المليار، بل وشقيقاته من عشرات المليارات التي ضلت طريقها إلى المشروع النووي. ولا نجد في الختام سوى واقعة حقيقية ربما تفسر لنا هذه الأوضاع الشاذة المستمرة في الهيئات النووية: أنه بعد سقوط الاتحاد السوفيتي اكتشف وجود عميل للمخابرات الأمريكية على قمة السلطة في الاتحاد المنهار، ولما سئل كيف لم يكشف أمره طوال تلك السنوات، قال بأنه قابل مَنْ جَنَّده لمرة واحدة، وتلقى منه توجيهاً واحداً لا غير، أنه عندما يكون في موقع السلطة فليختر دائماً الأجهل والأفسد والأسوأ، ونفَّذ تلك التعليمات بحذافيرها في رحلة صعوده للقمة حتى تحول قمة الهرم القيادي للاتحاد السوفيتي إلى مجموعة من المرتزقة الجهلة واللصوص وناهبي المال العام والباطشين بالحديد والنار بمن يتصدى لهم. وهكذا انهار الاتحاد السوفيتي، وبعدها بسنوات طويلة انهارت منظومة ومملكة مبارك.. وهكذا أيضاً يفعل يونس منذ عشر سنوات –وحتى الآن- بهدوء وبرود وبخطوات منظمة ومتتالية، وها هو فعلاً قد أوشك على النجاح في إنجاز مهمته التخريبية. وأن كان الشيء الوحيد المستعصي على الفهم لماذا يحظى حسن يونس بحماية عسكرية تصر على استمراره في منصبه بعد ثورة 25 يناير، على الرغم من كونه أبرز رموز نظام مبارك، وعراب التوريث بالبرنامج النووي، وعلى الرغم من إجماع العمومية الطارئة لنادي أعضاء هيئة العلميين بالطاقة الذرية على ضرورة فصل تبعية هيئة الطاقة الذرية عن وزارة يونس وعودتها إلى رئاسة الجمهورية وضرورة اختيار كافة القيادات بالانتخاب الحر، وعلى الرغم من رفض جموع العاملين بالقطاع النووي والكهرباء لاستمراره بل والمطالبة المتكررة بضرورة محاكمته، وعلى الرغم من كل هذا التخريب والتدمير وإهدار عشرات المليارات (بتقارير جهاز المحاسبات) والفشل الذريع في تأمين وضمان احتياجات المواطنين من الكهرباء،بل وانهيار محطات التوليد لعيوب في المواصفات، بل وانهيار المشروع القومي لطاقة الرياح لعيوب خطيرة في التصميم والإنشاء بما يتجاوز ال 100 مليون دولار، وعلى الرغم من استمرار مسلسل التوريث في القطاع لابنه ولأبناء كبار معاونيه، وتفشي ظاهرة اقتناء القصور والفيلات بعشرات الملايين ليونس ومعاونيه ومعظم قياداته بالرغم من تقاضيهم لعدة آلاف كمرتبات قانونية. وعلى الرغم من استمرار سيادة وسيطرة منظومة الجهل الفني والفساد المالي والبلطجة الإدارية والقانونية طوال سنوات يونس على سدة السلطة في قطاع الكهرباء والطاقة. بحيث أصبح يطلق عليها الآن وزارة يونس ل"الجهل والفساد والبلطجة" الكهرباء والطاقة سابقاً. فهل يجيب المجلس العسكري عن هذا التساؤل الآن.. أم ننتظر الإجابة بعد 30 يونيو 2012؟ ------------------