استمعت محكمة جنايات القاهرة، المنعقدة بأكاديمية الشرطة برئاسة المستشار محمود كامل الرشيدي، إلى مرافعة المحامي "عصام البطاوي"، دفاع حبيب العادلي، في قضية محاكمة الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك ونجليه علاء وجمال مبارك، ووزير داخليته اللواء حبيب العادلي، و6 من مساعديه السابقين في قضية "القرن"، وذلك لاتهامهم بقتل المتظاهرين السلميين خلال أحداث ثورة 25 يناير، والإضرار بالمال العام من خلال تصدير الغاز لإسرائيل. بدأت وقائع الجلسة في الحادية عشرة صباحا بعد إدخال المتهمين جميعا المحبوسين والمخلى سبيلهم إلى قفص الاتهام لتبدأ المحكمة بعدها في سماع مرافعة المتهم الخامس حبيب إبراهيم العادلي وزير الداخلية الأسبق إبان ثورة 25 يناير. وسجّل عصام البطاوي، المحامي، في بداية الجلسة اعتراضه الشديد على القفص الزجاجي، لأنه يمنع التواصل بين المتهمين داخل القفص، ويسجل مانعا بين المتهمين وسماع ما يجري في الجلسة، حيث إن عدم التواصل منع المتهمين من سماع بعض الشهود. وتساءل البطاوي ما الفرق بين الثورة والفوضى، والفوضى هي كلمة لو نجحت فهي ثورة، ولو فشلت كانت فوضى، فلو نجحت تحاكم القيادة السياسية ولو فشلت يحاكم من قام بها بتهمة الخيانة. وتساءل البطاوي حول عما إذا كان قرار رئيس الجمهورية ووزير الداخلية بمنع الضباط اصطحاب السلاح والذخيرة كان السبب في قتل الأبرياء من قبل عناصر مسلحة. وأكد، في بداية مرافعته، ثقته الكاملة في عدالة المحكمة، وأن العقل والمنطق لا يصدقان أن الرئيس مبارك ووزير داخليته العادلي متهمان بالاشتراك والمساعدة، ومعهم من خدموا الأمن لأكثر من 50 عاما، وتساءل: من منا وضع نفسه مكان القيادة السياسية قبل وفي أثناء وبعد الأحداث، وأوضح أن القيادة السياسية لو كان لديها معلومات بشأن طبيعة المظاهرات لم تكن حدثت الواقعة، وتساءل هل البلد في عصر مبارك والعادلي كانت خرابة أو فساد اسألوا الشعب الآن؟ فهو الذي يجيب الآن وإذا قلنا لماذا قامت الثورة، فسأقول فهل هذه ثورة قام بها الشعب أم ثورة صنعت له؟ وأشار البطاوي إلى أن هنالك مؤامرات على مصر، ولكن هناك معلومات لا يفصح عنها من أجل أمن البلاد، وهذا ما قام به المتهم الخامس العادلي من عدم الفصاح عن معلومات تمس الدولة، وإن أفصح عنها لأصبحت مصر معرضة للخطر. موضحا أننا الآن نرى من قام بالثورة ظهروا وأصبحوا خونة عملاء كانوا يريدون قلب نظام الحكم. وتساءل البطاوي هل وزارة الداخلية وحدها مسئولة عن الأمن أم هنالك جهات سيادية أخرى مسئولة عن الأمن، وهل أبلغ وزير الداخلية رئيس الجمهورية عن الأوضاع الأمنية والقرارات التي اتخذت، وأكد أن القضايا التي اتخذت كانت ملفقة وجاءت للانتقام من النظام الأسبق، مضيفا أن قطع الاتصالات والنتائج المترتبة عليه ودور وزير الداخلية فيما يجري من أحداث، وخرج علينا المرحوم عمر سليمان بأنه قرر الحد من الاتصالات في مناطق معينة، فلم يكن قرارا من العادلي، لكن القرار بلجنة مشكلة من رئيس الجمهورية، وهو قرار لجنه أمن قومي. وتساءل البطاوي عن الإجراءات الأمنية المبذولة لحماية المتظاهرين في أثناء الثورة، فهذا ما قام به وزير الداخلية بإعطاء أوامر لمرؤوسيه، فهل في ظل الظروف الأمنية يتم تنفيذها، وهل كان في إمكان وزير الداخلية إيقاف ما يحدث؟ وأشار البطاوي، أمام المحكمة، أن دور وزارة الداخلية بعد قرار رئيس الجمهورية بنزول الجيش لتأمين التظاهرات، وهل قرار الرئيس بنزول الجيش منع التظاهرات أو الحد من القتل والخراب؟ وتساءل أيضا ما دور أمن الدولة في الأحداث التي وقعت في 28 يناير من التعدي على أقسام الشرطة والسجون، مضيفا أن دور الوزير بالدستور في المادة 157 أن الوزير هو الرئيس الإداري الأعلى لإدارته، ويتولى رسم الإدارة في حدود السياسة العامة للدولة وتنفيذها، فهي مسئولية إدارية ولذا هو ليس مسئولا عن القيام بنفسه بإجراءات والتي تكون من اختصاص المسئول عن القطاعات المختلفة بالوزارة. فهل الوزير مسئول عن المعلومات في شأن العصابات أو أي أحداث إجرامية أو غيرها، ورد البطاوي إنه يكون في حالة حدوث تداعيات أمنية فالوزير يثق في أي جهة أو أي مسئول بوزارته، ولا يجوز أن يكون الوزير موضع سؤال، فهنالك بعض الأخطاء الفردية التي يرتكبها مرؤوسيه ولا يحاسب عليها الوزير. وأكد البطاوي أن العادلي منذ توليه في 17 نوفمبر 1997 خدم في مجال الأمن أكثر من ثلثي عمرة ولم يشبه أي تقصير أو شائبة، بل خدم أمن مصر وحماها، وجميعنا يعلم الآن من هو حبيب العادلي، وسرد تاريخ الإرهاب في مصر قائلًا، لقد كنا نستيقظ كل يوم على حادث إرهابي، يقتل فيه الأبرياء بدءا من قتل الرئيس السادات والكاتب الصحفي فرج فودة، ورفعت المحجوب رئيس مجلس شعب أسبق، ومحاولة اغتيال الكاتب نجيب محفوظ، ورئيس الوزراء الأسبق عاطف صدقي، وقتل الأطفال الأبرياء أمام مدارسهم، وكانت هناك محاولات لاغتيال وزراء داخلية أمثال حسن أبو باشا وحسن الألفي غيرهم، بل إنه كانت هناك محاولة لاغتيال مبارك نفسه في بورسعيد، ثم حادث الأقصر الإرهابي، الأمر الذي كان له الأثر السلبي على سمعة مصر التي تأثرت كدولة سياحية، فكان اختيار العادلي وزيرًا على أساس الخبرة والحكم الرشيد والانضباط والعدل، ليجنب البلاد المزيد من الأخطار، بعد أن كنا في فزع حتى جاء العادلي وكان شغله لشاغل أن يعيد الأمن للبلاد فارتفعت معدلات النمو السياحي والاقتصادي والاجتماعي، فالعادلي له حنكة وعقل، وسماته الشخصية هي الدقة والتفاني والحرص على عمله، فواجه الإرهاب الدموي بالفكر وساعده في ذلك خلفيته الأمنية. وقال الدفاع: أحد اللواءات المقربين من العادلي أكد لي أنه بسبب المراجعات الدينية داخل السجون، خرج آلاف السجناء بعد تصحيح أفكارهم المتشددة، فحقق العادلي إنجازات كبيرة في مكافحة الجريمة والإرهاب، بتطويره منظومة السجون وجعلها آدمية ومراعاة أسر السجناء وتحقيق طفرة في مجال الأمن العام ومواجهة مخاطر المخدرات. وطلب عصام البطاوي، محامي اللواء حبيب العادلي، من المحكمة إجراء المعاينة على الطبيعة لكل الأماكن التي ذكرت في قائمة أدلة الثبوت عن حدوث وفاة أو إصابة، وفقا للجرائم المنسوبة إلى المتهمين، دافعًا باستحالة حدوث الواقعة، كما طلب التحقيق في عدة وقائع تتعلق بالقتل والإصابة خصوصا أن بعض الحالات التي وجدت في مستشفى المركز الطبي العالمي غير معلوم كيف وصلت إلى هناك وادعى أقارب المتوفين حدوث الوفاة في ميدان التحرير. وأشار الدفاع على تكليف وزير الداخلية الحالي بإجراء التحريات عن بعض حالات الوفاة المدرجة في قائمة أدلة الثبوت بعد أن ادعى أقارب المتوفين مقتل ذويهم جراء اعتداء قوات الشرطة عليهم بالرصاص في الشارع، قائلا إن الحقيقة غير ذلك، مستشهدا بحادثة المجني عليه فرغلي على فرغلي الذي ادعى ابنه أحمد وفاته في شارع شبرا برصاص الشرطة، والحقيقة أنه توفى جراء اعتداء أحد الأشخاص عليه بفرد خرطوش، في شارع مدرسة الزهراء بالساحل، يوم 29 يناير 2011، وتعددت حالات الوفاة الجنائية التي تم نسبها لرجال الشرطة والعادلي. كما طالب الدفاع استبعاد المتوفين والمصابين في المحافظات الصادر فيها أحكام بالبراءة ضد المتهمين في أقسام ومراكز الشرطة، في محافظاتالإسكندرية ودمياط وبورسعيد والدقهلية وبني سويف والقليوبية والشرقية والغربية، وقدم للمحكمة صورا ضوئية بهذه الأحكام، وطلب ضم صورة رسمية من القضايا الخاصة بمنظمات المجتمع المدني واقتحام السجون والتخابر لكونها تشكل في بعضها اتهامات لآخرين خلاف المتهمين في تلك القضية، حيث وجدت عناصر أجنبية تأمرت على مصر في الداخل والخارج قبل وفي أثناء وبعد 25 يناير، وقدم للمحكمة صورا من أوامر الإحالة في تلك القضايا. كما طلب البطاوي استدعاء كل مديري الأمن في المحافظات خلال الثورة لمناقشتهم عن الاوامر الصادر إليهم من رؤسائهم في التعامل مع المظاهرات وإجراء تحقيق مستقل من جانب المحكمة واستدعاء المسئولين لمناقشتهم عن كيفية سرقة السيارات الدبلوماسية من السفار الأمريكية مع استحالة حدوث ذلك من الناحية الفعلية كونها تعمل بأكواد ومفاتيح يصعب سرقتها أو تشغيل السيارة بدونها، واتهم عملاء تابعين للسفار بالهروب بتلك السيارات ودهس المتظاهرين بالقصد لإحراج النظام وإشعال الثورة ضده. وقال الدفاع إن حبيب العادلي جاء في فترة كثرت فيها حوادث الإرهاب وآخرها حادث الأقصر مما أثر على الاقتصاد المصري وقطاع السياحة لفترة طويلة والأحوال الاجتماعية في البلاد، إلا أن هذا الإرهاب انقرض بفضل مجهوداته وتفانيه في العمل، وعاد الاقتصاد والسياحة ورجال الأعمال لنشاطهم الطبيعي، بفضل إنجازات العادلي في تطوير وزارة الداخلية ومنع العنف داخل السجون، وتحسين معيشة النزلاء، ورفع كفاءة رجال الشرطة من ضباط وأفراد وجنود. وأضاف الدفاع أن موكله أجرى مصالحات فكرية مع الكثيرين من المتشددين في السجون، وأرجع البعض منهم عن الفكر الديني المتشدد والعنف. وتطرق الدفاع إلى تقرير لجنة الخبراء بوزارة الدفاع ولجنة الأسلحة والذخيرة مشيدا ببعض البنود الواردة فيها وقدم مذكرات بالطعن على العديد من بنودها الأخرى، ونفى الدفاع ما ورد بمرافعات النيابة العامة والوقائع التي استشهدت بها للتدليل على صدور أوامر بخروج السلاح والذخيرة الحية مع الضباط والأفراد والجنود للاعتداء على المتظاهرين وأكد على خروج السلاح والذخيرة مساء يوم 28 يناير للضباط لتأمين قطاعات الأمن المركزي من الداخل ضد المعتدين على هذه ا لقطاعات "خدمة تأمين أسوار القطاعات". وأشار الدفاع إلى أن ذلك ثبت من خلال الاطلاع على الدفاتر والتحقيقات التي أجريت مع الضباط بمعرفة النيابة العامة وعودة السلاح والذخيرة للمخازن مرة أخرى. وطالب الدفاع ببراءة حبيب العادلي مستندا إلى القصور في التحقيقات التي أجرتها النيابة العامة لسؤال الفاعلين الأصليين "الشركاء بالاتفاق" واعتبارهم شهود إثبات، وعدم ذكر أسمائهم في قوائم الشهود وأدلة الثبوت، كما دفع بوجود خطأ في إسناد تهمة الاشتراك بطريق التحريض والمساعدة إلى موكله لخلو الأوراق من أي دليل قاطع على الاتهام، وانتفاء الركن المادي في الجريمة. وأضاف الدفاع أن هناك أقوالا لشهود من الضباط والقادة المرؤوسين الموجودين على مسرح الجريمة بأنهم لم يصدر أمر أو تعليمات شفوية أو كتابية من المتهم حبيب العادلي، بإطلاق ذخيرة حية على المتظاهرين أو المتجمهرين من البلطجية الخارجين عن القانون، وأن الأوامر والتعليمات اقتصرت على ضبط النفس لأقصى درجة واستخدام العصا والخوذة والدرع والقنابل المسيلة للدموع لفض المظاهرات. ودفع البطاوي بانتفاء مسئولية وزير الداخلية الأسبق عن جريمة الاشتراك بالتحريض لعدم توافر شرط جوهري وهو عدم توجيه التحريض إلى شخص أو أشخاص معينة، كما دفع بتوافر حالة الدفاع الشرعي لضباط الشرطة والقادة المرؤوسين الموجودين على مسرح الجريمة عن النفس والمال العام وهي الوسيلة الوحيدة لدفع الاعتداء، كما دفع بعدم توافر المساعدة كوسيلة من وسائل الاشتراك في جريمة القتل العمد مع سبق صدور تعليمات جازمة بمنع خروج السلاح والذخيرة لمساعديه ومن مساعديه لمرؤوسيهم، كما دفع بانتفاء القصد الجنائي لجريمة الاشتراك بطريق التحريض والمساعدة. كما دفع المحامي بانتفاء ركن الخطأ في جريمة إلحاق ضرر جسيم بأموال ومصالح الدولة والجهة التي يعمل بها، نافيا اتخاذه قرارات تتسم بالرعونة وسوء التقدير، لأن التعليمات كانت تتمثل في تأمين المنشآت العامة وأن المراكز والأقسام والمديريات والسجون لها نظام ثابت في التأمين ولم يصدر لها أمرًا بإخلائها أو تفريغها أو منع الدفاع عنها، وخلو الأوراق والمستندات من ثمة تعليمات منسوبة إلى المتهم الخامس أو حتى شواهد كدليل قاطع تطمأن إليها المحكمة لارتكابه ركن الخطأ. وقال الدفاع إنه يدفع بإهدار الدليل المستمد من اطلاع النيابة العامة على دفاتر السلاح الخاص بالأمن المركزي، وتفريعها لمضمونها بالتحقيقات، وذلك لمخالفة ما أفرغته النيابة العامة بالتحقيقات عما هو ثابت بتلك الدفاتر المحرزة. ودفع المحامي ببطلان التحقيقات التي أجريت من جانب ما يسمى بنيابة الثورة بناء على قرار باطل من نائب عام معين على خلاف القانون لكونها ليست تحقيقات تكميلية، وإنما الهدف منها إدانة المتهمين والوصول إلى اصطناع شهادات إدانة مما يحيد بها عن الصدق الذي هو من مهام النيابة العامة. مصدر الخبر : البوابة نيوز