استنكر عدد كبير من الفنانين والنقاد إقامة دعاوى قضائية ضد المبدعين في الوسط الفني بأثر رجعي، معربين عن استيائهم من أصحاب تلك الدعاوى التى تهدف للنيل من مجموعة كبيرة من النجوم الذين أثروا الحياة الفنية بالعديد من الأعمال الناجحة. وصف الكاتب والسيناريست الكبير يسري الجندي إقامة مثل هذه الدعاوى ب "مصيبة "أو كارثة لا يطيقها الإبداع المصري، مبديًا رفضه لاستهداف تاريخ أي فنان أو أي مبدع. وقال "إنه حتى في حالة وجود استجابة وقتية من قبل البعض لاستهداف بعض المبدعين في الوسط الفني، فإن المجتمع المصري سيلفظ بطبيعة تكوينه وازدياد وعيه جميع محاولات النيل منهم، خاصة في حال استرداد الواقع حالته الطبيعية، وبصفة خاصة واقعه الثقافي الوسطي المعتدل". وأضاف أنه لا ينبغي على الفنانين أن ينزعجوا من إقامة مثل تلك الدعاوى القضائية، خاصة أنها كانت أمرًا متوقعًا وليس مفاجئًا، مطالبًا إياهم في الوقت ذاته بالسعي إلى صناعة فن حقيقي بعد أن سعى النظام البائد بطريقة مقصودة إلى تهميش رسالة المثقفين والفنانين والمبدعين. من جانبه، أبدى الفنان الكبير محمود ياسين استياءه من محاولات النيل والتشكيك في رموز المبدعين الذين أسهموا في دعم وجدان وفكر العديد من الأجيال المصرية والعربية بدرجة كبيرة من اليقين والقوة، والذين أثروا الحياة الفنية ما جعلهم يحتلون مكانة كبيرة في عقل ووجدان الملايين. ورأى أن إقامة دعاوى قضائية أمر يحسب على أصحابها أنفسهم ولا يحسب لهم، مؤكدًا رفضه من استهداف المبدعين، واصفًا تلك الدعاوى بأنها "إثارة غير معقولة" وخارج نطاق العقل وأنها أمر مثير للدهشة. وتساءل ياسين على أي أساس يتم مراجعة الفكر الإنساني وأعمال فنية صارت ملكًا للفكر والوجدان عبر الزمن بأثر رجعي؟، وهل يعقل تجمد الفكر الإنساني وإعادة إحيائه مرة أخرى بعد سنوات؟ مضيفًا "أين كان أصحاب تلك الدعاوى خلال الفترات الطويلة الماضية، ولماذا غابوا كل تلك السنوات السابقة، مشيرا إلى أن إثارة هذا الموضوع أمر شديد السلبية، رافضًا محاولات تشويه صورة أي مبدع بأي طريقة". قال الناقد السينمائي نادر عدلي "إن صناعة السينما المصرية تمر بأسوأ ظروف ممكنة نتيجة ضعف التمويل وتراجع الإيرادات ومعاناة أدوات الصناعة المتمثلة في الاستوديوهات والمعامل من خسائر فادحة، مشيرًا إلى أنه كان من المتصور أن يشهد الوسط الفني حالة انتعاش تدريجية، غير أن الدعاوى القضائية الأخيرة والمقامة لاستهداف الرموز والمبدعين أدى إلى وجود تخوف شديد"، وتساءل هل يسعى بعض المحامين المنتمين للإسلاميين اليوم إلى تحقيق شهرة وإثبات الذات كدعوة منهم للتأكيد على أنهم أصحاب قيم وأخلاقيات، معربًا عن اعتقاده بأن الأمر يبدو وكأنه تربص للفن من قبل التيارات الإسلامية. وأشار عدلي إلى أنه سبق وأن صرح بعض رموز التيار السلفي ومن بينهم عبد المنعم الشحات بتصريحات مثيرة للجدل الأمر الذي دفع الفنانين والمبدعين إلى تشكيل جبهة الإبداع ومطالبتها بضرورة أن يكون لها تمثيل في اللجنة المنوطة بتشكيل الدستور لضمان حرية الإبداع بما لا يتعارض مع الشريعة، لافتًا إلى أن وثيقة الأزهر قد نوهت بوضوح بضرورة حرية الفن والإبداع من أجل مستقبل مجتمع أفضل. وأضاف أن الأمر يبدو أنه صراع، ويبقى السؤال هل سيتم تحرير الفنون والآداب والإبداع من الدعوات التي تطلق لتقييدها ثم يتراجع أصحابها عنها ليكون لها دور في تنمية المجتمع. لافتًا إلى أنه تم اختيار اسم الفنان عادل إمام لإقامة دعاوى قضائية ضده عن قصد لإثارة الزوبعة التي نراها حاليًا. وتساءل عدلي هل من الممكن أن تتراجع مصر بعد ماحققته في الفن والإبداع إلي العصور الوسطى؟ معربًا عن اعتقاده باستحالة حدوث هذا المشهد أو قبول المصريين بفرض قيود على المبدعين، خاصة بعد اندلاع الثورة للتحرر من قبضة النظام البائد. ومن جهته، وصف الفنان أحمد بدير إقامة تلك الدعاوى القضائية بأنها "فرقعة إعلامية" تحدث بين الحين والآخر، مؤكدًا أنها لن تشكل أو تثير أية مخاوف للفن أو الإبداع. وأعرب عن اعتقاده بعدم سعي أي حزب وخاصة "الحرية والعدالة" - الذي وصفه بأنه حزب متفتح - أو أي تيار آخر للحد من حرية المبدعين طالما كان الفن والإبداع في الأطر السليمة بعيدًا عن الإسفاف.